أخبار محلية

تسجيل 1822 حالة اشتباه.. تعز تواجه خطر تفسي الكوليرا بالإضافة لشح المياه

المصدر
فيصل قاسم

تشهد مدينة تعز موجة جديدة من تفشي الكوليرا والإسهالات المائية الحادة، مع تسجيل ازدياد ملحوظ في أعداد الإصابات والوفيات منذ مطلع العام الجاري. ورغم التحذيرات الصحية والجهود المبذولة لمكافحة الوباء، إلا أن الأزمة تتفاقم في ظل انعدام المياه النظيفة، وتدني مستوى الوعي المجتمعي، مما ينذر بتكرار كارثة العام الماضي.

"الأرقام مقلقة... نحن نسجل حتى اليوم أكثر من 1822 حالة مشتبه بها، بينها 119 حالة مؤكدة مختبريًا، وخمس حالات وفاة"، يقول ياسين عبدالملك، مدير الترصيد الوبائي بمكتب الصحة في تعز.

ويضيف: "رغم وجود خطة طوارئ، وفرق استجابة سريعة تعمل ليل نهار في جميع المديريات، إلا أن شح المياه النظيفة يجعل من مهمة مكافحة الوباء أمرًا بالغ الصعوبة".

تيسير السامعي، نائب مدير مكتب الصحة، حذر هو الآخر من أن "الوضع قد ينفلت... المرض عاد بقوة منذ مايو، رغم أنه خلال الأشهر الأولى من 2025 لم نسجل أي حالة مؤكدة... اليوم نحن أمام موجة جديدة قد تكون شبيهة بما شهدناه في 2024، حينما تجاوزت الإصابات 9 آلاف حالة".

بينما يتحدث الأطباء عن انتشار المرض، يعيش المواطنون بين الخوف وقلة الحيلة. أم محمد، ربة منزل في حي الروضة، تروي معاناتها: "ابني الصغير أُصيب بإسهال حاد وقيء متواصل... اضطررنا لنقله إلى مستشفى الجمهوري... نحن لا نجد ماءً نظيفًا في المنزل، نشتريه بالدين، وأحيانًا نستخدم مياه خزانات مكشوفة، ما باليد حيلة".

الأمر ذاته يؤكده المواطن أمين عبدالحكيم، الذي يتلقى العلاج في أحد مراكز العزل: "ما نملكه من ماء لا يكفي للشرب والغسل... مع ارتفاع الأسعار، أصبح من المستحيل شراء كميات تكفي لتعقيم الطعام وغسل الأيدي".

في الوقت الذي تعمل فيه السلطات الصحية على تخصيص مراكز طبية لاستقبال الحالات — كمستشفى الجمهوري ومستشفى 22 مايو — وتكثف حملات التوعية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، يواجه السكان واقعًا صعبًا يتطلب حلولًا أكثر جذرية.

"لا يكفي أن نطلب من الناس غسل أيديهم وتعقيم المياه... ماذا يفعل المواطن عندما لا تتوفر له المياه أصلًا؟"، يقول عبدالملك لــ المصدر أونلاين ويضيف: "نحن نلاحظ أن العادات الغذائية الخاطئة، مثل شراء الأطعمة المكشوفة أو عدم غسل الفواكه جيدًا، تُضاعف من فرص الإصابة، لكن ذلك كله مرتبط بوضع اقتصادي وإنساني صعب".

وفيما يرى السامعي أن الرهان اليوم يجب أن يكون على تعزيز وعي المواطنين، إلا أنه يعترف بأن جهود التوعية وحدها لا تكفي دون توفير البنية التحتية الأساسية: "نحن بحاجة إلى تحرك عاجل لتحسين إمدادات المياه... فالكوليرا مرض مرتبط بالنظافة، وهذا حق أساسي يجب أن يكون متاحًا لكل أسرة في تعز".

ومع استمرار تسجيل حالات جديدة يوميًا، يبقى سكان المدينة في سباق مع الزمن... بين غياب الماء وخطر المرض، وبين الأمل في تحرك الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية قبل أن يتكرر سيناريو العام الماضي الذي لا يزال حاضرًا في أذهان الجميع.