منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، تتوالى الأزمات التي تركت آثارًا عميقة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. ويعد خريجو الجامعات من بين الفئات الأكثر تضررًا، حيث يواجهون تحديات كبيرة في العثور على فرص عمل تتماشى مع تخصصاتهم، مما يضطر العديد منهم للبقاء عاطلين عن العمل أو العمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم.
في كل عام، تتخرج المئات من طالبات كليات الإعلام في اليمن، ولكن القليل منهن يجدن فرص عمل، في حين تظل العديد منهن بلا عمل أو يتوجهن إلى مجالات أخرى بعيدة عن الصحافة والإعلام. نظرًا لقلة فرص العمل في مجال الإعلام واعتراض الأهل أحيانًا على العمل فيه، اتجهت بعض الخريجات في صنعاء إلى مهنة تصوير الأعراس، بحثًا عن مصدر دخل وحياة مهنية بديلة.
تقول علا الخلقي، خريجة قسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة صنعاء، لـ “المشاهد”: “أثناء دراستي، كنت أطمح لأن أكون إعلامية مؤثرة، ولكن رفض الأهل عملي في هذا المجال أضاع آمالي. فوجدت أن الأقرب للإعلام هو التصوير، لذا اتجهت لتصوير الأعراس لتأمين مصدر دخل وحماية من البطالة.”
وتؤكد الخلقي أهمية اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب ضمن المؤسسات الإعلامية، لتحافظ على صورتها وتجنب السخرية على مستوى الإعلام العربي والدولي، كما تنصح طالبات الإعلام بضرورة الحصول على موافقة الأهل مسبقًا على دراسة الإعلام والعمل فيه بعد التخرج.
تقول فاتن العامري، خريجة قسم العلاقات العامة والإعلان، إن قلة فرص العمل الإعلامي دفعها للعمل في مجال تصوير الأعراس، وهو ما وفر لها مصدر دخل جيد وأكسبها شهرة في هذا المجال. وترى أن العمل في هذا المجال أفضل من البقاء عاطلة عن العمل.
وتحث العامري خريجات الإعلام على اكتساب مهارات عملية مثل المونتاج والتصوير وتحرير الأخبار، بالإضافة إلى التسجيل في معاهد متخصصة وعدم الاعتماد فقط على المناهج الجامعية، لتتمكن الخريجات من تحسين فرصهن في سوق العمل.
منار صلاح، خريجة قسم الصحافة، تقول إنها اختارت تصوير الأعراس كمصدر دخل يساعدها على الاعتماد على نفسها. تضيف صلاح أنها لا زالت تكتب بعض المقالات بين حين وآخر، لكنها لا ترى العمل في الإعلام في اليمن مهنة ذات مردود مالي مستقر.
كفاح وشجاعة
يشير عبده أحمد، أستاذ الاتصال الرقمي والسرد الاستقصائي بجامعة صنعاء، إلى أن خريجات الإعلام بحاجة إلى تطوير مهارات عملية، ككتابة الرسائل الإعلامية وإنتاج المواد بأشكالها المختلفة، والتعامل مع التقنيات الحديثة، بالإضافة إلى التخطيط الإعلامي. ويرى أن توجه الخريجات إلى تصوير الأعراس يعكس كفاحهن وشجاعتهن في مواجهة الظروف الاقتصادية والإنسانية الصعبة، خاصة في ظل استمرار الحرب لعقد كامل.
ويضيف أحمد أن حل مشكلة نقص الوظائف في مجال الإعلام يكمن في تعزيز الشراكات المحلية والدولية بين كلية الإعلام والمؤسسات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني، مما يسهم في استيعاب عدد من خريجي الكلية سنويًا.
وتشير تقارير إلى أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب تسببت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40%، وارتفاع نسبة البطالة إلى 35% من 14% قبل الحرب.
مهارات متنوعة
ويقول جهاد الوهباني، مذيع في صنعاء، إن العمل في المجال الإعلامي يتطلب مهارات متنوعة تختلف من وسيلة إلى أخرى. ويوضح أن العمل الإذاعي يتطلب شخصية ذات صوت مميز وقدرة على التحكم بطبقات الصوت، في حين يتطلب العمل في الوسائل المرئية الاهتمام بالمظهر، وإتقان إدارة البرامج، والقدرة على التواصل مع الجمهور عبر التحكم بالصوت والصورة.
ويقترح أحمد تفعيل قانون الخدمة المدنية والإعلان عن الوظائف الشاغرة سنويًا في مختلف المؤسسات، والتنسيق بين الجامعات والجهات الحكومية لاستيعاب الخريجين الأكفاء. ومن خلال هذه الخطوات، يمكن الحد من البطالة بين خريجي الإعلام وتمكينهم من المساهمة بفعالية في المجال الإعلامي.
المشاهد نت