تتواصل منذ مطلع شهر مارس الجاري حملة الكترونية واسعة تحت شعار "أشتي جواز"، والتي انطلقت بهدف الضغط على أطرف الصراع في اليمن لتسهيل عملية حصول المواطنين اليمنيين على جوازات السفر.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الحملة التي انطلقت تحت هاشتاج - #اشتي_جواز- يشكو القائمين على الحملة من عدم تجاوب الجهات المعنية مع مطالباتهم، مشيرين الى أنه ليس هناك أي نية حقيقية لإيجاد حلول لهذه المشكلة التي تؤرق المواطنين من قبل المعنيين.
وجدد منظمو الحملة دعوتهم لجميع اليمنيين بمختلف أطيافهم الى المشاركة الواسعة من خلال التفاعل ونشر محتوى على صفحاتهم بوسائل التواصل، والمطالبة بتحسين فرص الحصول على جوازات السفر، لإيصال أصواتهم الى الأطراف اليمنية.
يقول أحمد البعداني المنسق العام للحملة إن الحملة "تهدف بشكل عام تهدف الحملة إلى تسهيل عملية حصول المواطنين اليمنيين على جوازات السفر، عبر تحسين السلطة الحكومية لعملية حصول المواطنين على الجوازات بسرعة وكفاءة بتوفير بنية تحتية وتقنية عالية، وتقليل تكاليف الحصول على الجوازات، كما أنها تهدف لزيادة الوعي والمعرفة بحقوق المواطنين في الحصول على جواز السفر وأهمية وجوده للوصول إلى الخدمات والفرص العديدة".
حملة إلكترونية تطالب بتسهيل حصول اليمنيين على جوازات السفر وعن فكرة الحملة يقول البعداني إنها: "بدأت عندما اجتمعنا مجموعة من الشباب وكل واحد فينا شرح المعاناة التي عاناها أو عاناها أهله وأقرباءه وأصدقاءه من أجل الحصول على الجوازات، منها حالات الوفاة التي حدثت لأشخاص حال بينهم وبين تلقيهم للعلاج بالخارج عدم حصولهم على الجوازات، بالإضافة إلى حالات حرمت من فرص العمل والدراسة والتدريب في الخارج بسبب عدم توفر الجوازات.
وأشار الى أن "الحملة مجتمعية إنسانية، بعيدا عن التجاذبات السياسية والعسكرية"، لافتا الى أن "المجال مفتوح للجميع للمشاركة، ولن يتم تجييرها لصالح أي طرف لأنها تركّز على المواطن بغض النظر عن ولاءه وانتماءه الحزبي والمذهبي والمنطقة التي ولد فيها، وهي هذه نقطة قوة الحملة".
النساء ضحايا
تقول مصادر محلية إن مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية لازالت تشترط على المرأة موافقة ولي أمر لها من الرجال لمنحها وثيقة سفر، وذلك على الرغم من توجيه رئيس الوزراء في مارس 2022 بمراجعة الإجراءات التمييزية ضد المرأة، عقب حملة أطلقتها ناشطات حملة "جوازي بلا وصاية" تطالب بإلغاء التمييز ضد المرأة في المصلحة والتي أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل.
ويشترط الحوثيين أيضا ولي أمر لمرافقة المرأة والتنقل بين مناطق سيطرتهم والمحافظات المحررة والسفر للحصول على الجواز، وفق المصادر التي قالت إن النظرة المجتمعية تجاه المرأة منقوصة وتعتبرها قاصر، وينعكس ذلك على إجراءات معاملة اصدار الجواز.
الحكومة اليمنية كانت قد أصدرت قراراً أواخر 2018 يحصر الحق في إصدار جوازات السفر على مكاتب وفروع مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وعدم قبول الجوازات التي تصدر من مناطق سيطرة الحوثيين.
وتسبب هذا القرار بالضغط على فروع المصلحة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ما أدى إلى توقف إصدار الجوازات أكثر من مرة في بعض الفروع لأشهر بسبب نفاد الدفاتر الخاصة بالجوازات خلال السنوات الماضية..
وحسب ما ذكره البعداني فإن المستفيدين من الحملة التي أطلقوها مؤخراً هم جميع فئات لمجتمع بمن فيهم: "المواطنين اليمنيين (ذكور، إناث) الذين يواجهون صعوبات في الحصول على جوازات السفر، الطلاب الذين يرغبون في السفر للدراسة في الخارج، الباحثون عن عمل والذين يرغبون في السفر للبحث عن فرص عمل أفضل، المرضى الذين يحتاجون إلى السفر لتلقي العلاج في الخارج، الأسر التي ترغب في لم شمل أفرادها المقيمين في الخارج"، بالإضافة الى "الشركات التي تعتمد على التجارة الدولية، الاقتصاد اليمني بشكل عام، حيث ستساهم الحملة في تحسين حرية التنقل وتعزيز فرص الاستثمار والتجارة".
وذكر أن "الحملة بدأت بسبعة أشخاص، ثم انضم لها عشرات الشباب تطوعيا لإنتاج محتوى إلكتروني بما يتناسب مع أهداف الحملة"، مضيفاً: "لدينا قناة على الواتساب ننشر فيها كل المحتوى الذي يتم إنتاجه من قبل الشباب المتطوعين، ويمكن لأي شخص الوصول لها لنشر ما يتناسب مع معاناته ومعاناة من يعرف، كما يمكنه البحث عن هاشتاق #اشتي_جواز على فيسبوك وتويتر للاطلاع على المحتوى الذي يعكس جزء من معاناة المواطنين".
رحلة وسط الجحيم.. 15 ساعة من صنعاء إلى عدن لقطع جواز سفر وقال البعداني إن "حملة أشتي جواز ليست محصورة على ما يتم إنتاجه من قبل المتطوعين المنضمين لها، نحن ننتظر من جميع المواطنين المشاركة بالحملة بالطريقة التي يرونها مناسبة، وكل شخص ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، يعتبر عضو بالحملة".
وعن تقييمه الأولي للتفاعل مع الحملة قال البعداني إن "هنالك تفاعل كبير من قبل نشطاء ووسائل الإعلام، إلا أنه ليس بالمستوى المطلوب، لأن إطلاق الحملة تزامن مع حلول شهر رمضان، وهو الشهر الذي في العادة ينشغل الناس فيه بالعبادة والبرامج والمسلسلات الرمضانية، لكن الحملة ستستمر إلى ما بعد رمضان، من أجل منحها حقها في التفاعل، والوصول لأصحاب القرار".
وتابع: "لا زلنا ننتظر تفاعل الناس الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي مع الحملة بإبراز معاناتهم من أجل الحصول على الجوازات، لنتمكن من التواصل مع أصحاب القرار لدفعهم لاتخاذ إجراءات تسهل عملية الحصول على الجوازات".
وحمل منسق حملة أشتي جواز "المجلس الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا، مسؤولية إيجاد حل لتسهيل عملية حصول المواطنين على جوازات السفر"، وقال: "إذا كانوا فعلا يمثلون اليمن بشكل كامل، مع العلم أن نسبة سكان اليمن تحت سيطرة حكومة صنعاء حوالي 70% من إجمالي سكان اليمن".
واستطرد: "نحن من خلال هذه الحملة نحاول تذكيرهم بمعاناة مواطنيهم من أجل الحصول على الجوازات، ولو أن أحد أقاربهم توفى وهو يبحث عن جواز ليسافر للعلاج بالخارج لعرفوا حجم الكارثة، لذا ننصح أي واحد منهم بكتابة هاشتاق #اشتي_جواز على الفيسبوك للاطلاع جزء من المعاناة".
سماسرة
وفق مصادر محلية فإن سماسرة في بعض فروع مصلحة الجوازات بالمحافظات المحررة يتسابقون على دفاتر الجوازات لبيعها لمواطنين بمقابل مادي كبير يصل بعضها أحيانا الى 1500 ريال سعودي (عن بعد)، في حين يدفع آخرين من 500 الى 800 ريال سعودي لتسريع حصولهم على الجوازات خلال فترة لا تزيد عن 10 أيام بدلا من أشهر.
وفقد الكثير من اليمنيين فرص الحصول على منح دراسية الى الخارج وفيز عمل ورحلات علاجية بسبب الإجراءات المعقدة في الحصول على جوزات السفر داخل البلاد، سواء السفر الى المحافظات المحررة أو الرشاوي او ضيق الوقت أو غيرها من العقد التي حالت دون ذلك.
وقال البعداني مخاطبا المجلس الرئاسي والحكومة: "يجب أن تجدوا حلولا لهذه المشكلة لتجنيب المواطنين القادمين من مختلف المحافظات ويلات السفر والمعاناة والابتزاز الذي يتعرضون لها من قبل السماسرة في مراكز اصدار الجوازات، لقد شاهد رئيس الوزراء كل شيء بنفسه عندما قام بزيارة مفاجئة لمصلحة الجوازات في عدن، لماذا لم يتم اتخاذ أي إجراءات للتخفيف من معاناة السكان".
ودعا البعداني المنظمات والوسطاء الى "القيام بدورهم في التوسّط وابتكار حلول لتسهيل حصول المواطنين في مناطق سيطرة حكومة صنعاء على الجوازات، وإبراز معاناة الناس بسبب تعقيدات الحصول على الجوازات".
وواصل حديثه قائلاً: "صحيح أن المواطنين في مناطق سيطرة حكومة صنعاء الأكثر تأثرا وضررا، لكن حتى في مصلحة الجوازات في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، ينتظر المواطنون لأشهر من أجل صدور الجوازات بدعوى عدم توفر دفاتر الجوازات، ويتعرض آخرون للابتزاز إذا رغبوا في إصدار جوازات مستعجلة. لقد التأخر مقبولا خلال الفترة الأولى للحرب، أما بعد تسع سنوات من الحرب، من غير المنطقي أن تعجز الحكومة عن استيراد ما يكفي من دفاتر الجوازات".
أبرزها مهنة "صحفي".. المهنة في الجواز عبء قد يحمل صاحبه تبعات كبيرة ولفت البعداني الى أنهم "تواصلوا مع العديد من المنظمات ومراكز الدراسات من أجل الحصول على أرقام دقيقة للمعاناة، لكنهم لم يجدوا احصائيات بعدد الأشخاص الذي توفوا لعدم قدرتهم على السفر لتلقي العلاج بالخارج لعدم توفر الجواز، ولا بعدد الأشخاص الذين فقدوا فرصهم في العمل أو التعليم أو التدريب بسبب توفر الجوازات، أو الذين فاضت أرواحهم وهم في طريقهم للحصول على الجواز"، منوها أنهم "لديهم عينات من كل فئة بما فيهم أهالي المتوفيين".
وعن الحلول المقترحة قال البعداني: "بما أن هنالك جوازات تصدر عن بُعد (بدون حضور طالب الجواز) في السوق السوداء من السفارات اليمنية في الخارج لأشخاص في اليمن، ومن مصلحات الجوازات المعتمدة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا وبمبالغ خيالية تدفع للسماسرة، لماذا لا يتم شرعنة خدمة اصدار الجوازات عن بعد برسوم حكومية معقولة عبر بوابات إلكترونية رسمية؟"
واختتم حديثه بالقول: "بطائق الهوية الشخصية الصادرة من إدارات الأحوال المدنية والسجل المدني في مناطق سيطرة حكومة صنعاء مقبولة لإصدار الجوازات في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا والسفارات اليمنية خارج اليمن، بل أن بطائق الهوية الشخصية في اليمن بشكل عام لا تصدر إلا بعد الموافقة عليها من إدارة الأحوال المدنية في صنعاء، إذا لماذا لا يتم إعادة اعتماد الجوازات الصادرة من مناطق سيطرت حكومة صنعاء؟"، مضيفاً: "عموما لو أن هنالك نية حقيقية لإيجاد حلول لهذه المشكلة، لأوجد لها المعنيين الحلول المناسبة".
ومنذ اشعال فتيل الحرب في البلاد نهاية 2014 واليمن تعاني من أزمة خانقة في جوازات السفر منذ سنوات، حيث تواجه أعداد كبيرة من اليمنيين صعوبات كبيرة في الحصول على جوازات سفرهم، سواء من حيث طول مدة الانتظار أو التكاليف الباهظة أو التعقيدات الإدارية.
المصدر أونلاين