أخبار محلية

شكوى عامة لدى المواطنين والتجار.. ركود وأسعار باهظة وجيوب خاوية وأوضاع هي الأقسى منذ بداية الحرب

المصدر
أحمد حلمي

"ربك كريم والأمل بالله ومع مرور كل ساعة من هذا الشهر الفضيل، تزيد همومنا وأوجاعنا، إذ لا يوجد ما يمكن أن يسد أبسط حاجات الأسرة منذ يومه الأول، فكيف ستكون باقي أيام" هكذا بدأ المواطن قائد عبدالوهاب حديثه عن الهموم التي يتشارك فيها مع الملايين من اليمنيين مع دخول الشهر الكريم، نتيجة الانهيار الاقتصادي والمعيشي في مختلف المحافظات اليمنية.

المواطن "قائد عبدالوهاب" يسكن في إحدى مناطق مديرية القفر شمال محافظة إب، ولديه أربعة أبناء وثلاث من البنات، ويشتغل عامل يدوي في مدينة إب عاصمة المحافظة، وما يجمعه منذ أسابيع تضيع بين مصروفاته اليومية لعدم تمكنه من الحصول على العمل وبين قضاء ديونه لصاحب متجر "دكان" يستدين منه احتياجات الأسرة".

يقول عبدالوهاب في حديث لـ"المصدر أونلاين" إنه لا يدري كيف سيكمل أيام رمضان وهو يتحدث عن مبلغ عشرة آلاف ريال كانت كل ما بحوزته في أول أيام الشهر الكريم، بانتظار من يستدين منه لشراء بعض الاحتياجات الأساسية ويؤكد أنه والكثير ممن يعمل معهم يعيشون أوضاعاً متشابهة ولا تختلف كثيراً.

بنبرة يلمؤها الحزن ووجع ويغلب القهر تحدث "عبدالوهاب" بأنه لم يسبق وأن عرف هذا الركود في العمل وغياب فرص الحصول على الشغل وانسداد الحياة بوجهه وتدهور الوضع المادي كما هو عليه حاليا.

رمضان العاشر، والمعاناة تتواصل في حياة اليمنيين الذين أرهقهم الانقلاب الحوثي والحرب وطول أمد الصراع الذي لا أفق لنهايته أو حتى للتخفيف من معاناة المواطنين الذين يدلفون رمضان آخر سيكون هو الأقسى عليهم منذ عقود.

الأسواق فاتحة أبوابها أمام المواطنين والمحلات والأسواق التجارية تحاول جذب الزبائن إليها، غير أن الجيوب الفارغة والأوضاع المتدهورة ألقت بظلالها على الحركة التجارية في جميع محافظات البلاد، وأضحى التجار ومالكو المتاجر والأسواق يشكون الركود الذي لم يمر عليهم منذ سنوات.

ركود وكساد

محمد الدبعي تاجر ملابس رجالية في مدينة إب، أكد بأن الكساد والركود يضرب السوق المحلية بصورة لم يسبق لها مثيل، إذ يقول بأن الأسواق كانت تبدأ الحركة وينتعش السوق خلال السنوات الماضية منذ رجب وبداية شعبان مرورا برمضان والعيد، وهو ما يعتبره التجار أحد أهم مواسم العام لزيادة دخلهم.

الدبعي أكد أن الحركة التجارية هذا العام شبه متوقفة وتتشابه مع الركود الذي مر العام الماضي والذي سبقه، مستدركا بأن العامين الماضين أفضل بكثير من هذا العام مقارنة بما يشاهده ويلامسه في متجره ومع جيرانه من التجار وأصحاب المعارض والمحلات التجارية في شارع العدين الرئيسي بمدينة إب عاصمة المحافظة.

ومن إب الى ذمار حيث شكا عامل النظافة "ح . ن" من قساوة الوضع الاقتصادي الذي يعيشه ورفاقه في المهنة، قائلاً: "الدنيا انقلبت رأساً على عقب واحنا ذيك هي رواتبنا ما تغيرت 30-40 ألف ريال (لاتكفي لقيمة سلة غذائية بسيطة)، هذا إذا حصلنا عليها دون خصومات"، مؤكداً أن كثيراً من عمال النظافة يعتمدون على ما يحصلون عليه في مكب النفايات من بقايا طعام او من ملاك المحلات لإطعام ذويهم، خصوصا مع تقليص المنظمات الإغاثية مساعداتها، مشيراً إلى زيادة هم الجميع دخول الشهر المبارك فوق هموهم.

استقبال الشهر الكريم لدى مختلف الأسر اليمنية، كان يبدو واضحا وجليا منذ مطلع أو منتصف شهر شعبان من كل عام، إذ يجمع العمال وكل شرائح المجتمع جهود عملهم المادية ويدخرون منها ما يمكن ادخاره لتوفير احتياجاتهم في الشهر الفضيل، غير أن تلك السمة تراجعت وتغيرت كليا منذ اندلاع الحرب في 2014، وظلت تلك السمة تقاوم التحديات الجديدة التي فرضت عليهم بفعل الإنقلاب والحرب خصوصاً في الثلاثة الأعوام الأولى، حيث صمد العديد من المواطنين ونجح البعض وأخفق آخرون في مقاومة تبعات ذلك.

خلال السنوات الماضية من عمر الحرب التي اندلعت بسبب انقلاب مليشيا الحوثي واجتياحهم صنعاء ومدن عدة في البلاد، وصولاً إلى رمضان العاشر هذا العام، تفاقمت معاناة اليمنيين أضعافاً مضاعفة، وانهار الصمود الذي بدأ في سنوات الحرب الأولى، وباتت الأوضاع المعيشية قاسية وتكشف عن جحيم لا يطاق من المأساة التي بلغت ذروتها مؤخرا، إذ يفتك الغلاء والانهيار الاقتصادي بأحوال اليمنيين في الداخل.

تفيد الأمم المتحدة في أحد تقاريرها أن 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 32 مليونا بحاجة إلى المساعدات، في الوقت الذي بات اليمن يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وتعاني كل شرائح المجتمع اليمني من تبعات الأوضاع المتردية التي تشهدها البلاد والتي أدت لارتفاع الأسعار بشكل كبير، في الوقت الذي غابت فرص العمل وتوقفت المرتبات وحتى من يعمل في القطاع الخاص يعاني هو الآخر نتيجة انخفاض قيمة الراتب أمام حركة الأسعار المرتفعة من وقت لآخر فيما راتب موظف القطاع الخاص أو مستحقات العامل تظل كما هي، ما يجعل المعاناة أكبر.

موظفون بلا رواتب

شريحة واسعة من اليمنيين تغيرت حياتهم كليا وباتوا في وضع قاسي ولم يكن أحد يتخيله، وهم موظفي الدولة وفي مقدمتهم المعلمين، إذ أقدمت مليشيا الحوثي على قطع رواتب الموظفين في أكتوبر 2016م، وحتى اللحظة لا تزال الرواتب متوقفة، ما تسبب بإدخالهم ضمن دائرة الفقر المدقع، حيث لا يستلم الموظف سوى نصف راتب كل ثلاثة أو أربعة أشهر ولا يكاد يغطي أبسط الاحتياجات المعيشية.

المعلم في احدى مدارس ضواحي صنعاء نبيل فؤاد يقول "ما يعيشه الموظف اليوم لا يمكن تصوره أو تخيله أو حتى تصديقه، فقطع المرتبات حولت حياة المعلمين وكل الموظفين إلى جحيم طوال العام"، متسائلاً "كيف تتوقع سيكون وضع وحياة الموظف في رمضان، إذ كان يعاني في بقية الشهور".

ويضيف فؤاد في حديثه لـ"المصدر أونلاين" أنه لم يفكر باستقبال رمضان بتوفير متطلبات الشهر الفضيل، وما يفكر به هو أساسيات الحياة من دقيق وسكر ورز وهي أمور باتت ثقل كاهل كل اليمنيين، مشيرا إلى أنه صار لديه الأمر واحد رمضان وغير رمضان، نتيجة اهتمامه بتوفير الحاجات الأساسية لأسرته، مؤكدا مغادرة العشرات من زملائه المعلمين للاغتراب في المملكة العربية السعودية بسبب انقطاع الرواتب وانعدام فرص العمل اليومية.

حال السكان والموظفين في المناطق والمحافظات المحررة كحال منهم في مناطق الحوثيين، حيث فقد الموظفين القيمة الحقيقية للراتب نتيجة ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية في ظل بقاء الراتب كما هو منذ أكثر من عقد من الزمن، وهو الأمر الذي جعل حياة مختلف شرائح المجتمع تعاني تبعات هي الأقسى والأكبر من أي عام مضى.

المصدر أونلاين