أخبار محلية

بعد ستة عقود.. ثورة الأجداد مازالت «فتية»

المصدر

“لا أكون في سبتمبر كما أكون في سائر الشهور الميلادية.. دقات قلبي تزداد وتتضاعف، وفي ساعات، في العشر الأواخر منه، لا أحب أن يكلمني أحدٌ أو أكلم أحدًا، أعيشها في محراب الجمهورية”.

هذه الكلمات، جزء من منشور على “فيسبوك” لأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، دكتور علي الحاوري، في احتفائه بالذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر.

ويضيف الحاوري: سبتمبر 1962 هو روح اليمنيين في العصر الحديث، ويوم من أيامهم وسيدها، هو خلاصة ألف عام من نضالهم، هو الهوية والوجود، هو اليوم الأعظم جلالاً وفخامة خلال ألف عام من حياتهم.

معتبرًا إياه يومًا للتحرّر الشامل من القيد، والتحرر مما كان يمنعهم من الاتصال المباشر مع الوجود كله: مع خالقهم، مع العالم، مع بعضهم البعض، حتّى مع قلوبهم وعقولهم، فهو اليوم الذي عرفوا فيه أنفسهم والعالم.

وأشار دكتور الحاوري إلى أن اليمنيين كانوا قد سُلبوا ذاكرتهم فنسوا أنفسهم والعالم، وحين أعاد لهم سبتمبر 1962 ذاكرتهم عرفوا أنفسهم من جديد وعرفوا العالم.

لافتًا إلى أن اليمنيين حينها عرفوا أن لهم عقولًا تفكّر وأقدامًا تسعى وأيادٍٍ تبتكر، وأن بلادهم مكتظّة بالنفائس، وأن لهم تاريخ وهوية.

مختتمًا منشوره: “هو يوم الإحسان الأعظم في تاريخ اليمن، اليوم الذي أحسنت فيه ثلة من اليمنيين إلى جميع اليمنيين بالحرية، التي -لعظمتها وجلالها- لا يدانيها إحسان البتة، وعلى نحوٍ لم يحدث إحسان مثله منذ ألف وثلاثمائة عام من تاريخ اليمن”.

الخروج من الظلمات

بسبب رمزية ثورة 26 سبتمبر؛ يُشكّل الاحتفال بالأعياد الوطنية مناسبة مهمة لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ جذور الانتماء بين مختلف شرائح المجتمع.

حيث تعمل على تنمية روح الولاء والانتماء للوطن، وهو ما يُسهم في تذكير الشباب بما قدّمه الثوار من تضحيات في سبيل حريتهم وبناء وطن يتساوى فيه الجميع.

لذلك، يشير الناشط الحقوقي والسياسي علي هزازي، في حديثه لـ«المشاهد» إلى أن الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر تقليد راسخ انطبع في ذاكرة الشعب اليمني.

واصفًا الثورة بأنها أخرجت اليمنيين من ظلمات الثالوث المخيف الذي فرضه نظام الإمامة إلى رحاب الحرية، ومن غياهب الجهل إلى أنوار المعرفة، ومن قيعان المرض إلى الصحة.

ثورة مازالت حية

يضيف هزازي أن الأهمية الرمزية للاحتفال بثورة 26 سبتمبر بين عموم الشعب اليمني، وبين فئة الشباب خاصة، تكمن في أن إحياء الثورة يعزّز ارتباط الشباب بالوعي بمضامين الثورة ومعرفة رموزها وأهدافها.

وأشار إلى أنه ورغم الفارق الزمني الممتد من الثورة إلى اليوم، إلا أنها لا تزال أهدافها حيّة وتمثل مطلبًا جمعويًا يلتف حوله الناس بمختلف انتماءاتهم السياسية.   الوعي بثورة الأجداد

خلال العشر السنوات الأخيرة تزايدت نسبة الشباب والفتيات الذين تصاعد وعيهم بثورة 26 سبتمبر، وعظمة ما قام به الأجداد والآباء من خلال ثورتهم على الإمامة، وأصبح عديد شباب يقرأون في تاريخ الثورة وإرهاصاتها الفكرية.

يقول صانع المحتوى يحيى السواري، لـ«المشاهد» إن “ثورة 26 سبتمبر تعني لي كل شيء”، مشيرًا إلى أن الأجداد الذين ثاروا ضد الإمامة “عملوا لجيلنا بديل عن العبودية باسم الدين، وهي حجة لنا الآن لنقارع بها من انقلب على جمهوريتنا”.

من جهتها، تقول الناشطة الحقوقية وداد أحمد لـ«المشاهد»: “لم أكن أعلم من قبل -مثلي مثل أبناء وبنات جيلي- أن الاحتفال بثورة 26 سبتمبر يعني إلغاء الملكية –الإمامة– وقيام الجمهورية”.

وتواصل: “سيطرة جماعة الحوثي على الجمهورية قبل عقد من الزمان جعلني أُدرك عظمة ما قام به الأجداد، فقد قاوموا الظلم والاستبداد وثاروا عليهما لنعيش نحن بكرامة وحرية ومساواة”.

بينما توضّح الباحثة صفاء عز أن ثورة 26 سبتمبر “تمثّل لحظة تاريخية ومهمة لنا كشباب، فالهدف منها هو تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.

وأوضحت لـ«المشاهد» أن الثورة جسدت تطلعات الآباء والأجداد نحو التحرّر والكرامة، وبناء مجتمع أفضل”.

يعود علي هزازي ليرى أن الصراع الذي يعيشه اليمن اليوم، ومحاولة العودة إلى ما قبل 26 سبتمبر، قد أعاد الألق لهذه الذكرى، والتفاف الشباب حولها هو بمثابة استفتاء شعبي وشكل من أشكال المقاومة لمن يحاولون العودة إلى عصر الإمامة.

26 سبتمبر يتصدر “الترند”

حرص الكثير من اليمنيين في منصات التواصل الاجتماعي، على التعبير عن احتفالهم بالعيد 62 لثورة 26 سبتمبر، عبر استبدال صورهم بشعار الثورة، وقيام العديد منهم بقراءة بيان الثورة، أو جعل أطفالهم يقرأونه.

كما شارك العديد منهم صورًا لرموز الثورة والأغاني الوطنية؛ ما جعل عديد “هاشتاجات” تتصدر توجهات “ترند” منصات التواصل الاجتماعي في البلاد.

وكان أبرز هذه “الهاشتاجات”: #سبتمبر26_ثورةمتجددة، #ثورة_26سبتمبر، #سبتمبرالتحرير، #دمتياسبتمبرالتحرير،… وغيرها.

وتعتبر صفاء عز أن مواقع التواصل الاجتماعي وفّرت مساحة آمنة لتبادل الأفكار عن الثورة وأهميتها في السياق اليمني، كما أنها مكّنت الشباب من مشاركة آرائهم وتجاربهم؛ ما عزّز الشعور بالانتماء.

وتضيف: منصات التواصل الاجتماعي وسيلة الشباب لإحياء تاريخ الثورة ورموزها، حيث نظّم الكثيرون حملات لإحياء ذكراها، وهو ما ساهم في ربط جيل الشباب بقيم ومبادئ الثورة والثوار.

بينما يعتبر السواري أن مواقع التواصل الاجتماعي “هي أداتنا كجيل جديد لمقاومة الإمامة في ظل انهيار دولتنا ومؤسساتنا”.

وفي ظل الظروف الراهنة من تقييد الحرية ومنع المواطنين من الاحتفال بالعيد 62 للثورة في بعض المناطق اليمنية، فإن مواقع التواصل الاجتماعي باتت المتنفس الوحيد لهم للتعبير عن الاحتفال بهذا اليوم، بحسب الناشطة وداد أحمد.

المشاهد نت