أخبار محلية

قطع الأوصال.. الطرقات المفتوحة في زمن الحوثيين حلم بعيد المنال، والأثرٌ كارثيٌّ على الاقتصاد الوطني

المصدر
أحمد حلمي

قطع طرقها ومزق أوصالها، وباعد بين أسفارها، وأقام جمارك انفصالية فيها، وشطرها إلى دولتين أو أكثر، قصة الحوثي باختصار مع الطرق بين المحافظات اليمنية، لا تقتصر على تلك التي تربط المحافظات التي يسيطر عليها بالمحافظات المحررة، بل حتى تلك التي تربط بين المحافظات الواقعة تحت سيطرته.

البداية من حصار تعز

يحكم الحوثي حصارا خانقا حول تعز ويعزلها كليا عن المحافظات الأخرى سواء المحررة كعدن ولحج، أو غير المحررة كصنعاء والحديدة، ويشطر المحافظة إلى شطرين، تفصل بين سيطرته والمناطق المحررة ساعات طويلة وعشرات الكليومترات بدلا عن الدقائق المعدودة والمسافة المحدودة.

يقطع الحوثي طريق تعز - عدن الرئيس عبر الراهدة - العند، ويقطع طريق تعز - صنعاء عبر جولة القصر - الحوبان، ويقطع طريق تعز - الحديدة عبر هجدة - البرح، ويقطع طريق تعز - الحديدة عبر الخط الساحلي، كما قطع طرقات وعرة بديلة أخرى مثل طريق الكدحة، ومنفذ غراب، وغيرها. ولم يتبق لتعز من الطرقات إلا الوعرة منها، مثل خط تعز - عدن عبر التربة وهيجة العبد، ونقيل الصحى كربة المخصص للسيارات الرباعية الدفع فقط. ومنذ 2015 لم تصل شاحنة تجارية بطوال 14 متراً إلى المدينة على الإطلاق.

قائمة طويلة من الطرقات المقطوعة

قطع الحوثي تقريبا كل الطرق الرئيسة بين المحافظات المحررة والمحافظات التي تحتلها إيران عبر الحوثي، خاصة الطرق التجارية الرئيسية، مثل طريق عدن - صنعاء عبر الضالع، وطريق عدن - صنعاء عبر إب، وطرقات أخرى ليست تجارية ولكنها معبدة بالكامل مثل طريق عدن - لحج - البيضاء - صنعاء، وطريق عدن - أبين - البيضاء - صنعاء.

كما قطع طريق مأرب – نهم - صنعاء التجاري، وطريق مأرب – صرواح - صنعاء، وطريق مأرب - الجوف، كما قطع طرقا بديلة أخرى مثل طريق مأرب - البيضاء - صنعاء.

يواصل الحوثي قطع الطرقات وإحكام الحصار على المناطق المحررة الصغيرة في كل من حجة مثل ميدي وحيران قرب الحدود السعودية، والمنافذ الأخرى الرابطة بين اليمن والسعودية، مثل منفذ حرض، وعلب والبقع في صعدة.

طريق الحديدة - صنعاء

قطع الحوثي طريق الحديدة - صنعاء الطريق التجاري الرئيسي بين المحافظتين منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، وحظر تماما الحركة التجارية عبر هذا الطريق، وحولها إلى طرق أخرى غير مؤهلة للشاحنات التجارية، عبر الحديدة – حجة – عمران - صنعاء، وطريق ثان عبر الحديدة – ذمار - صنعاء، وثالث عبر الحديدة –المحويت - صنعاء، وهذه الطرق الثلاث الأخيرة غير مؤهلة ولا مصممة للحركة التجارية. باستثناء الشاحنات التجارية التي تديرها هيئات عسكرية حوثية عبر المؤسسة الاقتصادية التي يسمح لها حصرا بالمرور عبر خط الحديدة - مناخة - صنعاء، وفق مصادر عدة في سوق النقل تحدثت للمصدر أونلاين.

كما قطع الحوثي خط محافظات عمران – صعدة – الجوف، القادم من الحديدة عبر صنعاء مناخة وحولها إلى طريق المنقب في همدان وبني ميمون ثم المحويت فالحديدة.

تاريخ الإغلاق

اسم الطريق

م

2015

طريق تعز عدن

1

2015

طريق تعز صنعاء

2

2015

طريق تعز الحديدة

3

2018

طريق عدن تعز المخا الحديدة (الطريق الساحلي)

4

2016

طريق مأرب نهم صنعاء

5

2015

طريق مأرب صرواح صنعاء

6

2020

طريق مأرب الجوف

7

2021

طريق مأرب البيضاء (طريق بديل)

8

2018

طريق عدن الضالع إب صنعاء(يريم)

9

2021

طريق عدن أبين البيضاء صنعاء (لم يكن طريقا للشاحنات قبل الحرب وتحول بعدها إلى طريق رئيسي)

10

2021

طريق عدن لحج البيضاء (صار طريقا بديلا أثناء الحرب)

11

2018

طريق عدن الضالع إب (الفاخر حمك)

12

2021

طريق شبوة البيضاء صنعاء

13

2015

طريق الحديدة حجة حرض السعودية (الميناء الرئيسي البري قبل الحرب)

14

2015

منافذ البقع وعلب صعدة السعودية

15

أكتوبر 2023

طريق الحديدة صنعاء أمام الحركة التجارية (تقع المدينتان كليا تحت سيطرة الحوثي)

16

2015

طريق صعدة حرض حجة

17

2015

الطرق الرابطة بين مناطق سيطرة الحكومة (ميدي، حرض، حيران) والحوثي في حجة

18

2015-2016

طريق صعدة البقع الجوف

19

عواقب قطع الطرقات

تعيش مدينة تعز حصارا خانقا منذ 9 سنوات تقريبا، أدى لارتفاع الأسعار بأضعاف عن المحافظات غيرها جراء تعذر نقل البضائع إليها من صنعاء والحديدة وعدن إلا عبر آليات نقل صغيرة (دينات وبوابير)، بينما تعجز الشاحنات التجارية الأطول عن دخول المدينة، وريف المحافظة. ولم يشكل الخط البديل الرابط بين عدن والمخا الساحلي مرورا بالكدحة وصولا إلى مديرية المعافر ثم مدينة تعز بديلا فعالا لطول المسافة التي تصل إلى 400 كم، بدلا عن 130 كم التي قطعها الحوثي.

قتلى وجرحى وخسائر بالمليارات

لكي تصل شحنة الزبادي من منطقة الحوبان التي يسيطر عليها الحوثي إلى مدينة تعز يتوجه السائقون عبر الشاحنات الصغيرة (دينات، بوابير) عبر طرق وعرة مثل خط حيفان، أو خط ظمران القبيطة، جنوبا إلى محافظة لحج، ثم ينعطفون غربا باتجاه خط طور الباحة التربة الوعر سيء الصيت، ثم يتوجهون شمالا عبر هيجة العبد، بمدة تزيد عن 24 ساعة، ومئات الآلاف من التكاليف، بدلا من دقائق معدودة وثلاثة كيلو مترات قبل الحصار الحوثي.

لا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد القتلى في الطرقات، لكن حوادث الطرق في الطرقات البديلة تكاد تكون شبه يومية وفق ما ينشره السائقون على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقدر إحصائيات رسمية في تعز على سبيل المثال أن الوصول إلى الحوبان من تعز كان خلال دقائق معدودة بتكلفة 100 ريال، ووصلت حاليا إلى 15000 ألف ريال بثماني ساعات.

بينما بلغ عدد الحوادث المرورية المسجلة فقط 481 حادثا مروريا أدت قرابة 374 شخص، وجرح الآلاف، وبلغت الخسائر المقدرة رسميا لتلك الحوادث خلال سبع سنوات من الحصار الحوثي مبلغ 450 مليون دولار. بينما يقدر تقرير رسمي في تعز انخفاض عدد الشاحنات التجارية الواصلة إلى المدينة من 600 ألف شاحنة قبل الحصار، إلى 25 ألف شاحنة فقط، بالسنة.

وبلغ عدد القتلى والجرحى بانفجار ألغام الحوثيين في الطرق الوعرة البديلة أكثر من 1700 شخص ثلثهم قتلى وبقيتهم جرحى في الطرقات الوعرة خلال الفترة ذاتها.

وقدرت الغرفة التجارية في أمانة العاصمة تكاليف النقل بين المحافظات المحررة والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثي بأكثر من سعر نقل البضاعة من الصين إلى عدن، وقد تصل إلى 10آلاف دولار عن الحاوية الواحدة.

السفر كالحج لمن استطاع إليه سبيلا

قلص اليمنيون سفرياتهم بين المحافظات التي يسيطر عليها الحوثي والمحافظات المحررة إلى أدنى حد، ولم يعد باستطاعة الكثير السفر حتى في المناسبات المهمة كالأعراس والأعياد، وغيرها من المناسبات الاجتماعية. ولم يعد يسافر سوى التجار أو المرضى أو المغتربين عبر الطرق البديلة.

حيث صار الطريق بين صنعاء وتعز يصل إلى قرابة 24 ساعة، مع تبديل آليات السفر من الباصات إلى السيارات رباعية الدفع (صالون) للمرور عبر الطرق البديلة.

بينما يصل وقت الرحلة بين عدن وصنعاء للشاحنات التجارية في المتوسط خمسة أيام، نتيجة قطع الطرقات، والمنافذ الجمركية الانفصالية الحوثية، ومئات النقاط العسكرية المنتشرة في الطرقات.

طرق تحفها الألغام والحوادث المرورية، في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك قتل 14 مسافرا بحادث مروري في طريق صحراوي بديل بين مأرب والجوف، بينما ينشر المرصد اليمني للألغام عشرات الحوادث الأسبوعية عن انفجارات ألغام حوثية بسيارات وآليات المسافرين، مع انتشار عصابات قطع الطرق في ذلك الطريق.

أما الطرق الرابطة بين مديرية حيس في محافظة الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحكومة، وبين مدينة الحديدة مركز المحافظة الواقعة تحت سيطرة الحوثي فيضطر إلى السفر جنوبا باتجاه تعز المحاصرة ثم المرور عبر طريق الأقروض الوعر سيء الصيت، ثم الحوبان ومنها إلى محافظة إب ثم الحديدة، في خط دائري طويل يمتد مئات الكيلو مترات بخسارة مضاعفة وعدة أيام للوصول إلى رحلته.

رفض حوثي لفتح الطرقات

بدأت أولى مناقشات فتح الطرقات وإنهاء الحصار الحوثي على تعز في السنة الثانية من الحرب، وتحديدا في مفاوضات ظهران الجنوب بالسعودية 2016 لكن الحوثي تنصل عن تلك الالتزامات، التي كانت تمهد أيضا لفتح منفذ حرض الحدودي بين اليمن والسعودية.

كما رفض الحوثي فتح طريق صنعاء الحديدة وفقا لاتفاقية السويد 2018، حتى انسحاب القوات الحكومية منها أواخر2021، وما زال يرفض تسليم خرائط الألغام رغم انسحابها.

كما رفض إنهاء الحصار الحوثي المفروض على تعز وفق الاتفاقية ذاتها، ولم تتقدم قيد أنملة.

رفض الحوثي مرة ثالثة رفع الحصار عن تعز وفتح الطرقات بين المحافظات وفق هدنة أبريل 2022، ومازال يماطل حولها حتى اليوم.

كما رفض الحوثي سلسلة من المبادرات الحكومية من جانب واحد عدة مرات لفتح الطرق بين مأرب وتعز كما حدث أواخر فبراير الماضي عبر الطريق الرئيس مأرب نهم صنعاء الذي كان سيؤدي إلى فتح تلقائي لطريق مأرب الجوف عبر مفرق الجوف.

منع الدخول إلى صعدة إلا بمعرف (كفيل) من داخلها

تمثل محافظة صعدة التي يسيطر عليها الحوثي وبدأ تأسيس دولته فيها بمنع دخول أي شخص من خارجها للعمل فيها أو للسفر عبرها إلا للمهربين، والمتوجهين تهريبا إلى السعودية. أما المواطنون العاديون فلا يدخلون إلى صعدة إلا بمعرف وكفيل يقدم ضمانات خاصة للعمال والمزارعين المتوجهين إلى صعدة، كما يفرض على الداخلين إليها شروطا خاصة وتحقيقات مستمرة لعناصره في المدينة والمديريات، وتحديدا لساعة حركتهم وفق عدة مصادر خاصة تحدثت للمصدر أونلاين.

استراتيجية عزل حوثية لإخضاع المجتمع تحت سيطرته

يتعامل الحوثي مع الطرقات على أنها طريقة مهمة لإعادة تشكيل المجتمع والحد من حركته، وبما يمنع تطور المدن، خشية ثورة شعبية عليه، ويريد تحويلها إلى قرى معزولة، ومجتمعات مفككة.

وقالت مصادر خاصة للمصدر أونلاين إن الحوثي رفض سلسلة من الترتيبات الأممية لفك الحصار عن تعز وفتح خط تعز جولة القصر إلى الحوبان، خشية من التظاهرات وسهولة الحركة، وبررها بأنه يخشى أن تنتقل تلك التظاهرات إلى محافظة إب المجاورة التي تتسم بمقاومة شعبية غير منظمة ضد الحوثي.

كما يعمد الحوثي إلى نشر سلسلة من النقاط في تلك المحافظات مثل النقطة الشهيرة في البيضاء "نقطة أبوهاشم" التي خطفت آلاف المسافرين عبرها، على مدى السنوات الماضية قبل إغلاقها في 2021.

قطع الطرقات تساعد في إنشاء دولته الانفصالية شمالا

يهدف الحوثي من خلال قطع الطرق إلى التسريع من إنشاء دولته الانفصالية شمالا، وإعادة تشكيل بنية الاقتصاد الوطني، وخلق قطاع خاص حوثي متطفل على الاقتصاد الوطني، حيث فرض سلسلة من الضرائب والجمارك والجبايات وغيرها على المنتجات المستوردة، وحظر حركة الاستيراد من المناطق المحررة نهائيا مثل الغاز ومنتجات الأسمنت وغيرها إلى مناطق سيطرته.

كما أنشأ 11 منفذا جمركيا انفصاليا أبرزها جمرك الراهدة في تعز، وجمرك عفار في البيضاء، وجمرك نهم في صنعاء وجمرك ذمار، وجمرك في إب، وآخر في حرف سفيان بعمران وغيرها من الجمارك الانفصالية، للواردات التي لم يستطع الاستغناء عنها، رغم قلتها.

مقاومة شعبية لإجباره على فتح الطرقات

على غرار قضية المرتبات، التي ارتفع الحراك الشعبي من أجلها منذ الهدنة، ارتفعت المطالب الشعبية المطالبة بفتح الطرقات في الأسابيع القليلة الماضية لإجباره على فتح الطرقات، في ظل مزاعم هجماته البحرية لإنهاء الحصار على قطاع غزة. وانطلقت الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي منذ يناير الماضي مطالبين الحوثي بأن ينهي حصار تعز كما يريد وفق ادعاءاته إنهاء الحصار الإسرائيلي على غزة. الحملة لقيت رواجا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي أجبرت الحوثي على فتح طريق بديل كان يستخدم للسيارات الرباعية الدفع، يربط بين مناطق سيطرته، في ريف محافظة تعز بمديرية حيفان، ومديرية طور الباحة، يختصر مسافة 7 كيلو مترات فقط.

كما أجبرته الحملة مؤخرا على تقديم محاولة لتفح طريق صنعاء عدن عبر الضالع، لكن الانتقالي فاجأ الجميع برفض فتح الطرق بدون مراقبة دولية ومحلية، مع أن الانتقالي وقواته قدموا مبادرات عدة أحادية من قبل لفتح ذلك الطريق.

وتحت وطأة الحملة الشعبية، بادر الحوثي للهروب من فتح طريق مأرب نهم صنعاء إلى الإعلان عن نيته فتح الطرق البديلة غير التجارية وغير المبعدة بالكامل مثل طريق صنعاء البيضاء مأرب، وطريق صنعاء مأرب صرواح. بدلا من الطرقات الرئيسية التجارية.

قائمة الجمارك الانفصالية الحوثية:

جمرك عفار البيضاء

جمرك ذي ناعم البيضاء

جمرك الحزم الجوف

جمرك جبل راس الحديدة

جمرك سقم تعز

جمرك الراهدة تعز

جمرك نهم صنعاء

جمرك ذمار

جمرك ميتم إب

جمرك شوابة أرحب صنعاء

جمرك حرف سفيان عمران

المصدر أونلاين