أخبار محلية

عدوّ الطلاب.. لماذا يُعدّ مشروع الحوثي كابوساً مدمّراً لجيل الشباب في اليمن؟

المصدر

في حكومتها المعلنة في شهر أغسطس الماضي، دمجت جماعة الحوثي وزارات التعليم الثلاث "التربية والتعليم، التعليم العالي والبحث العلمي، والتعليم الفني والتدريب المهني"، في وزارة واحدة، سمّتها: "وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي"، الأمر الذي يراه مراقبون ضمن مساعي الجماعة لتهميش التعليم الرسمي لصالح التعليم الديني التعبوي الخاص بها.

ومنذ نشأتها في محافظة صعدة، مطلع الألفية، أظهرت الجماعة المدعومة من إيران اهتماماً كبيراً بالتعليم الديني، كوسيلة لاستقطاب المقاتلين، ووسعت نشاطها عقب اجتياح صنعاء في 2014، إذ استولت على المؤسسات التعليمية الرسمية وأطلقت مراكز طائفية وأكسبتها القوة الإلزامية، كما تدشن كل صيف حملة استقطاب للشباب والأطفال تحت مسمى المراكز الصيفية، يطلقها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بنفسه، وحصلت في العام الأخير على نحو 8 مليارات ريال من "هيئة الزكاة".

ودفعت سياسات الحوثيين آلاف الطلبة بعيدا عن مؤسسات التعليم، وتركتهم أرقاماً تضاف إلى سجلات المقاتلين أو المهاجرين أو المرضى النفسيين والمنتحرين، ووفقا لتربويين، فإن الجماعة تعمل بشكل حثيث للقضاء على فرص الشباب وتحويل البلد إلى "غابة" يصمم الجميع فيها أحلامه وفق ما يخدم مشروعها واستراتيجيتها الإيرانية، ساعية لتحويل جيل كامل الى مشروع مقاتلين في سبيل خدمة الحوثي ومشروعه في الحكم.

وتشير التقارير إلى أن الحوثيين جنّدوا أكثر من 10 آلاف طفل بين 2014 و2021، وفقاً للمرصد الأورومتوسطي ومنظمة سام، وقدّرت منظمة "ميون" عدد الأطفال المجندين بين 1 يوليو 2021 و31 ديسمبر 2022 بـ 2233 طفلاً، رغم الهدنة الأممية، وذكرت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير فبراير الماضي، عن نشطاء، أن تجنيد الأطفال ازداد مؤخراً، مع تجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد معظمهم بين 13 و25 عاماً، بينهم مئات، أو آلاف، دون 18 عاماً.

وخلّفت إجراءات الحوثيين، حالة كساد وضعف في الإقبال على الجامعات، الأمر الذي دفعها إلى خفض نسب القبول هذا العام الى مستوى قياسي، ووفقا لمصادر أكاديمية فقد خفضت نسبة القبول في 16 قسماً بكلية التربية في جامعة صنعاء، كبرى جامعات البلاد، بما فيها الأقسام العلمية إلى نحو 50%، إضافة إلى 12 تخصصاً في كلية الآداب.

وتُظهر الأرقام السالفة بعضاً من أثر مشروع الحوثيين المدمر على أحلام آلاف الشباب الذين غادروا التعليم وقد لا يعودون، وفقاً لتقرير اليونيسف 2021 الذي أعرب عن قلقه من عدم عودة الأطفال المنقطعين عن الدراسة. أما مستقبل من يواصلون تعليمهم تحت حكم الحوثي فهو أيضاً في خطر، إذ تعمل الجماعة على غرس منظومة قيم متشبعة بالعنف وكراهية الآخر، ما يحول الطلاب إلى عناصر منغلقة على فكر الجماعة ويرسخ في أذهانهم أنهم جزء من منظومة عسكرية تحت قيادة "السيد".

في المقابل تحرص الجماعة على تعليم نوعي لأبناء قادتها وأتباعها الأشد ولاء وخصوصاً من أبناء السلالة، ورصد محرر المصدر أونلاين، عبر عدد من المصادر، العشرات من الشباب من محافظات حجة وعمران وصنعاء، ممن سافروا مؤخراً للدراسة في إيران، دون تفاصيل عن طبيعة دراستهم حتى الآن.

أما الشباب اليمني، فنتيجة اليأس وانعدام الفرص، يسجّل بشكل يومي لجوء الكثير منهم إلى الهجرة بحثاً عن الرزق، إذ يرون في ذلك بديلاً عن التجنيد وانسداد الأفق الذي خلفته حرب الحوثيين، وقاد كثير من الشباب الى الأزماتالنفسيةوالانتحار، والأخير تشير تقارير دولية إلى ارتفاعه في السنوات الأخيرة، إذ بلغ عدد الوفيات المرتبطة به 1699 حالة في عام 2020، حسب موقع worldlifeexpectancy.

وهنا يتضح التأثير الأوسع لسياسة التجهيل الحوثية التي تفرغ اليمن من طاقاته الشابة وأهم عناصر بنائه وتعافيه وتطوره مستقبلاً، وتعرضه لخطر طويل الأمد.