أخبار محلية

الدول المطلة غائبة وإسبانيا تنسحب وفرنسا وإيطاليا مترددتان.. مصير تحالف واشنطن لصد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على المحك

المصدر
بهاء علي

منتصف الأسبوع الفائت، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات لحماية الملاحة الدولية وصد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لكن هذا التحالف بدأ في التفكك قبل أن يُفعل رسمياً، ورفضت دول محورية المشاركة فيه، لأسباب متعددة، بعيدة عن الاستعراضات الصورية لإيران ووكلائها في المنطقة.

التحالف الذي أطلق عليه اسم "حامي الازدهار"، شمل لدى إعلان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنشاءه عشر دول، هي الولايات المتحدة وبريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنروج وسيشيل وإسبانيا، بالإضافة إلى البحرين التي تستضيف على أراضيها مقر قيادة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

والخميس، قال البنتاغون، إن أكثر من 20 دولة انضمت إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين.

وأوضح متحدث البنتاغون الجنرال بات رايدر، في مؤتمر صحفي أنه "لدينا أكثر من 20 دولة موقعة للمشاركة" في التحالف، لكنه لم يسم تلك الدول.

اليونان وحدها أعلنت انضمامها للتحالف، وقال وزير دفاعها نيكوس ديندياس، يوم الخميس، إن بلاده "تعتزم إرسال فرقاطة إلى البحر الأحمر للمشاركة في عملية "حارس الازدهار".

ورفضت أستراليا، طلبا أمريكيا بإرسال سفينة حربية للمساعدة في حماية ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر.

وقال وزير دفاعها ريتشارد مارلز، لشبكة سكاي نيوز، إن أستراليا لن ترسل "سفينة أو طائرة" إلى الشرق الأوسط، مؤكدا أن "التركيز الاستراتيجي لبلاده يجب أن يظل على منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

انهيار وشيك أيام فقط على تشكيل التحالف، كانت كافية لظهور تباين كبير في مواقف الدول التي أعلنت واشنطن انخراطها فيه.

وتظهر المعلومات المتداولة الأحد، أن فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لها مواقف متباينة من المشاركة في التحالف الأمريكي، مرتبط بحسابات المصالح والتداعيات المحتملة للهجمات الحوثية على تلك الدول، إضافة إلى اعتبارات إنسانية وأخلاقية للأخيرة، والتي تتبنى مواقف متقدمة غربيا إزاء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.

إذ أعربت فرنسا عن قلقها إزاء تأثير انضمامها إلى التحالف على العمليات الأخرى، وقالت وزارة الدفاع الفرنسية، إنها تدعم الجهود الرامية إلى تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر والمنطقة المحيطة به، وأنها تعمل بالفعل في المنطقة، لكنها أضافت أن سفنها ستبقى تحت القيادة الفرنسية، ولم تذكر ما إذا كانت ستنشر قوات بحرية أخرى.

وقالت وزارة الدفاع الإيطالية إنها سترسل الفرقاطة البحرية "فيرجينيو فاسان" إلى البحر الأحمر لحماية مصالحها استجابة لطلبات محددة قدمها أصحاب سفن إيطاليين، لكن هذا يأتي في إطار عملياتها الحالية، وليس جزءا من عملية "حارس الازدهار".

مدريد تفجر المفاجأة فجرت مدريد الجدال، وأثارت شكوكا حقيقية في الدول المطوية تحت مظلة التحالف، وذلك بعد أن نفت انضمامها ومشاركتها على لسان المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية، بيلار أليغريا، والتي قالت إن مدريد لن تشارك "من جانب واحد" في هذا التحالف، على الرغم من أن وزارة الدفاع الإسبانية أوضحت أنها يمكن أن تفعل ذلك "في إطار حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي"، وفقًا لما أوردته صحيفة "إيلا بايس" الإسبانية.

وذكرت الصحيفة أنه تم إيضاح الأمر، عندما تم الاتفاق في اجتماع استثنائي للجنة السياسية والأمنية الأوروبية بين السفراء الأوروبيين، حيث أعلن جوزيب بوريل، المفوض السامي للاتحاد الأوروبي، القرار وذكر أن أوروبا ستكثف تبادل المعلومات مع الولايات المتحدة وتعزز وجودها البحري بقوات إضافية.

وأضافت: "ومع ذلك، في اليوم التالي، في اجتماع فني، استخدمت إسبانيا حق النقض ضد تغيير تفويض عملية أتالانتا (عملية تحارب القرصنة في المحيط الهندي منذ عام 2008)، لتشمل حماية الأمن البحري في البحر الأحمر، في قرار أحدث مفاجأة في الأوساط الدبلوماسية، إذ لم تقدم الحكومة الإسبانية أي تفسير لهذا النقض.

وفقًا لمصادر دبلوماسية، كان هذا التحول المفاجئ هو السبب وراء تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الجمعة، في أول مكالمة بينهما منذ اعتلاء سانشيز هذا المنصب.

ولم يشر بيان الحكومة الإسبانية عن مضمون الاتصال إلى قضية البحر الأحمر، وأفاد البيت الأبيض أن الزعيمين ناقشا أهمية وضمان عدم انتشار حرب غزة إلى جميع أنحاء المنطقة، وأدانا "هجمات الحوثيين المستمرة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر".

وفي يوم الجمعة، وبعد لقائه مع بيدرو سانشيز في مقر البرلمان، كشف زعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونيز فيجو أن قرار إسبانيا في الوقت الحالي هو "عدم التدخل، أو على الأقل عدم التدخل بموجب الشروط التي طلبتها الولايات المتحدة".

وقالت يولاندا دياز، نائبة رئيس الوزراء الإسباني، الخميس، لمحطة كادينا سير الإذاعية: "نفاق شديد أن يسارع المجتمع الدولي إلى حماية المصالح التجارية في البحر الأحمر، لكنه يصمت عند الدفاع عن المدنيين في غزة"، وفقا للصحيفة ذاتها.

وسبق أن انتقد رئيس الوزراء الإسباني، ومسؤولون آخرون، أبرزهم وزيرة الحقوق الاجتماعية إيوني بيلارا نداء، العدوان الإسرائيلي على غزة ووصفوه ما يحدث بأنه "حرب إبادة جماعية"، ووجهوا بكل متكرر دعوات للاتحاد الأوروبي بأن لا يكون مشاركاً في الجريمة والتدخل الفوري لإيقاف الحرب.

هجمات الحوثيين وموقف العرب ويدعي الحوثيون، المتحالفون مع إيران، أنهم يهاجمون السفن المتجهة إلى إسرائيل أو المملوكة لها، في إطار ما يسمونه التضامن مع غزة والذي تضمن أيضا إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه فلسطين المحتلة، لا تصل أهدافها في العادة، وتسببت بعضها بإصابات بعد سقوطها في مناطق مصرية بسيناء.

وقام الحوثيون بخطف سفينة تجارية مرتبطة برجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر بالتوازي مع مهاجمة سفن أخرى بمسيرات وصواريخ، تقول الولايات المتحدة أن هجماتها بلغت منذ 17 أكتوبر الماضي 15 هجوما على السفن التجارية، بما في ذلك الهجومان الذين وقعا يوم أمس، واستهدفت فيهما المليشيا M/V BLAAMANENوهي ناقلة كيماويات/نفط ترفع العلم النرويجي، وسفينة M/V SAIBABA، وهي ناقلة نفط خام مملوكة للجابون وترفع العلم الهندي.

ويشكك الكثير من المراقبين في أهداف الحوثيين الحقيقية من وراء الهجمات على السفن، وارتباطها أصلا بالتعليمات الإيرانية التي يقف وكلاؤها الآخرون على بعد أمتار من الحدود الإسرائيلية في لبنان وسوريا، ومع ذلك يخوضون حربا صورية على أبراج الاتصالات، ويطلقون صواريخ على مناطق فارغة.

ومع ذلك، فإن الدول العربية، رفضت المشاركة في التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة، لاعتبارات مرتبطة بالأمن القومي العربي، والرفض الواضح العدوان الإسرائيلي على غزة، والانخراط في أي عمل يفهم أنه تواطؤ مع الوحشية الإسرائيلية وحرب الإبادة التي يتعرض لها سكان القطاع والضفة الغربية.

ونفت الحكومة اليمنية، بشكل متكرر، أي نية للمشاركة في التحالف الجديد، مع تبني الانتقالي المشارك في الحكومة ومجلس القيادة مواقف مرحبة بالمشاركة، عبر تصريحات زعيمه الزبيدي الذي أعلن أكثر من مرة مؤخرا استعداد جماعته الانخراط في أي تحالف، يقول المراقبون أنها رسائل فضفاضة للظهور أكثر قوة أمام أتباع المجلس الداعي لانفصال جنوب اليمن.

مصر أكبر الخاسرين والسعودية رفضت المشاركة وتبدو مصر أكبر الخاسرين، جراء الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، فرغم تكبدها خسائر مالية ضخمة؛ بسبب تداعيات الهجمات الحوثية وتحول شركات الملاحة إلى الالتفاف عبر رأس الرجال الصالح، إلا أن القاهرة لم رفضت الانضمام إلى التحالف البحري، ويعزى ذلك إلى قرب مصر وارتباطها الوثيق بالملف الفلسطيني.

وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الخميس، أن الدول المطلة على البحر الأحمر "تتحمل مسؤولة حمايته"، في رفض ضمني المشاركة ضمن التحالف الذي أعلنت الولايات المتحدة تشكيله.

وقال شكري خلال مؤتمر صحفي في القاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون: "نشترك في مبادئ خاصة بحرية الملاحة وضرورة الحفاظ عليها. الدول المشاطئة تتولى مسؤولية تأمينه، ونواصل التعاون مع كثير من شركائنا لتوفير الظروف الملائمة للسماح بحرية الملاحة وتيسير النفاذ لقناة السويس".

وتابع شكري: "بريطانيا عضو في تشكيل وحدة بحرية جديدة في هذا الإطار، ومصر لها علاقات وتعاون مع شركائها في أطر أخرى، ومستمرون في التنسيق والحديث حول أفضل الوسائل لتوفير حرية الملاحة، ومنع أي تأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد".

وتشارك مصر، إضافة إلى السعودية في قوة المهام المشتركة-153، وتتمثل مهام هذه القوة، والتي تم إنشاؤها حديثا خلال العام الماضي، في مكافحة أعمال التهريب، والتصدي للأنشطة غير المشروعة خاصة الأنشطة الإرهابية في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ"دويتشه فيله" أو DW الألماني، فإن الرياض لن تنضم إلى التحالف البحري الجديد بسبب قلقها أن تلقى الخطوة بظلالها على مستوى التقارب مع الحوثيين والإيرانيين في الوقت الراهن. وفيما يتعلق بالإمارات، يرى الخبراء إن أبوظبي تعد العاصمة العربية الراغبة في تبني موقف أكثر تشدداً ضد الحوثيين من كل النواحي رغم عدم انضمامها التحالف البحري بقيادة واشنطن.

وفي مقال نشرته بلومبرغ، قال الأدميرال المتقاعد بالبحرية الأمريكية، جيمس ستافريديس، إن الإمارات والسعودية "لديهما وجهات نظر مختلفة حول كيفية التعامل مع أزمة الحوثيين حيث تدعو الإمارات إلى عمل عسكري قوي ضد المتمردين (الحوثيين)، في حين تريد الرياض نهجا أكثر اعتدالاً".

وبحسب تقرير "دويتشه فيله" فإن القاسم المشترك في رفض الدول الثلاث - مصر والسعودية والإمارات - للانضمام إلى التحالف البحري الجديد يكمن في قلقها من أن يُنظر إليها على أنها تدافع ضميناً عن إسرائيل، خاصة وأن استطلاعات الرأي تظهر أن القضية الفلسطينية ما زالت محورية لدى شعوب المنطقة.

المصدر أونلاين