أخبار محلية

عصى ومسبحة وصوت يخنقه الظلام.. أحلام آخر العمر تتلاشى في مدينة عدن!

المصدر
فيصل قاسم

تتكئ هذه السيدة على عصاها الخشبية حاملة ما تبقى من تعب العمر، وكلها رجاء بأن تكون سنواتها الأخيرة أقل كلفة.

تبدد قسوة الأيام بالتسبيح والاستغفار، وحين يخنقها الربو تنفث في حلقها بخة من العلاج الذي تحمله معها.

هذا حال واحدة من سيدات عدن اللواتي خرجن في مظاهرة حاشدة يوم أمس، لا للمطالبة بتمثيل حكومي، أو افتتاح مشاريع ترفيهية، بل من أجل المطالبة بتوفير الكهرباء في مدينة بلغت فيها درجات الحرارة مستويات قياسية لا تطاق.

كهرباء وماء هذا كل ما يطلبه أبناء عدن، ويبدو أن الحكومات المتعاقبة حولت هذه الحقوق إلى أحلام صعبة المنال. والحركات التي رفعت مطالب حقوقية حين انطلاقها، تحولت إلى جزء من منظومة الفساد والفشل وتحاول تمييز نفسها من خلال التفنن في إعادة تدوير ذات الشعارات القديمة التي سئمها سكان المدينة المسالمة.

ومع دخول موسم الحر شهدت المدينة خلال الأيام الماضية احتجاجات واسعة، قطع المحتجون الطرق الرئيسية وأحرقوا الإطارات، وتفاقم السخط الشعبي حتى وصل إلى خروج مظاهرة نسائية أطلقن عليها "ثورة النسوان" مطلبها الرئيسي توفير الكهرباء.

قالت إحدى المشاركات في الاحتجاجات لـ"المصدراونلاين" إن عدن بدون كهرباء تستحيل إلى جحيم، نعيش أكثر من 18 ساعة يومياً بدون مكيفات أو إضاءة، الوضع مأساوي، لم اعش أبداً أسوأ من هذا العام على الإطلاق".

وأدى التدهور في إنتاج الطاقة إلى انهيار خدمات أخرى مثل المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية، لتُصبح من أشد فصول المعاناة التي مرت بها المدينة.

ولطالما عُرفت مدينة عدن بانها كانت نموذج حضاري في الخدمات حيث كانت اول مدينة في شبه الجزيرة ا لعربية عرفت خدمة الكهرباء، بحكم وقوعها تحت الإحتلال البريطاني من وقت مبكر.

ربما يستذكر كبار السن بمرارة كيف أن مدينتهم التي كانت تسبق محيطها في الخدمات قبل نحو 80 عاماً باتت اليوم تستجدي أدنى حقوقها.

ونقلت الجزيرة عن مسؤولين حكوميين قولهم إن السبب الرئيسي في انقطاع الكهرباء يعود إلى تهالك البنية التحتية بالإضافة إلى تراجع الطاقة الإنتاجية، إلى جانب العجز المزمن في توفير الوقود وقطع الغيار اللازمة، وتكاليف التشغيل الباهظة..

وتعتمد مدينة عدن على مزيج من المحطات العاملة بالمازوت والديزل والنفط الخام، إلى جانب حقل للطاقة الشمسية..

ومن أصل 17 محطة توليد، تعمل حاليا 5 فقط، بينما توقفت 12 محطة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود وغياب الصيانة، وفقا لمسؤولين في القطاع.

وتقول الحكومة اليمنية إن كلفة تشغيل الكهرباء في عدن تبلغ نحو 55 مليون دولار شهريا، بينما لا تغطي الإيرادات الشهرية كلفة تشغيل يوم واحد.

وتحتاج عدن إلى نحو 600 ميغاوات يوميا لتلبية الطلب، في حين أن الطاقة التوليدية المتاحة حالياً لا تتجاوز 138 ميغاوات، ما يخلق فجوة كبيرة ويزيد من معاناة السكان..

وفضلاً عن انعدام الخدمات تعيش عدن واقعاً سياسياً منقسم فبينما تعتبر العاصمة المؤقتة ومقراً لإقامة الحكومة الشرعية إلا أنها فعلياً تقع تحت سيطرة قوات المجلس الإنتقالي المتبني لمشروع الإنفصال.

خلق هذا الوضع فشلاً في توفير الخدمات وجعل حضور الحكومة الشرعية التي يقيم معظم وزرائها خارج البلد باهتاً، ووقع الناس ضحايا تقاذف المسؤوليات بين الأطراف التي تتقاسم الفساد وتتقاذف الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل.

المصدر أونلاين