"أوشك نصف جسمي على الإصابة بالشلل، وإذا الحكومة الشرعية غير قادرة على منحة علاجية لمواطن بسيط وصحفي خدمها كثيرا فعلى الدنيا السلام"، بهذه الكلمات ناشد الصحفي عبده سيف القصلي عبر صفحته الشخصية على فيسبوك الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي لإنقاذه من المرض، من خلال توفير منحة علاجية إلى الخارج بعد عجز الأطباء في الداخل عن تشخيص مرضه.
جاء هذا النداء من الصحفي القصلي، بعد تدهور حالته الصحية، مطالباً زملائه في وسائل الإعلام إيصال مناشدته إلى المسؤولين في الدولة.
عام وشهرين من التردد على مستشفيات مدينة تعز، أنفق فيها القصلي كل ما يملك، ليجد نفسه اليوم مضطرا للإفصاح عن مرضه، بعد أن ساءت حالته الصحية خلال الأيام الماضية، ليغدو قعيدا وشبه عاجزٍ عن الحركة.
يوضح القصلي بحرقة العاجز "أنا مريض ونصف جسمي شبه مشلول، لا أحد من أقاربي هنا، وبجانبي زوجتي تبكي وتعاني وتتألم، وطفلي ذو العشرة أشهر عندما يرى والدته تبكي يتسمر ويتوقف عن الحبو واللعب، مع اتصالات من قريباتي مخلوطة بالبكاء والدعاء بالشفاء، كما لا يستطيع أحد زيارتي من القرية بسبب بعد المسافة وقطع الطرقات".
يٌبيِّن "لدي فلوس تكفيني لإسعاف نفسي إلى أحد المستشفيات هنا، لكن يئست منها، آخر طبيب ذهبت إليه قبل ستة أيام وكان تشخيصه للمرض أنه اعتلال عصبي، بخلاف الأطباء السابقين الذين اختلفوا كلهم في التشخيص"، مؤكدا بأن أعراض المرض تفوق الاعتلال العصبي، والدواء الذي قرره آخر طبيب لم يفده بشيء، حتى أن تحريك الأقدام بات يفقده الإحساس تماما.
وبعد انقلاب الميليشيا الحوثية على الدولة، ظل القصلي طوال أكثر من سبع سنوات في صنعاء، يعمل لدى بعض المواقع الإخبارية، يدعم بتقاريره الحكومة الشرعية ويندد بالانقلاب الحوثي بأسماء مستعارة وأحيانا من دون اسم كما يقول.
يضيف "عندما انتقدت أداء الحكومة الشرعية أو بعض المواقف كان ذلك بدافع وطني بحت".
يلفت قائلاً وهو يعاني المرض "أنا هنا لا أطالب بوظيفة أو منصب، وإنما منحة علاجية بعد أن أوشك نصف جسمي على الإصابة بالشلل التام".
قبل عامين فقط، غادر القصلي صنعاء متجها إلى تعز، خشية بلاغات الوشاة والمخبرين، يقول إن مغادرته تلك، بمثابة ميلاد جديد له، لكن سرعان ما بدأ فصل جديد من المعاناة، وذلك حينما مرضت زوجته، وكان هو من يتولى أعمال البيت ورعايتها وجلب الطعام من المطاعم، كل ذلك وهو يمشي بصعوبة متوكئا على العكاز، يردف "كنت مريضا لكني أكابر، أما الآن فلم أعد أستطيع المكابرة".
وتعد قصة الصحفي عبده سيف القصلي، شاهداً حياً على معاناة الصحفيين في اليمن.
فمنذ اندلاع الحرب عام 2014، تفاقمت أوضاع الصحفيين في اليمن، وتعرض عدد كبير منهم لصنوف من المعاناة القاسية، كما بات قطاع واسع من المشتغلين في مجال الصحافة والإعلام على رصيف الحاجة والحرمان يتضرعون انفراجة مرتقبة طال أمدها، متوسلين إنقاذ ما تبقى من كرامتهم وحياتهم العاثرة. إلا أن نوائب الدهر غادرة في الكثير من الأحيان، فما إن يصاب صحفي بانتكاسة أو مرض، يلقى نفسه وحيدا يصارع أحكام القدر، بلا تأمين وظيفي، ولا التفاتة من جهة مسؤولة بالدولة.
تلك إذا هي حياة الصحفيين في اليمن، قلق دائم وسط حياة مهددة بالانهيار في أي لحظة.