أكد تقرير دولي حديث أن نصف السكان في اليمن يتعرضون لمخاطر التغيرات المناخية مما يزيد من حدة التهديدات القائمة وانعدام الأمن الغذائي وانتشار الفقر في البلاد، ما يفرض اتخاذ إجراءات فورية لمواجهتها وتعزيز القدرة على الصمود.
وقال البنك الدولي (WB) في تقرير "المناخ والتنمية الخاص باليمن"، الذي أصدره مؤخراً: "يتعرض نصف سكان البلاد بالفعل لخطر واحد على الأقل يتصل بالمناخ؛ مثل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة أو موجات الجفاف أو الفيضانات، مع آثار مضاعفة على انعدام الأمن الغذائي والفقر".
وأضاف التقرير الذي حمل عنوان "مواجهة التحديات المناخية في خضم الصراع: مسارات محتملة لمستقبل اليمن"، أن البلاد التي تئن بالفعل تحت وطأة صراع يمتد لعشر سنوات، تواجه مخاطَر متزايدة ناجمة عن تغير المناخ، وما يرتبط بذلك من تأثيراٍت كبيرة على السكان الأكثر احتياجا، وعلى الآفاق الاقتصادية، الأمر الذي "يزيد من حدة التهديدات القائمة، مثل ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي".
وحذر البنك الدولي من تزايد حدة المخاطر المناخية في المستقبل في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية، حيث "يمكن أن ينخفض إجمالي الناتج المحلي السنوي لليمن بمتوسط 3.9% بحلول عام 2040 في ظل السيناريوهات المناخية غير المتفائلة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، كما أن التحديات الصحية المرتبطة بالمناخ ستؤدي إلى فرض تكاليف صحية إضافية بأكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050".
وأشار التقرير إلى أن اليمن تعيش مجموعة متزامنة وغير مسبوقة من الأزمات، والمتمثلة في الصراع وتغير المناخ وارتفاع معدلات الفقر، ما يجعلها بحاجة ماسة للاستثمارات المراعية للمناخ، حتى تتمكن من مواجهة التحديات الملحة المتعلقة بالمياه والزراعة وإدارة مخاطر الكوارث، مع وضع ما تعانيه البلاد من صراع وهشاشة في الاعتبار.
وشدد المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي؛ ستيفان جيمبرت، على أهمية اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة بشأن القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، والتي قال إنها "تُعد مسألة حياة بالنسبة لملايين اليمنيين، ومن خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة المراعية للمناخ، والطاقة المتجددة، يمكن حماية رأس المال البشري، وبناء القدرة على الصمود، ووضع الأسس لمسار نحو التعافي المستدام".
من جهته، أكد المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط؛ خواجة أفتاب أحمد، أهمية الدور الحيوي للقطاع الخاص في مواجهة تحديات التنمية الملحة في اليمن، "ومن شأن تسخير إمكاناته من خلال آليات التمويل المبتكرة وأدوات الضمان وخلق مناخ استثماري مناسب، أن يسهم في تعبئة التمويل الذي يركز على المناخ الذي تحتاجه البلاد بشكل عاجل لبناء مستقبل أكثر مراعاة للبيئة وأكثر قدرة على الصمود".
ويستعرض التقرير الفرص الاستراتيجية لتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، وفتح الآفاق أمام تحقيق النمو المستدام، "فمثلاً، يمكن أن تؤدي الاستثمارات الموجهة لتخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، إلى جانب الاستثمارات في الزراعة المراعية لتغير المناخ، إلى زيادة إنتاجية المحاصيل بنسبة تصل إلى 13.5% في ظل سيناريوهات مناخية متفائلة للفترة من 2041 إلى 2050".
ويؤكد البنك الدولي على أن الوضع في اليمن يتطلب جهوداً حثيثة لبناء السلام، والتزاماٍت كبيرة من جانب المجتمع الدولي، "ففي الوقت الذي يمكن للمساعدات الإنسانية دعم قدرة الأسر على التعامل مع الصدمات المناخية، وبناء قدرة أوسع على الصمود، سيكون تأمين السلام المستدام مطلوبا لإفساح المجال أمام التمويل، واتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء القدرة على الصمود، على المدى الطويل، في مواجهة تغير المناخ".
ويوصي التقرير بضرورة اتخاذ قرارات تتسم بالمرونة والوعي بالمخاطر من أجل تكييف الإجراءات المناخية مع المشهد السياسي غير المستقر في اليمن، وذلك عبر "استثمارات مناخية مصممة خصيصاً استناداً إلى التقدم نحو تحقيق السلام أو نحو المزيد من تصعيد الصراع. وفي ظل سيناريو (السلام والازدهار)، يمكن تنفيذ مستوى أعلى من التكيف مع تغير المناخ، مما يؤدي إلى تحقيق منافع أكبر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي".