انطلقت أعمال القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية، الاثنين، في الرياض، لبحث سبل وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والعمليات العسكرية المتصاعدة في لبنان، وما لها من تداعيات إنسانية، إلى جانب تطورات الأوضاع في المنطقة.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن القمة تنعقد في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، مشدداً على أن المملكة تجدد رفضها القاطع للاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان.
وأضاف ولي العهد السعودي: "تحركنا بشكل مشترك للتأكيد على محورية القضية الفلسطينية وأطلقنا التحالف الدولي من أجل حل الدولتين"، مشدداً على أن المملكة ترفض أيضاً إعاقة عمل الوكالات الإنسانية في غزة، لافتاً إلى أن فلسطين مؤهلة لعضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن مواصلة الجرائم الإسرائيلية تقوض جهود السلطة الفلسطينية، فيما عبر عن إدانة المملكة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان.
"تولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية" ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الدول العربية والإسلامية إلى مطالبة مجلس الأمن والجمعية العامة بتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، "ما لم تلتزم بالقانون الدولي وبتعهداتها الموثقة وتنهي جرائمها ضد الشعب الفلسطيني".
وقال في كلمته: "إن جرائم الاحتلال تتطلب منا جميعاً العمل على تحقيق تنفيذ قرار مجلس الأمن 2735، القاضي بوقف العدوان وتأمين وصول الاحتياجات الإنسانية، وانسحاب الاحتلال من القطاع، ورفض مخططات فصله عن الضفة، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية."
وطالب عباس بدعوة دول العالم "لمراجعة علاقاتها مع دولة الاحتلال وعدم تطبيع علاقاتها معها، أمام عدم التزامها بالقانون الدولي، وارتكاب الإبادة الجماعية، واستهداف الاونروا، وتنفيذ قرار الجمعية العامة الذي يطالب الدول بفرض عقوبات على إسرائيل وتحديد العلاقات معها ويطالبها بإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان خلال عام واحد، وفقاً لفتوى محكمة العدل الدولية".
ودعا الرئيس الفلسطيني القادة المشاركين في القمة "بحماية القدس ودعم صمود أهلها، ومنع المساس بالمسجد الأقصى، والوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة".
وشدد على أهمية دعم التحالف الدولي "لتجسيد دولة فلسطين، وحصولها على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وتطبيق مبادرة السلام العربية، ومواصلة حشد الدعم الدولي لتمكين دولة فلسطين من القيام بمهامها في تعزيز صمود شعبنا، وحماية وحدته الوطنية".
وطالب عباس بالضغط على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن الأموال الفلسطينية، وتوفير شبكة الأمان المالية، وحماية وتعزيز عمل وكالة الأونروا وتمكينها من مواصلة مهامها في فلسطين.
وأكد الرئيس الفلسطيني أن العمل جار على وضع الآليات واللجان والأجهزة اللازمة للحكومة لإدارة قطاع غزة تحت ولاية دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
"المنطقة والعالم على مفترق طرق" وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال كلته، إن "مستقبل المنطقة والعالم أصبح على مفترق طرق"، لافتاً إلى أن "القمة في الرياض تنعقد في ظل وضع إقليمي شديد التعقيد".
وأكد السيسي موقف مصر مجدداً بـ"الوقوف أمام كل المخططات لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير المدنيين أو نقلهم قسرياً من أجل تحويل القطاع غير صالح لحياة، وهو أمر لن نقبل به تحت أي ظرف من الظروف".
وأضاف أن "الشرط الضروري من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وتحقيق الازدهار والتنمية في المنطقة، هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأكد السيسي أن "مصر ملتزمة بشكل كامل لتقديم الدعم إلى اللبنانيين ومؤسسات الدولة، وفي مقدمها الجيش اللبناني"، وأضاف: "سعياً لوقف العدوان والتدمير في لبنان ندعو إلى وقف نار فوري وغير انتقائي تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 1701".
وختم السيسي كلمته بالقول: "مصر تحملت مسئولية إطلاق مسار السلام في المنطقة منذ عقود، وحافظت عليه رغم التحديات، ما زالت متمسكة بالسلام كخيار استراتيجي، ووحيد لمنطقتنا.. وهو السلام القائم على العدل، واستعادة الحقوق المشروعة، والالتزام الكامل بقواعد القانون الدولي"
"لبنان يمر بأزمة تاريخية" وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إن لبنان يمر بأزمة تاريخية غير مسبوقة جراء العدوان الإسرائيلي، داعياً إلى "العالم إلى احترام خصوصية لبنان ومجتمعه التعددي".
وثمن ميقاتي الدور الذي قامت به مختلف الدول لدعم لبنان
"لا سلام مع القتل والتنكيل" بدوره، قال أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إن "سلبية المجتمع الدولي ساعدت إسرائيل في توسعة نطاق الحرب"، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان.
وأضاف أبو الغيط أنه "لا سلام مع القتل والظلم والتنكيل"، مشيراً إلى أن "إسرائيل تريد قتل الأمل بدولة فلسطينية مستقلة"، مؤكداً أن "هناك خطة واضحة لإسرائيل بتدمير المجتمع الفلسطيني في غزة".
وقال أمين عام الجامعة العربية إن "50% من سكان قطاع غزة يعيشون على 10% من مساحتها"، مشدداً على أن "منسوب الخطر بلغ مستوى لا يمكن احتماله، ومطلوب وقف إطلاق النار في لبنان استناداً للقرار الأممي 1701".
وتهدف القمة إلى متابعة نتائج وتوصيات القمة السابقة، ومواصلة جهود وقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، بالإضافة إلى مناقشة استمرار تصعيد العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن القمة أنها تهدف إلى "توحيد المواقف والضغط على المجتمع الدولي للتحرك بجدية لإيقاف الاعتداءات المستمرة وإيجاد حلول مستدامة تضمن الاستقرار والسلام في المنطقة".
"دعم تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية" وكان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه أكد أهمية انعقاد القمة العربية والإسلامية غير العادية "في ظل التصعيد الخطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة واستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي يشمل الحصار والتدمير والتهجير"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وحذّر طه، خلال كلمته في الاجتماع الوزاري التحضيري، "من العواقب الوخيمة لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)"، مشدداً على دورها الحيوي في توفير الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين وكونها شاهداً على التزام المجتمع الدولي ومسؤوليته تجاه قضيتهم.
وأكد أن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاته يشكل تهديداً للسلم والاستقرار الإقليمي"، داعياً إلى "ضرورة مضاعفة الجهود الدولية والفردية لإيقاف الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومنع الاحتلال من توسيع دائرة الحرب وزعزعة استقرار المنطقة".
وطالب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في ختام كلمته، بدعم تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية حول "عدم شرعية الاحتلال وتسريع تحقيق حل الدولتين".
نحو موقف دولي موحد وتأتي هذه القمة، والتي تنعقد بدعوة من السعودية، امتداداً للقمة العربية والإسلامية المشتركة التي استضافتها الرياض في 11 نوفمبر 2023، وشهدت حضور قادة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية.
وعكست القمة الأولى غير العادية استجابة سريعة من السعودية، بصفتها رئيسة القمتين العربية والإسلامية، للأحداث الجارية في قطاع غزة.
وصدرت عن القمة سلسلة قرارات، أبرزها "الإدانة الشاملة للعدوان الإسرائيلي ورفض تبريره تحت أي ذريعة"، كما دعت القمة إلى ضرورة فرض وقف فوري للحرب، مع التأكيد على دعم المجتمع الدولي لهذه الدعوات.
وفي الجانب الإنساني، طالبت القمة بكسر الحصار المفروض على غزة، وفرض إدخال المساعدات الإنسانية العربية والإسلامية والدولية، مع الدعوة إلى وقف توريد الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال في تدمير المنشآت المدنية الفلسطينية.
وقامت القمة السابقة بتشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وعضوية وزراء خارجية فلسطين والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا، وتولت هذه اللجنة بدء تحركات دولية واسعة للتوصل إلى "حلول جادة توقف التصعيد وتحقق السلام الشامل"، وعملت منذ تشكيلها على إجراء جولات دبلوماسية شملت عواصم مؤثرة على المستوى الدولي، لا سيما دول مجلس الأمن الدولي.
وخلال العام الماضي، عملت اللجنة الوزارية على تعزيز الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، وحققت تحولات إيجابية تمثلت في تزايد الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة، حيث بلغ عدد الدول المعترفة حتى الآن 143 دولة، منها تسع دول من مجموعة العشرين.
وساهمت هذه الجهود في اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بقبول فلسطين كعضو كامل الحقوق في مايو الماضي.