حذر الأكاديمي المختص في علوم البيئة والتخطيط البيئي الدكتور أنور الشاذلي، من أن "غرق السفينة سيسبب كارثة بيئة هائلة"، مشيراً إلى أن "أسمدة نترات الأمونيوم التي تحملها السفينة تعتبر من المبيدات المحرمة دوليا حسب اتفاقيّة (بازل) لحظر وتداول المواد الخطيرة على البيئة، حين تذوب كمية هائلة من هذا السماد في مياه البحر تؤدي إلى كارثة بيئية".
وغرقت السفينة "روبيمار" في البحر الأحمر، يوم السبت، بعد 12 يوماً على استهدافها من قبل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بعدد من الصواريخ أثناء إبحارها أمام ميناء المخا اليمني في الـ18 من الشهر الفائت.
وحول الأضرار غير المباشرة التي قد يسببها غرق السفينة قال د. الشاذلي إن "نسبة المواد السامة خصوصا في الطبقات العليا ستزيد وستؤثر على البلانكتون النباتي الموجود على سطح البحر، والذي يخلص الكرة الأرضية ويخلص الهواء الجوي من 50% من ثاني أكسيد الكربون الذي ينتشر عبر الأنشطة المختلفة، وهذا بطبيعة الحال سيلقي بظلاله على البيئة من كل النواحي".
وأضاف: "الكائنات حين تخلصنا من ثاني أكسيد الكربون هي تساهم في الحدّ من خطورة الاحتباس الحراري وتغيرات المناخ، وفي حالة تم القضاء عليها بهذا الشكل عن طريق هذه المبيدات التي ستسبب كارثة بيئية سيفاقم الاحتباس الحراري ومشاكل تغيرات المناخ خصوصا على البيئة الساحلية وسيضيف مشاكل أخرى لمشاكل البيئة الساحلية هذا بشكل غير مباشر".
وتابع الشاذلي وهو دكتوراه في المياه والأراضي والبيئة، وأستاذ في البيئة والتخطيط البيئي ومحاضر في جامعتي تعز السعيد والمركز البريطاني واستشاري في الصندوق الاجتماعي للتنمية: "الأشكال المباشرة ستضخ كميّات هائلة من كاتيونات الأمونيوم ومن نترات أمونيوم وهذه الشوارد السالبة والشوارد الموجبة سواء كانت كاتيونات أو أنيونات ستؤدي إلى خفض الاكسجين الذائب في مياه البحر في الطبقة السطحية بشكل كبير جدا وهذا سيؤثر على البيئة الساحلية بشكل كبير وعلى السلاسل الغذائية ابتداء بالبلانكتون النباتي وانتهاء بالإنسان".
وأشار إلى أن "البلانكتون النباتي من السلسلة الغذائية للأسفنجيات والجوفعويات التي تتغذى بشكل مباشر على هذه الكائنات الهائمة والتنوع الحيوي في هذه المنطقة من الكائنات الحية أو في هذا الحيز التطوري من الكائنات الحية سيلاقي اضرار كبيرة جدا وسيؤثر على الشعب المرجانية وعلى مستعمرات الأسفنج الموجودة على السواحل اليمنية".
واستطرد الشاذلي: " النترات والأمونيوم لها آثار تراكمية على الكائنات الحية في السلاسل العليا مثل الأسماك والقشريات والأسماك الصغيرة تتغذى عليها الأسماك الكبيرة هذه الأملاح والعناصر السامة الموجود في السماد لها أثر تراكمي في الكائنات الحية وحينها كبيرة أن تراكم كميات هائلة من هذه الايونات في الاسماك قد تنتقل إلى للإنسان بشكل طبيعي".
ويعتمد 90% من سكان محافظة الحديدة غربي اليمن على صيد الأسماك ولليمن شريط ساحلي يزيد على 2000 كم غني بالأحياء البحرية وقطاع صيد الأسماك يشكل 3% من إجمالي الناتج المحلي اليمني ويعتبر ثاني أكبر مصدر للإيرادات اليمنية بعد النفط.
وأكد الشاذلي أن "السواحل اليمنية نشطة في موضوع الصيد، وفي حالة تناول الإنسان لمواد فيها أمونيوم متراكم يؤدي إلى سرطانات خطيرة جدا خصوصا اللوكيمياء لأن النترات في دم الإنسان تتحول إلى نتريت فيحدث لها اختزال وتفقد ذرات أوكسجين وتتحول الى نتريت والنتريت يعمل في الجسم يذهب إلى مهاجمة هيوجلوبين الدم وهجومه يعني سرطانات لوكيمياء وسرطان دم وغيرها من السرطانات".
وقال إن "غرق السفينة سيؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة من الكائنات البحرية وسيؤثر على السلاحف البحرية التي تعاني والتقارير الأخيرة تقول إن السلاحف في البيئة اليمنية تعاني من مشاكل كبيرة جدا، لأن السواحل اليمنية تشكل جزء من موائل هذه السلاحف وجزء من دورة حياتها والسلاحف تضع البيوض على الشواطئ وهذا الموضوع مثار جدا بسبب تغيرات المناخ لأن تغيرات المناخ تؤدي الى مد وجزر عال جدا، وتؤدي الى ارتفاع مستويات المياه والحت الشاطئي في السواحل اليمنية".
وأضاف الشاذلي أن "هذه الأمور كلها تؤثر على البيئة البحرية والطيور المهاجرة لأنها تتخذ من الجزر والشواطئ اليمنية موائل لها في مواسم الهجرة والتلوث بهذه المواد الخطرة يؤدي إلى أن هذه المواد تزحف الى الشواطئ وتوثر على اشجار المونجروف والتي تحافظ على السواحل من الحت الشاطئي من المد والجزر وتمنع تآكل الشواطئ وتعتبر موئلاً للقشريات وموئلاً للطيور المهاجرة وهي من النباتات التي تتأقلم مع السواحل وتمنع تسرب الأملاح الى الأمتار الأولى المتاخمة لسطح البحر وتمنع تملح التربة ولها قدرة كبيرة على امتصاص الأملاح ومقاومة انتقالها".
وكان رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك وصف غرق السفينة روبيمار بالكارثة البيئية التي لم يعهدها اليمن والمنطقة، وقال في تغريدة على موقع إكس "هي مأساة جديدة لبلادنا وشعبنا وكارثة إنسانية تهدد حياة اليمنيين لعشرات السنوات". مشيرا إلى أن "مليشيا الحوثي لم تكتف بإغراق اليمن في كارثة الانقلاب والحرب وما تمخض عنها من مآس لحقت بكل أسرة يمنية".
وقال الشاذلي إن" هذه الكوارث تأتي كجزء من إفرازات الحروب والصراعات الإقليمية ودائما المتضرر من هذه الكوارث والحروب البيئة والانسان بالدرجة الأولى ".
وحذر الشاذلي من أن "المواد السامة والأسمدة المحرمة دوليا ستؤدي الى مشاكل كبيرة الى ارتفاع نسبة الأيونات في التربة على حساب الأكسجين وعنصر الأكسجين إذا نقص في الطبقة الأولى سيؤدي الى دمار في البنية الحيوية في البحار من أسماك وقشريات وشعب مرجانية وإسفنجيات وكائنات بحرية وهذه كلها لها آثار سلبية على البيئة اليمنية وعلى حياة الانسان على السواحل اليمنية وسيؤدي ذلك الى تلوث الشواطئ وتأثر المجتمعات على السواحل والتي تعاني أساسا من تلوث بسبب القاء مخلفات الصرف الصحي على السواحل وهذه مشكلة لوحدها وتؤدي الى مشاكل كثيرة منها تضرر قطاع السياحة وقطاع السياحة في اليمن مضروب".
واختتم الشاذلي حديثه بالقول: "نحن للأسف نفتقر إلى تقييم الأثر البيئي ولجان تقييم الأثر البيئي وأساسا التشريعات البيئية في أيام الحروب هذه تأخذ إجازة، ويعني أن إجراءات حماية البيئة وإجراءات التخفيف وإجراءات بناء القدرات وإجراءات التلاؤم هذه كلها أيام الحروب تأخذ إجازة طويلة، والمتضرر الأكثر في الحرب هي البيئة والتي أصبحت بلا محامي وبلا أجهزة بيئة بسبب تشتت القرار وغياب التشريعات البيئية وغياب القرار وغياب سن القوانين، لا يوجد رقابة لا يوجد حساب ولا عقاب وبالتالي البيئة في اليمن تعاني من مشاكل كثيرة تبكي القلب قبل العين".