أخبار محلية

تقرير: عواصف النزوح.. كيف اجتاحت الأمطار حياة النساء في مخيمات مأرب؟

المصدر

أم محمد الجوفي (36 عامًا) نازحة من محافظة الجوف، شمالي اليمن، استقرت مع عائلتها قبل نحو أربعة أعوام في مخيم "السويدا"، شرقي مدينة مأرب. كانت تعيش مع أطفالها الأربعة في "Canteria" (سكن متنقل) مع عدد من الخيام المخصصة للأطفال والنساء، لكن الأمطار والرياح دمرت كل ما تملك. في العاشر من أغسطس/آب 2024، فقدت "أم محمد" مسكنها جراء العواصف والأمطار والرياح الشديدة التي شهدتها المحافظة النفطية شمال شرق البلاد، والتي أدت إلى اقتلاع الخيام، قبل أن تجتاح مياه الأمطار خيمتها وتصبح مقتنياتها مكشوفة للسماء. أدت الأمطار والعواصف الشديدة التي شهدتها مأرب إلى وفاة تسعة نازحين وإصابة 35 آخرين، وتأثر 19,795 أسرة نازحة في 175 مخيمًا، فيما فقدت 3,450 أسرة مساكنها وممتلكاتها، بحسب تقرير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين (حكومي) في المحافظة. خلال محاولاتها إعادة إصلاح الخيمة وربطها بالحبال، تقول "أم محمد" لمنصة هودج بصوت متألم وخافت: "الرياح والأمطار دمرت مسكننا، أصبحنا بلا مأوى ولا نعرف إلى أين نذهب! أعيش وأطفالي وسط الأمطار والرياح، لا أعرف أن أعمل شيئًا". من جانبها، تقول أم توفيق النهمي (40 عامًا)، بينما كانت تنقل طفلها للعلاج في مستشفى الميل بمخيم "السويدا"، إن "مياه الأمطار اجتاحت مسكنها في المخيم، ما أدى إلى تلف كل الفُرُش والبطانيات وملابس الأطفال"، مضيفة: "كانت المياه غزيرة، وصلت إلى كل مكان في البيت وفقدنا كل شيء". تقول مريم عبدالله، وهي طبيبة نفسية تعمل في مخيم "الصمدا" جنوبي المدينة العريقة، إن "معاناة المرأة في مخيمات النزوح لا تنتهي"، وإن "الأمطار الأخيرة ضاعفت معاناتها، خصوصًا تلك التي فقدت عائلها جراء الحرب"، موضحة أن "المئات من النساء يتحملن مسؤولية توفير المأوى والماء والغذاء للأطفال".   تدخلات بسيطة عقب المنخفض الجوي وما نتج عنه من خراب ودمار في المخيمات الـ175، عملت السلطة المحلية ومعها عدد من المنظمات على تقديم المساعدات وتلبية الاحتياجات، دون أن تلبي الجهود 30% من الاحتياجات الضرورية والأساسية.  تقول "الوحدة التنفيذية" في تقريرها إن نسبة التدخلات العاجلة بلغت 21% فقط من إجمالي احتياجات الأسر المتضررة، ما يعكس نقصًا حادًا في المساعدات. وتؤكد أم توفيق النهمي في حديث لمنصة هودج أنه "حتى اللحظة لم يقدم لنا أحد أي فرش بديلة ولم نستطع شراءها. وعدونا بتقديم المساعدة منذ شهرين ولم يصل شيء"، معبرة عن خشيتها من مواجهة البرد في فصل الشتاء. مسؤول في الوحدة التنفيذية أكد لمنصة هودج أن معظم المنظمات العاملة في مأرب لم تتدخل بشكل عاجل لتلبية احتياجات المتضررين من المنخفض الجوي، مرجعًا السبب إلى "عدم وجود مخزون احتياطي لديها سواء في الغذاء أو الإيواء وغيره". وتؤكد الطبيبة مريم عبدالله أن الأسر النازحة لا تزال بحاجة إلى تدخلات واسعة في مجال الإيواء، خصوصًا مع قرب فصل الشتاء، وفي مجال التغذية، مشددة على ضرورة التوعية بالأمراض البيئية التي تصيب الأطفال والنساء بعد الأمطار الغزيرة. مدير الوحدة التنفيذية للنازحين التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، سيف مثنى، قال في حديثه لمنصة هودج إنه لم يتم تلبية كل احتياجات الأسر المتضررة من الأمطار، موضحًا أن الاستجابة كانت في حدود 21% من نسبة الاحتياج، فيما لا يزال الاحتياج قائمًا والمعالجات مستمرة، حسب قوله.   حلول ومعالجات التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة تعجل بعودة المنخفض الجوي، ما يجعل النازحين عرضة للمخاطر، الأمر الذي يستوجب اتخاذ حلول جذرية تحمي الأسر من الأمطار والرياح. الأمر نفسه طالبت به أم توفيق النهمي، التي أشارت إلى ضرورة حماية المساكن المؤقتة في المخيمات من الأمطار، "نحن لا نعرف وليس لدينا القدرة على بناء أي جدار. أطالب جميع المسؤولين أن ينظروا إلى حالنا". وبحسب مدير وحدة النازحين، فإن "الحلول الجذرية تتمثل في بناء مجمعات سكنية للنازحين، وهذا يتطلب جهودًا كبيرة وتدخلات واسعة من المنظمات الدولية". وأضاف: "اليوم، أكثر من أربعين مخيمًا للنازحين مهدد بالطرد. نحتاج إلى أماكن بديلة. نسعى، بالتعاون مع المنظمات الفاعلة، إلى توفير مساكن قوية تقاوم التغيرات المناخية وغيرها". كما أشار إلى أن "الحلول الممكنة هي نقل النازحين من أماكن مجاري السيول، والبحث عن أماكن محصنة وليست مفتوحة، وهذه من الأسباب التي توفر حماية نسبية لمساكن النازحين، لكن الحلول الجذرية هي مجمعات سكنية قوية". وأوضح في ختام تصريحه، "الشتاء على الأبواب. أطلقنا نداءً عاجلًا لتوفير متطلبات النازحين، ونكرر النداء عبر منصتكم لكل المنظمات المحلية والدولية للتنسيق مع الوحدة التنفيذية وتقديم العون لكل الأسر النازحة في مأرب". ومع أفول الصيف الذي بلغت الحرارة خلاله أكثر من 40 درجة، يحل فصل الشتاء، لتبدأ معه الأسر النازحة، وعلى رأسها المرأة، مواجهة الأجواء الباردة، حيث يتراجع الطقس الحار إلى ما دون الصفر، بفعل الطبيعة الصحراوية شديدة الجفاف والبرودة، ما يتطلب تدخلًا مبكرًا.