أخبار محلية

تحليل: كيف ستتعامل إدارة ترامب مع الحوثيين؟

المصدر

بعد وقتٍ قصير من إعلان، دونالد ترامب، الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، تداول أحد حسابات وسائل التواصل الاجتماعي ادعاءً بأن المتحدث العسكري للحوثيين قد أعلن وقف عملياتهم في البحر الأحمر. وسرعان ما ثبت عدم صحة هذه الادعاءات، حيث لم يصدر الحساب الفعلي للمتحدث بيانًا منذ 3 نوڤمبر/ تشرين الثاني. و على العكس من ذلك، أدلى زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، ببيانٍ بعد أيام فقط من الانتخابات ينتقد فيه الإدارة القادمة ويرفض احتمال أن يتمكن ترامب من إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما هدد بمواصلة الهجمات في البحر الأحمر. وقد دفع هذا الكثير من الناس للتساؤل عن كيفية رد إدارة ترامب بالضبط على المتمردين المدعومين من إيران والذين تطوروا من ميليشيا محلية إلى قوة قادرة على تعطيل حركة الملاحة البحرية العالمية وضرب الأراضي الإسرائيلية في غضون سنوات.   وأشار بعض المحللين إلى تصريحات ترامب التي تنتقد ضربات إدارة بايدن خلال الحملة الانتخابية والرغبة في تجنب التورط في ما يسمى "الحروب الأبدية" للقول بأن الإدارة الجديدة ستتخذ نهجاً أكثر ليونة تجاه المتمردين اليمنيين. ومع ذلك، فقد توسع الاهتمام العالمي بالحوثيين منذ أن تولى ترامب منصبه آخر مرة.  ويدعي الحوثيون أنهم استهدفوا 202 سفينة منذ بدء حملتهم البحرية واستهدفوا الأراضي الإسرائيلية بالصواريخ.  وكانت حملتهم البحرية مكثفة للغاية لدرجة أن شركة ميرسك، أكبر شركة شحن للحاويات في العالم، ذكرت في سبتمبر / أيلول أن حركة النقل البحري عبر قناة السويس انخفضت بنسبة 66% على مدار عام مع إعادة توجيه الشركات لتجنب هجمات الحوثيين. و إذا استمرت الهجمات، فقد يعني ذلك انقطاعاتٍ طويلة الأمد وارتفاع تكاليف الشحن حيث تختار شركات الشحن عمليات عبور أطول أو تدفع رسومًا مقابل المرور الآمن عبر الممرات المائية، مما قد يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد ونقل التكاليف إلى المستهلكين. وبصرف النظر عن الهجمات نفسها، هناك مخاوف متزايدة من أن الحوثيين لديهم علاقاتٍ مع جهات فاعلة عالمية أخرى مثل الصين وروسيا، والتي يُقال إنها تُجري مفاوضات مع إيران لتزويد الجماعة بصواريخ متقدمة مضادة للسفن. وفي الوقت نفسه، قامت المجموعة بتوسيع عملياتها في جميع أنحاء المنطقة مع تقارير تُفيد بأنها تعمل في سوريا وتتعاون مع حركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة. و حتى قبل أن يشكل الحوثيون تهديدًا كبيرًا لحركة الملاحة البحرية الدولية والحليف الأكبر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هاجمت إدارة ترامب المتمردين بشدة. فعلى مدار السنوات الأربع التي قضاها في منصبه، قدم ترامب دعمًا عسكريًا كبيرًا للمملكة العربية السعودية، التي كانت لا تزال تقوم بعملياتٍ في الأراضي اليمنية، بما في ذلك المعدات العسكرية المتقدمة مثل أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة والقنابل من خلال العديد من اتفاقيات الأسلحة الكبيرة، بما في ذلك صفقة بقيمة 110 مليارات دولار و حزمة الأسلحة في عام 2017. كما قام أيضًا بتعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية والمساعدة اللوجستية والتزود بالوقود الجوي للعمليات العسكرية السعودية والإماراتية. و قبل فترة وجيزة من ترك منصبه، وصف الجماعة بأول تصنيف لها على الإطلاق كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) وقام بتسمية ثلاثة من كبار قادة المنظمة -عبد الملك الحوثي، وعبد الخالق بدر الدين الحوثي، و عبد الله يحيى الحكيم- كإرهابيين عالميين محددين بشكلٍ خاص. وبالتالي، يمكننا أن نتوقع أن يلتزم ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، حيث ألغت إدارة بايدن التصنيف فور دخولها السلطة بسبب مخاوف بشأن عواقبها الإنسانية (أعاد بايدن إدراج الحوثيين على أنهم "إرهابيون عالميون مصنفون بشكل خاص" في يناير/كانون الثاني 2024).  و على الرغم من أن إعادة تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية سيكون لها تأثير محدود على الحوثيين بسبب علاقاتهم المالية الهزيلة مع الغرب، إلا أن إدارة ترامب ترى أن التصنيف رمز لعزمهم ضد سلوك الجماعة. و شارك اختيار ترامب لوزير الخارجية، السيناتور ماركو روبيو (جمهوري من فلوريدا)، في صياغة رسالة من الحزبين في وقتٍ سابق من هذا الشهر إلى الوزير (أنتوني بلينكن) يدعو فيها إدارة بايدن إلى إعادة تصنيف الحوثيين. وبالمثل، قاد اختياره لمنصب مستشار الأمن القومي، عضو الكونجرس مايكل والتز (جمهوري من فلوريدا)، جهدًا مماثلًا في نوڤمبر/ تشرين الثاني 2023. وبينما من المرجح أن يتجنب ترامب نشر قواتٍ أمريكية على الأرض في اليمن، يمكننا أن نرى إدارته تستخدم مجموعة من الضربات على قادة الحوثيين رفيعي المستوى والمواقع العسكرية لإضعاف الجماعة. و في الواقع، كتب روبيو نفسه مقالة افتتاحية في مجلة "ناشيونال ريڤيو" انتقد فيها إحجام الرئيس بايدن عن السماح بشنِّ ضربات ضد القيادة العليا للحوثيين ومستودعات الأسلحة، مُدعيًا أن الإدارة وافقت فقط على الضربات على مواقع إطلاق الطائرات المُسيّرة ومستودعات الأسلحة الفارغة. وفي نفس المقال، أدان أيضًا رفض إدارة بايدن تسليح الحلفاء في المنطقة الذين يقاتلون الحوثيين، مؤكدًا أن إدارة ترامب من المرجح أن توسع دعمها للجهات الفاعلة الإقليمية التي تقاتل الجماعة. ويمكن أن يشمل ذلك الدعم العسكري والاستخباراتي واللوجستي للإسرائيليين في ضرباتهم على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، أو الدعم العسكري المعزز للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إذا قررتا استئناف العمليات في الأراضي اليمنية، أو المساعدة في الحكم والمساعدة العسكرية للمحليين، والقوات اليمنية المتحالفة مع المجلس القيادي الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي. وفي حين كان يتم التعامل مع اليمن في كثيرٍ من الأحيان على أنه أولوية منخفضة في الماضي، فإن الدور الجديد للحوثيين في قيادة العمليات الإيرانية ضد إسرائيل من شأنه أن يضع الجماعة مباشرة في مرمى "صقور إيران". ولكن ربما الأهم من ذلك هو أن تأثير الهجمات البحرية التي تشنّها الجماعة على الاقتصاد العالمي والتعاون المحتمل مع منافسي الولايات المتحدة مثل روسيا والصين سيرفع بالتأكيد القضية في نظر الرئيس ترامب، حتى لو أوقفت الجماعة هجماتها على حركة المرور البحرية والأراضي الإسرائيلية.