كشف مصدر محلي عن إقدام مسلحين يتبعون قوات عضو مجلس القيادة أبو زرعة عبدالرحمن المحرمي، الأسبوع الماضي، على مداهمة واقتحام مكتب تابع لرئاسة الجمهورية في العاصمة المؤقتة عدن ما دفع مدير مكتب الرئاسة لمغادرة عدن.
المصدر المطلع على تفاصيل ما حدث قال إن المسلحين الذين يتبعون قوات أبو زرعة المحرمي اقتحموا مكتباً يداوم فيه موظفون تابعون لرئاسة الجمهورية وتهجموا على الموظفين الذين كانوا مداومين لحظة الاقتحام وأطلقوا سيلاً من الشتائم والتهديدات لقيادة وموظفي مكتب رئاسة الجمهورية.
وحسب المصدر ذاته فإن هذه الحادثة تأتي على خلفية حنق متراكم لدى عضو مجلس القيادة الرئاسي أبو زرعه المحرمي من مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور يحيى الشعيبي على خلفية محاولة الأخير ممارسة مهامه في تنظيم عمل المكتب والحفاظ على الحد الأدنى من التقاليد المؤسسية المعمول بها في مؤسسات الدولة.
وبدأت الخلافات بمحاولات متكررة لأبو زرعة المحرمي بفرض قائمة من الأشخاص التابعين له لتعيينهم في مناصب في مكتب الرئاسة متجاوزاً أنظمة التعيين وحتى المعايير المطلوبة للتعيين في هذه الوظائف وفي مقدمتها "التخصص والكفاءة والخبرة" إذ يرى أبو زرعة أن هذه الوظائف استحقاق يفترض أن لا تخضع لأي معايير وأن الشعيبي هو الذي يحول دون تمرير هذه القائمة.
فيما كان السبب الثاني والذي فجر الموقف ودفع بالمحرمي لإرسال مسلحيه لاقتحام المكتب وتهديد الموظفين، حسب المصدر، هو مطالبة الشعيبي لأعضاء مجلس القيادة، ومن ضمنهم المحرمي، بإخلاء عهد مالية وفق ما هو معمول به.
مصادر تعمل في مكتب رئاسة الجمهورية أكدت أن الشعيبي لم يكن موجوداً في المكتب لحظة اقتحام المسلحين، لكنه أبلغ الرئيس بالحادثة وعبر عن انزعاجه مما يحدث، وفيما كانت المعلومات الأولية تشير إلي أن الشعيبي لوح بتقديم استقالته إثر ما اعتبرها إهانة له ولمؤسسة الرئاسة إلا أن المصادر ذاتها نفت المعلومة المتعلقة بالاستقالة وأكدت أن الشعيبي سافر إلي ألمانيا فقط لقضاء إجازة عائلية.
الاقتحام الذي حدث لمكتب منفصل عن المبنى الرئيسي المخصص لعمل موظفي رئاسة الجمهورية أعاد التذكير باقتحام مماثل قام به مسلحون من قوات أبو زرعة المحرمي العام الماضي لمكتب رئيس الوزراء السابق معين عبدالملك في قصر "معاشيق" بعدن وحاصروا المكتب قبل أن تتدخل وساطة وتتمكن من إنهاء الأزمة بعد تعهدها بتلبية رغبات المحرمي، وبالنظر إلى كون عملية الاقتحام هي تكرار لسابقتها فإن الأسباب في الحادثتين تتشابه إذ كان السبب في حادثة الاقتحام الأولى محاولة فرض تعيينات في مواقع رفيعة في الحكومة من أتباع المحرمي بطريقة فجة وفرض صرف توجيهات بمبالغ مالية كبيرة خارج القانون وبعيداً حتى عن التخريجات التي ينتهجها المسؤولون عندما يمارسون الفساد.
متابعون لما يحدث في عدن، من محاولة النافذين السطو على المؤسسات وتحويل المسؤولين إلى مجرد منفذين لما يمليه عليهم زعماء المجموعات المسلحة، توقعوا أن يطول حنق وغياب مدير مكتب رئاسة الجمهورية يحيى الشعيبي حتى يضمن عدم تكرار ما حدث على الأقل، إذ يعتبر الرجل، الذي أمضى في العمل الحكومي سنوات تفوق العمر البيولوجي لأبو زرعة المحرمي، يعتبر ما حدث إهانة له ولمؤسسة الرئاسة بكل منتسبيها، خاصة أن رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي ينتهج مرونة عالية في محاولة لعدم الاصطدام بنافذين مكنهم الدعم الإقليمي من حيازة وسائل القوة ودفع بهم إلى مواقع قيادية بينما في الحقيقة لا يملكون أي رصيد أو معرفة بتقاليد العمل الحكومي. إذ لم يسبق لشخصية مثل أبو زرعة المحرمي في مشوار حياته القصير أن جلس على مكتب ليمارس الوظيفة في السلك الحكومي أو حتى الخاص، قبل أن يجد نفسه، دفعة واحدة، عضواً في مجلس القيادة (أعلى هيئة تنفيذية في البلاد) ومحاطاً بمجاميع مدججة بالسلاح يفعلون ما يؤمرون دون تردد، وبالتالي يجد نفسه مسكوناً بعقلية "فتوة الحارة" لفرض كل ما يخطر بباله بقوة السلاح.
تتكرر الاقتحامات والمداهمات الذي يقوم بها مسلحون في عدن بشكل روتيني في المدينة التي تحتضن كل مؤسسات الدولة، وكان آخرها اقتحام مجاميع تتبع المجلس الإنتقالي حفلاً أقامته وزارة الشباب والرياضة أمس الإثنين بمناسبة اليوم العالمي للشباب.
ورغم أن الحفل أقيم برعاية رئيس مجلس القيادة وخلا تماماً من وجود علم الدولة اليمنية إلا أن إقامة حفل لا يتبع الجهات المسيطرة بقوة السلاح بات يستفزهم ويستدعي التدخل لإفشاله.