يتدهور الريال اليمني بشكل متسارع أمام العملات الأجنبية وبلغ مستوى قياسيا عند نحو 1900 ريال للدولار في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ونحو 500 في مناطق الحوثيين. ومع انخفاض قيمة الريال ترتفع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات جديدة كل يوم. وأظهرت البيانات التي جمعتها "العربي الجديد" أن العملة اليمنية (الريال) فقدت نحو 43% من قيمتها منذ نهاية يونيو/ حزيران 2023، حتى يوليو/ تموز 2024، وارتفعت أسعار الغذاء بنسب تتراوح بين 30 و50% خلال عام.
وكان سعر الصرف مستقرا لعدة أشهر خلال العام الماضي عند 1320 ريالا للدولار وهو السعر الذي سجل مع نهاية شهر يونيو من العام نفسه قبل أن يشهد تدهورا متسارعا منذ مطلع العام الجاري. وانخفضت قيمة العملة المحلية نتيجة انخفاض عائدات النقد الأجنبي بعد توقف صادرات النفط منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2022 فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بالانقسام المصرفي والصراع الاقتصادي بين الحكومة والحوثيين.
كان الريال اليمني تلقى صدمات عنيفة خلال الحرب التي تدخل عامها العاشر، وتشير البيانات إلى أن المتوسط الوطني لسعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني ارتفع من 215 ريالا للدولار نهاية عام 2014 إلى 1900 ريال مقابل الدولار في يوليو 2024، فقد خلالها الريال نحو 775% من قيمته.
وقدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن الانخفاض في قيمة الريال اليمني يعادل متوسط انخفاض شهري قدره أكثر من 3%، وقال البرنامج في تقرير نشره مطلع يوليو: "نظراً للظروف الراهنة وفي ظل غياب حل سريع للإجراءات الاقتصادية، وهو أمر غير مرجح بناءً على الاتجاهات التاريخية، فمن المتوقع حدوث انخفاض أسرع في قيمة الريال اليمني خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري في مناطق الحكومة اليمنية".
ووضع البرنامج ثلاثة سيناريوهات لانخفاض العملة اليمنية خلال الأشهر الأربعة المقبلة، الأول يتوقع أن يصل الانخفاض إلى ما لا يقل عن 5% شهريا على الأرجح، والثاني يتوقع نسبة انخفاض عند 7.5%، مع توقع أخير بأن يصل الانخفاض إلى 10% في أسوأ الحالات.
وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، يوسف سعيد، أن أسعار الصرف تتصاعد وبشكل سريع في مناطق الحكومة، إذ ترتفع قيمة الدولار على الرغم من نمو تحويلات المغتربين إلى الداخل في المناسبات، حيث يحول المغتربون لأسرهم مبالغ كبيرة.
المضاربة تهدّد الريال اليمني وقال سعيد لـ"العربي الجديد" : "عمليًا يفترض أن يؤدي نمو تحويلات المغتربين إلى زيادة المعروض في سوق الصرف الأجنبي، وبناء عليه يفترض أن ترتفع قيمة العملة الوطنية أو أن تستقر على الأقل، لكن الذي يحصل هو العكس، ما يفسر أن ما يجري من تصاعد في قيمة الدولار ليس ناتجًا من عوامل اقتصادية ترتبط بندرة المعروض منه، بل من عمليات مضاربة وتلاعب بالعملة تهدف إلى ضرب العملة الوطنية في مناطق الشرعية".
وتنعكس تقلبات سوق الصرف على أسعار المواد الغذائية بشكل مباشر في اليمن الذي يستورد 90% من احتياجاته، خصوصا وقد توقفت أهم صادراته التي تمثل مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي وهو الغاز المسال منذ إبريل/ نيسان 2015 والنفط الخام منذ نحو عامين. وأكد تجار بيع بالتجزئة في مدينة تعز لـ"العربي الجديد" أنهم يعيشون حالة من عدم اليقين مع تغير الأسعار على مدار الساعة، واضطروا إلى إيقاف البيع لبعض السلع، لتجنب خسائر فادحة قد يتعرضون لها.
وتسببت تقلبات أسعار الصرف الأخيرة في عجز نسبة كبيرة من اليمنيين عن شراء الخبز الكافي لعائلاتهم نتيجة ارتفاع أسعار الخبز في مناطق الحكومة للمرة الثانية خلال شهر يونيو الماضي بنسبة 20% بعد ارتفاع سابق مطلع شهر مارس/آذار. وقال مواطنون إن الارتفاع في الأسعار طاول المواد الغذائية الأساسية ومنها الحبوب والأرز البسمتي، الفاصوليا، زيت الطبخ، ودقيق القمح والسكر والبيض. وقال سلطان الزغروري وهو أحد سكان تعز لـ "العربي الجديد" إن "الارتفاع الجديد في أسعار السلع يفوق قدرة الناس على الشراء، لقد توقفت عن شراء الأرز والبيض والفاصوليا".