أخبار محلية

بدأت مشوارها بإحياء حفلة في قصر نجل الإمام.. تقية الطويلية أقدم الأصوات الفنية النسائية اليمنية تغادر الحياة

المصدر
فيصل قاسم

توفيت الفنانة اليمنية تقية الطويلية، اليوم الإثنين، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد حضور فني حققته خلال العقود الأولى من عمر الجمهورية، عاصرت خلالها أجيالاً متعاقبة وحقباً متغيّرة في تاريخ اليمن.

ونعى عشرات اليمنيين، وفاة الفنانة الطويلية، كما قدّم مهتمون بالفن تعازيهم، مشيدين بما قدمته للفن والتراث اليمني.

وأعلن المصور والفنان عبدالرحمن الغابري في منشور عبر صفحته على فيسبوك، وفاة الفنانة تقية واصفاً الحدث بفقدان اهم رواد الغناء النسائي اليمني.

ولدت تقية الطويلية في أحد احياء صنعاء القديمة لعائلة بسيطة وشقت طريقها الى الفن في عمر الثانية عشرة، عندما غنت لأول مرة خلسة من اخيها في الديوان النسائي بمنزل "علي" نجل الامام يحيى حميد الدين.

ولم تكن والدة الفنانة مؤمنة بموهبة ابنتها حيث تحكي تقية في حوار متلفز بثته قناة السعيدة، كيف أنها حين استدعيت للغناء في قصر نجل الإمام قالت لها والدتها "كيف باتغني؟! صوتك مش حلو".

غنت تقية واستخدمت طبق طعام "الصحن" كآلة موسيقية مرافقة، وكانت تلك أول تجربة أداء ناجحة ومثمرة بالنسبة لها.

وعندما جاء شقيقها يسال والدته عن أخته قالت له إنها في بيت خالتها، تواصل تقية: "ما سطيتش امي تقول له إنني كنت أغني في بيت الإمام، لأن أخي لو عرف عايعمل لي مشكلة".

كان شقيق الفنانة تقية مثل غالبية اليمنيين آنذاك الذين يرون مهنة الغناء بالنسبة للفتيات عيب لا ينبغي التسامح معه.

لم يكن طريق الفنانة تقية سهلاً وحسب بل كان محفوفاً بالمخاطر وسبباً لوصمة تلحق العائلة بأكملها وباعث على التندر، وكاد شغفها بالفن أن يودي بحياتها.

ذات يوم ذهبت للغناء في حفلة زفاف بالقرب من منزل الفنان الراحل محمد حمود الحارثي الذي سمع صوتها وقال: هذا الصوت له مستقبل.

وفي اول لقاء لها بالحارثي قال لها: ما رأيك نسجل لك اسطوانات وتغني وتصبحي فنانة مشهورة؟

تقول تقية فرحت بهذا، ولكنني اشترطت ان لا يخرج صوتي للشارع او أن يسمعه شقيقي خوفاً منه.

قبل التسجيل فاوضها احمد عبداالله الدالي مالك تسجيلات الشرق الاوسط في صنعاء على تسجل الاسطوانه مقابل قطعة أرض، ولكنها رفضت وقالت انها تريد المال.

تواصل: سجلت أول اسطوانه بعنوان "لا تسالوني كيف حالي اليوم، والله يا عيني ما ذاقت النوم".

بعد فترة دس أحدهم السم للفنانة تقية في الماء بسبب نشاطها الفني وتم نقلها إلى المستشفى، وكانت المفارقة أنها سمعت البومها الاول على متن مسجلة سيارة الإسعاف وهي في طريقها إلى المستشفى عقب تعرضها للتسمم.

عاشت الفنانة الشعبية تقية الطويلية بما يكفي لترى اعمالها تزدهر وسط حب الناس، ورحلت بسلام بعد أن ملأت الساحة فرحاً وطرباً وشقت الطريق للعشرات من الفنانات اليمنيات اللواتي سيتذكرنها بفخر كونها ساهمت في كسر الحاجز الأكبر نحو تحقيق الحلم.

ورثى اليمنيون رحيل الفنانة بمزيج من الحزن والفخر، وقال عبدالرحمن الغابري وهو مصور وعضو في فرقة الانشاد اليمنية في منشور على صفحته بموقع فيسبوك: الفنانة تقية أحد أهم رواد الغناء النسائي اليمني، ناضلت لتكون من أهم مطربات اليمن بل من اوائل المطربات، فقد تعرضت للموت مرارا بسبب إصرارها على ممارسة الغناء في ظروف مجتمعية غاية في التعقيد والانغلاق.

وقال الصحفي حسن الفقية: الرحمة والخلود للفنانة الشعبية تقية الطويلية، ورائدة الفن النسائي اليمني. الطويلية التي واجهت الموت مرارا وكسرت كل القيود، واستمرت في مسيرتها الفنية حتى أصبحت أشهر من نار على علم. الراحلة غنت مع أشهر الفنانين اليمنيين، وغنت في متارس الجمهورية انتصارا للثورة ولأهدافها السامية.