اعتبر سياسيون يمنيون اعلان وزارة الدفاع الامريكية اعتراض مقذوفات حوثية كانت في طريقها لاستهداف اسرائيل في البحر الاحمر الأسبوع الماضي، استثمار سياسي جديد لجماعة الحوثيين لتأكيد أيدلوجيتها وشعاراتها المعادية لإسرائيل وإمريكا، مستبعدين تأثير هذا الهجوم على مسار وقف إطلاق النار باليمن.
وفي 19 أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" اعتراض سفينة حربية تابعة لها لثلاثة صواريخ كروز وعدة طائرات مسيرة أطلقتها الجماعة باتجاه إسرائيل، دون أي تبني من قبل الحوثيين للهجوم، سوى ذلك التهديد الضمني لرئيس حكومتهم عبدالعزيز بن حبتور المتوعد بعدم السكوت إذا استمر الحرب على غزة.
واستبعد الباحث العسكري ستيفن براين في تحليل نشره على مدونته "ويبونز سابستاك" المتخصصة في الأسلحة والحروب إطلاق جماعة الحوثي الثلاثة الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا أنه "لم تصل صواريخ كروز جديدة طويلة المدى إلى اليمن، فمن المحتمل أن صواريخ كروز التي تم إطلاقها على المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني، وهي مدمرة من فئة الأدميرال بيرك، كانت تفتقر إلى المدى اللازم لضرب إسرائيل".
اتهام أمريكي إسرائيلي مباشر
وأمس الثلاثاء، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، أن صواريخ كروز التي أطلقت من اليمن باتجاه إسرائيل الأسبوع الماضي وأسقطتها مدمرة تابعة للبحرية الأميركية في البحر الأحمر، كانت بمدى يمكن يصل إلى إسرائيل.
وقدر المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، مدى الصواريخ بما يقترب من ألفي كيلومتر. وقال مسؤولون أميركيون وقتها إن الصواريخ كانت متجهة نحو إسرائيل، لكنهم لم يوضحوا ما إذا كان من الممكن أن تصل إليها.
وأكد مسؤولون عسكريون أميركيون أن الحوثيين أطلقوا "وابلا من الذخائر التي تحلق على ارتفاع منخفض"، الخميس، واعترضتهم المدمرة الأميركية "يو إس إس كارني".
وحذرت الولايات المتحدة إيران ووكلاءها من الانضمام إلى الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، والإثنين اتهم البيت الأبيض طهران بتسهيل شن هجمات على قواعد تضم قوات أميركية في الشرق الأوسط.
واتهم الجيش الإسرائيلي إيران اليوم الأربعاء بإصدار أوامر لفصائل مسلحة تدعمها في اليمن والعراق ولبنان بشن هجمات في الآونة الأخيرة وقال إن إسرائيل تراقب المنطقة مع حليفتها الولايات المتحدة.
هجوم غامض
ويرجح المحلل السياسي، ياسين التميمي، أن الهجوم الحوثي يهدف لإظهار حجم المعركة التي يمكن أن تندلع من جانب التنظيمات المسلحة المرتبطة بإيران، خصوصا وأنها هجمات متزامنة بالطائرات المسيرة استهدفت قاعدة عين الاسد في العراق، لكن كثير من الغموض حول حادث الاستهداف هل كانت صوب البارجة الأمريكية أم باتجاه فلسطين المحتلة.
ويؤكد "التميمي أن الحادث يشير إلى أن جماعة الحوثي هي منصة تتحكم بها إيران، مضيفا أن خطورتها انها ترهن اليمن لاجندات اقليمية ومناورة مفضوحة ما يظهر البلد رهينة بيد جماعة مسلحة تتوسل الحرب الدائرة حاليا بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، رغم أن الشعب اليمني يقف دون استثناء إلى جانب اشقائه الفلسطينيين.
استثمار سياسي حوثي
وقلل من تأثير هجوم الحوثيين على التفاهمات الجارية حاليا بين السعودية والحوثيين، فالتخادم واضح بين الطرفين، حيث أن الولايات المتحدة تتعامل مع جماعة الحوثي كأحد الأدوات التي جرى توظيفها للقيام بأدوار سيئة في اليمن، والشعب اليمني دفع اثمان باهضة لهذه الجماعة الطائفية الإجرامية.
وأما الصحفي عدنان هاشم يؤكد أنها استثمار للجماعة سواء كان تهديد حقيقي للاحتلال أو الهجوم نفسه هو استثمار من الجماعة لتأكيد أيديولوجيتها وشعاراتها المعلنة، لكن إعلان البنتاغون لا يعرف الهدف بشكل واضح، رغم أن مسؤولين آخرين أشاروا إلى أن مسارات الصواريخ والطائرات المسيّرة كانت باتجاه جنوب إسرائيل.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الحوثيين أطلقوا خمسة صواريخ كروز كانت متجهة لإسرائيل أسقطت المدمرة الأمريكية يو أس أس كاري أربعة منها وأسقطت السعودية الصاروخ الخامس، كما تم إسقاط 30 طائرة مسيرة أخرى.
وأكدت أن الجيش الأمريكي يستعد لنشر ما لا يقل عن 12 نظامًا للدفاع الجوي في العديد من البلدان في جميع أنحاء الشرق الأوسط قبل أن يبدأ الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة قريبًا، مشيرا إلى وجود بطارية دفاعية على ارتفاعات عالية (ثاد) للاستخدام ضد الصواريخ الباليستية في طريقها حاليًا إلى السعودية من فورت بليس بولاية تكساس.
تحسين صورة الحوثيين
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عبدالكريم غانم، إنه في حالة صحة الرواية الأمريكية بأن الهجوم كان في طريقة إلى إسرائيل، ستكون محاولة للحوثيين لتسجيل موقف مما يحدث في غزة، لحصد موقف سياسي والاستفادة من التأييد الذي حصدته المقاومة الفلسطينية في تحسين صورة الجماعة الحوثية بعيدا عن أي تأثير عسكري لما يجري في غزة.
ويضيف "غانم" أن ما حدث ليس أكثر من تسجيل موقف قد تستفيد منه الجماعة شعبيًا في مناطق سيطرتها، مستبعدا أن يؤثر ذلك على التفاهمات التي قادتها سلطنة عمان مؤخرا بين جماعة الحوثي والسعودية لإنهاء الحرب الذي طال أمدها باليمن.
ويؤكد أن قوات الحوثي لا تملك صواريخ يصل مداها إلى أكثر من 2000 كيلو متر، لتشكل تهديدا فعليا على إسرائيل أو حتى مدينة (إيلات)، أقرب المدن الإسرائيلية لليمن، مستبعدا في نفس الوقت أي رد على هجوم الحوثيين لأن الحادث لا يمثل دخول طرف جديد له وزنه في الحرب ضد إسرائيل، بقدر ما هو رسالة تضامن مع المقاومة الفلسطينية.
كما لا ترغب الولايات المتحدة في توسيع رقعة الصراع في المنطقة، بسبب وجود مصالح لديها في البحر الأحمر أقرب للحوثيين من إسرائيل، ويمكن أن تصبح عرضة لصواريخهم ومسيراتهم.