أخبار محلية

رحلة قطع جواز.. 15 ساعة من الجحيم بين صنعاء وعدن لقطع "الباسبور"

المصدر
أحمد حلمي

على متن حافلة متهالكة، غادر 20 مسافراً ومسافرة صنعاء، وجهتهم عدن المدينة الساحلية جنوب اليمن، لقطع جوازات سفر، بينهم كبار سن، الخوف ينال من الجميع خشية من طرق متهالكة وعقبات تنتظهم على طول الطريق.

لا شيء يؤرق اليمنيين مثل مشقة السفر الداخلي في طرق طويلة ومتهالكة، وبالتالي صار السفر الداخلي متعباً ومكلفاً ومخيفاً لدرجة أن البعض صار يحجم عنه تجنباً لمشاكل الطرق الناجمة عن الحرب؛ إذ أصبحت الطرقات تعج بنقاط التفتيش الأمنية والعسكرية، وتمتلك هذه النقاط سلطات واسعة تصل للاحتجاز.

يقول عبده مارش (٤٥عاماً) إن المسافة من صنعاء إلى عدن أمست تقدر ب 14 ساعة متواصلة، بعد أن كانت أقل من النصف، وهي متعبه جدا لكبار السن والأطفال، وهم مضطرون لقطعها، فلا يمكن لأحد قطع جواز من صنعاء كون الدول لا تقبل جوازات صادرة منها.

ويضيف مارش أن هناك مخاوف وتحدياتٍ ومخاطر يتعرض لها المسافرون من صنعاء إلى عدن فجحيم الطرقات وبُعدها ووعورتها معاناة ليست بالهينة، وهناك أشخاص لا يتحملون السفر الطويل.

الطرق وجحيمها معاناة أمست تقض راحة السكان الذين يأملون أن يجدوا حلاً سريعا لمعاناتهم، سواءً لقطع الجوازات في تعز أو عدن أو مارب، أو للتنقل بين محافظات البلاد.

ووفق دراسة حديثة لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فقد تسببت العمليات العسكرية المتواصلة في البلاد بتدمير ما لا يقل عن 100 جسر وحوالي ثلث الطرق المعبدة بطول 5 آلاف إلى ستة آلاف كيلو مترا).

وأشارت الدراسة التي اعتمدت إحصائياً على تقديرات سلطات صنعاء وحكومة عدن، إلى أن هناك طرقا سخرت لخدمة أهداف عسكرية، حيث شرعت الأطراف المتحاربة في إغلاق الطرق الرئيسية القريبة من الجبهات، إما بسبب الأضرار التي لحقت بها خلال الاشتباكات، أو بهدف منع خصومها من الوصول إلى مناطق تعتبر ها استراتيجية.

معاناة كبارة السن

يقول محمد مراد إن رحلتهم من صنعاء الى العاصمة المؤقتة لم تكن سهلة، فقد واجه الركاب على طول الطريق مخاطر جمة فالطرقات وعرة، ومليئة بالحفر والمطبات، وهي بمثابة اختبار صبر وقوة تحمل خصوصاً لكبار السن.

ويواصل مراد حديثه بالقول كان الخوف يملأ قلوب الركاب مع كل منعطف حاد، ومع كل جسر متهالك يعبرون عليه. لم يكن هناك مجال للراحة طيلة وقت السفر، مشيراً إلى أن أحد الركاب كثير النزول من الحافلة كونه مريضا بالبروستات ويحتاج كل 15دقيقة للنزول لقضاء حاجته، مما يجعل الحافلة تتأخر ساعتين فوق ال١٤ساعة.

وفي حديث لها تشير آمنه سعيد الطالبي الى أن مشقة الطريق ليست الوحيدة التي واجهها الركاب، بل واجهت أيضاً صعوبة بالغة في الحصول على تصاريح السفر من صنعاء إلى عدن فزوجها متوفي ووالدها مسافر واضطرت إلى أن يأتي عمها من الريف ليعطيها موافقة بالسفر لقطع جواز من المحافظات المحررة.

وتقول آمنه إن الحصول على تصريح السفر بمثابة حلم صعب المنال، فالكثير من النساء لم يتمكنّ من الحصول على تصريح، واضطررن للعودة إلى صنعاء.

المواطنون ومواجهتهم مع عائلاتهم لمتاعب مضنية أثناء سفرهم في هذا الخطوط الممتلئة بأعداد لا حصر لها من الحفريات والمطبات التي افتعلها مواطنون وأصحاب محال تجارية، كنقاط لبيع بضائعهم على المسافرين حيث تبلغ المطبات ما يزيد عن 1500مطب.

ونتيجة لانقطاع سبل طرق التواصل البري بين المحافظات اليمنية، مترامية الأطراف، اضطر الأهالي والقائمون على وسائل النقل البري، إلى اتخاذ طرقا بديلة تتسم بالوعورة الشديدة ومشقتها الزمانية والمكانية بعكس ما كان عليه الحال قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ ما يقارب العشر سنوات.

من جهة أخرى تسببت الحرب بتدمير كثير من الطرق، وبعضها صارت مغلقة لقربها من مناطق عسكرية أو تضررها من مواجهات وبالتالي تسلك السيارات طرقًا بديلة تكون طويلة وريفية رديئة في الغالب ما يجعل السفر شاقا ومكلفا؛ فالسفر من صنعاء إلى عدن كان يستغرق قبل الحرب، نحو خمس ساعات، بينما بات اليوم يستغرق نحو 15 ساعة، يكون فيها المسافرون عرضة لمخاطر رعدة.

يقول مروان الجماعي إن "بعد رحلة شاقة استمرت يومين بعد تعطل الحافلة في- دمنة خدير-وتأخير في النقاط الأمنية التي تطلب الوثائق الثبوتية، وعند قربنا من بير أحمد طلبت أحد النقاط من الرجوع وأن نسلك طريق الرباط ،كونه غير مسموح بالدخول من النقطة وفعلا رجعنا من طريق الرباط وتم إنزال الركاب بطريقة مهينة وتفتيشهم فردا فردا، وتوجيه أسئلة لماذا هم ذاهبون لعدن".

وأضاف:"أن الأسئلة غير منطقية، نجد صعوبة في التنقل بحرية داخل وطنا رغم أن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة( ٦) ينص على حرية التنقل للأفراد"، مشيرا إلى وصول الركاب أخيراً إلى عدن وأن الوصول لم يكن نهاية المعاناة، فقد واجهوا صعوبة في العثور على سكن مناسب، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

ولفت إلى أنه واجهَ صعوباتٍ جمةً في قطعِ جوازِ سفرهِ واضطرّ إلى الانتظارِ في طوابيرَ طويلةٍ لأيامٍ ، مُتعرّضاً لظروفٍ صعبةٍ من ازدحامٍ وشمسٍ حارقةٍ ونقصِ الخدماتِ.

وقال إنه بعد كل هذه المعاناة وبعد استكمال معاملة الجواز، أكدوا له إلى أنه سيضطر للانتظار ثلاثة أشهر كونه لايوجد مع مكتب جوازات كريتر دفاتر.

وأكد أن أحد السماسرة طلب منه مبلغ 500ريال سعودي إذا كان يريد اصدار جواز مستعجل.

تمثل هذه القصص نموذجا مُصغراً لمعاناةِ اليمنيينَ في ظلّ الحربِ، حيثُ تُعيقُ الإجراءاتُ المُعقدةُ والظروفُ الصعبةُ حريةَ التنقلِ والعيشِ الكريمِ. تُؤكّدُ هذهِ القصةُ على ضرورةِ العملِ على إنهاءِ الحربِ ورفعِ المعاناةِ عن كاهلِ اليمنيينَ.

المصدر أونلاين