قال الخبير المختص في الآثار، عبدالله محسن، صباح اليوم الإثنين، إن ثلاث قطع من آثار اليمن تم بيعها مساء أمس الأحد في العاصمة البريطانية لندن.
وأفاد محسن في منشور على صفحته بـ"فيسبوك" أنه "في مزاد أبولو الشهير بيعت مجموعة كبيرة من التحف الأثرية لعدد من الحضارات من بينها ثلاث قطع من آثار اليمن"، مشيرا الى أنه تابع "ليلة أمس البث الحي للمزاد الذي شهد تنافساً حاداً على بعض التحف المعروض، وقد بيعت في المزاد مجموعة جمال برونزية، وشاهد قبر رجل من المرمر، زوج من تعليقة قلادة من الذهب".
وأشار الى أن "مجموعة من ثلاثة جمال واقفة من البرونز المصبوب من القرن الثاني قبل الميلاد لكل منها آذان مرتفعة وسنام واحد وذيل قصير ، مع زنجار سطح مؤكسد مرقش باللونين الأزرق والأخضر والأحمر والبني".
وحسب المزاد فإن مالك هذه الجمال الأثرية الحالي؛ "معرض الفنون القديمة في لندن، اقتناها من مجموعة أن واي سي"، وفق محسن الذي أشار الى أن "المتاحف والمزادات العالمية تزخر بالجمال اليمنية الأثرية البرونزية والنحاسية".
وذكر أن متحف ميونخ "يحتفظ بعدد من الجمال البرونزية (موللر:1999م) وكذلك المتحف البريطاني ومتاحف أمريكية عدة".
وقال محسن إن دراسة عن مكانة الجمل في الحضارة اليمنية لأستاذ الآثار القديمة بجامعة إب ، ا لدكتور منير العريقي أثبتت أن "الموطن الأول للجمل أحادي السنام هو اليمن القديم، وأن اليمنيين القدماء هم أول من استأنسه واستخدمه لعدة أغراض في حياتهم ، وكان الجمل أحد أسباب ازدهار الحضارة اليمنية في بداية الألف الأول قبل الميلاد. وقد أولى اليمنيون القدماء اهتماماً كبيراً بالإبل حياً أو ميتاً، ويظهر ذلك من خلال اختلاف طرق الدفن وتنوع المقابر، وكذلك الطقوس الدينية التي رافقت عملية الدفن".
ولفت الخبير في الآثار الى أن "رأس رجل من المرمر من آثار اليمن من القرن الثاني قبل الميلاد على الأرجح، أطلق خبير المزاد لخياله العنان فوصف الوجه في شاهد القبر بالتالي: (ويقدم مظهراً خيالياً يتكون من التحديق، والعينين المفتوحتين على مصراعيهما، وخط الحاجب المقوس، والأنف، والشفاه المغلقة تشير إلى تداخل دقيق ومحبب)، ويقصد أن تعابير الوجه مزيج من التفكير العميق والأسى والحيرة وربما الحسرة. ربما انتهى به المطاف مبكراً دون أن يحقق نجاحه الذي ينشده بسبب الحروب التي لا تنتهي ، وربما تكون كلها تفسيرات لا أساس لها من الصحة".
ونسب المزاد الزوج من تعليقة قلادة من الذهب إلى "العصر الهلنستي"،حسب محسن، لكنه أشار الى أن البروفيسورة ليلى عقيل أكدت على أنها "صفائح ذهبية يمنية قديمة وهي على الأغلب مجوفة، تتماثل في كل عناصرها الشكل والتقنية والزخرفة وطريقة التعليق مع قطعا أخرى يمنية. استخدمت فيها الحبيبات الدقيقة التي تستخدم بكثرة على الحلي اليمنية القديمة وكذلك أشكال المثلث والمعين والزخرفة الوسطية التي صنعت من سلك دقيق مبروم. هذه كلها عناصر تميزت بها الحلي اليمنية القديمة بشكل عام. وهي تتماثل مع صفائح يمنية في المتحف البريطاني."
وفي التعريف بها قال الخبير محسن إن الدكتورة ليلي عقيل "حاصلة على درجة الدكتوراه في تاريخ الفن والآثار وبتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة السوربون في باريس ، وكانت أطروحتها عام 1993 بعنوان الحلي اليمنية القديمة قبل الإسلام".
وأضاف أن أستاذ النقوش وتاريخ الفن القديم في جامعة عدن، الدكتور محمد باعليان يؤكد أن "أسلوب الصناعة يبدو مألوفاً، التحبيب أو تقبيب حبيبات الذهب أسلوب معروف في الحلي اليمنية، أيضا أشكال المثلثات، وهو أسلوب يظهر بوضوح في المصوغات القتبانية".
وزوج المعلقات الذهبية المخرمة، "يتكون كل منها من لوحة مستطيلة الشكل، مزينة بسجلات متحدة المركز من اللفائف، والتخريمات، والخيوط. تم تطبيق أقراص صغيرة تحتوي على أزهار ذات ثماني بتلات تزين الزوايا، مع أقراص أصغر تعرض نفس التصميم داخل المساحة المركزية المستطيلة"، وفق المختص محسن.
ويوجد وسط الزوج المعلق "شكل متقاطع يتكون من خمس حلي، بينما تعرض الحافة العلوية صفاً من خمس حلقات تعليق مزينة بألواح على شكل معيني. ويظل الجزء الخلفي من اللوحات مسطحاً وغير مشغول. وهي من مقتنيات رجل نبيل من غرب لندن؛ سابقًا في مجموعة تم تشكيلها في سوق الفن البريطاني/العالمي في التسعينيات".
وبين الحين والآخر ينشر الخبير محسن، تفاصيل عن آثار يمنية قديمة يتم عرضها وبيعها في العديد من بلدان العالم، أغلبها في دول عربية وغربية، ويدعو الحكومة اليمنية مرارا الى استعادة هذه القطع التي يتم عرضها في المزادات بمبالغ زهيدة.
ومنذ انقلاب الميليشيا واشعالها فتيل الحرب في البلاد، تعرضت الآثار اليمنية لعمليات تنقيب ونهب واسع، لتهريبها وبيعها في بلدان خليجية وأوروبية مقابل مبالغ زهيدة.