في لحظة كان يفترض أن تكون الأجمل في حياته، اختفى الشاب "عباس محمد عبدالله الأشول" قبل يوم واحد فقط من زفافه، ليُفتح فصلٌ مأساوي غامض في صنعاء، تداخل فيه الفرح المنتظر مع الحيرة والخوف.
الأربعاء، 11 يونيو، كان يوماً حاسماً بالنسبة لعباس، الشاب العشريني القادم من منطقة "خودان" بمديرية يريم شمال شرق محافظة إب، حيث أكمل تجهيزاته، جهّز صالة الفرح، وجه الدعوات، واستعد ليومٍ طالما انتظره طويلاً، لكن صباح ذلك اليوم، خرج من مكان إقامته في صنعاء، ولم يعد.
مرت الساعات ثقيلة، وحاولت الأسرة التكتم، لعلّ الأمر مجرد تأخير مؤقت أو سوء تفاهم، لكن مع مرور الوقت، وتحديداً مع شروق شمس يوم العرس، تحوّلت الشكوك إلى يقين: عباس مختفٍ، والزفاف أُلغي.
عنصر حوثي متهم
بحسب مصادر متعددة، فإن آخر من شوهد برفقة عباس كان شخصاً يُدعى "عبدالجبار الأخضري"، أحد عناصر قوات النجدة التابعة لمليشيا الحوثي، حيث حضر الأخير كوسيط لحل خلاف بسيط نشب بين عباس وعائلة العروس. لكن ما حدث بعد اللقاء يفتح الباب لتساؤلات كثيرة. في صباح ذلك اليوم غادر عباس منزله لمقابلة الأخضري، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره، لا أثر له، ولا اتصال، ولا حتى مؤشرات تُفسر غيابه المفاجئ.
بين الأمل والخوف
طيلة الأيام التي تلت الحادثة، بحثت أسرة عباس في أقسام الشرطة والسجون السرية ومراكز الاحتجاز التابعة للحوثيين، دون نتيجة، حتى اللحظة، لم يظهر أي دليل ملموس يكشف عن مصيره أو الجهة التي تقف وراء اختفائه.
رغم صدمة حادث الاختفاء، لا تزال الأسرة تتجنب التصعيد الإعلامي المباشر، متمسكة ببصيص أمل بعودة ابنها سالماً، لكن الصمت لم يمنع تسرب تفاصيل الحادثة إلى الرأي العام، الذي بدأ يتفاعل معها باعتبارها قضية رأي عام ذات طابع إنساني وأمني في آنٍ.
ومنذ انتشار الخبر، تصاعدت المطالبات بكشف مصير عباس، ومحاسبة كل من له علاقة بإخفائه، وقال الكثير من المتفاعلين إن هذه الحادثة تجاوزت كونها حادثة فردية، وأصبحت مثالاً على هشاشة الوضع الأمني في مختلف مناطق سيطرة الحوثيين.
زفاف مؤجل... إلى أجلٍ مجهول
في الوقت الذي كان من المفترض أن يُزف فيه عباس إلى عروسه، كانت صالة الفرح مغلقة، ومقاعد الضيوف فارغة، وقلوب الأسرة مثقلة بأسئلة لا تجد إجابة.
الحكاية لم تنتهِ بعد، ولا تزال تبحث عن نهاية، أو على الأقل، عن بداية خيط يُعيد العريس المفقود إلى أحضان عائلته، ويضع حداً لفصلٍ مؤلم بدأ في لحظة كان يُفترض أن تكون الأكثر بهجة في حياة عباس وأسسرته.