يعيش وليد الكميت، 35 عامًا، في قرية المعجار بمديرية الزهرة منذ الطفولة، ويعتمد على الزراعة وتربية المواشي لكسب لقمة العيش. قبل أيام، كان لدى وليد أربع أبقار، وكن بالقرب من بيته المتواضع المبني من القش والطين.
في التاسع عشر من أغسطس، اختفى البيت وذهبت الأبقار، وأصبح لا يملك شيء. داهمت منزله السيول المدمرة، وجرفته مع كل ممتلكاته، وبالكاد لاذ بالفرار مع أفراد أسرته.
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول وليد: “السيول دفنت بيتي، وجرفت أبقاري الأربع، حيث تصل قيمتهن إلى ما يقارب 2 مليون ريال. أنا اليوم عاجز عن إصلاح بيتي بعد أن فقدت مصدر دخلي. ما حصل لنا كان مرعبًا، وسنعاني كثيرًا بسبب ذلك”.
حسن محمد، مواطن في مديرية الزهرة بالحديدة، يقول لـ “المشاهد” إن بيته تهدم بسبب قوة السيول وغزارة الأمطار. يوضح: “استمر هطول المطر لساعات طويلة، وكنت خائفًا لأن البيت مبني من الطين والقش. وعندما أشتد المطر وجاء السيل، شعرت أن البيت سينهدم. ولحسن حظي، توقف المطر لساعة، واستطعت نقل أسرتي إلى مكان شبه آمن، وبهذا نجونا”.
يشير حسن إلى أن كل المواطنين في قرية المعجار بالزهرة تضرروا، حيث فقدوا مزارعهم وبيوتهم ومواشيهم ومحالهم المتواضعة، وحتى اليوم لا زال وضع القرية كارثي والحزن يسيطر على العديد من الأسر.
يضيف: “لم ننم في بعض الليالي، خوفا من اشتداد السيل، حتى إن الأطفال والنساء ظلوا ينتقلون من مكان إلى مكان بحثًا عن الأمان، وكنا نستخدم الطرابيل بدلًا عن بيوتنا التي انهارت”.
تداعيات كثيرة
علي جريش، معلم تربوي في مديرية الزهرة، يقول لـ “المشاهد” إن السكان في قرية المعجار ظلوا تحت الحصار بسبب السيول التي كانت تحيط بالقرية من جنوبها وشمالها وشرقها وغربها. ومع مرور الوقت، بدأت مياه السيول تتناقص، وتتوزع في عدة اتجاهات.
لكن جريش يؤكد هناك عدة تداعيات لهذه السيول، ومنها تفشي البعوض الناقل للأمراض، إذا لم يتم التدخل من الجهات المعنية، ما يهدد حياة العديد من الأفراد. يطالب جريش الجهات المسؤولة والمنظمات بالعمل على مساعدة السكان للتخلص من الأضرار الذي خلفتها الأمطار والسيول.
عادل العادلي، نازح في مديرية الزهرة، يقول لـ “المشاهد”: “شهدنا كارثة إنسانية بمعنى الكلمة، وأصبحنا أكثر حزنًا بسبب السيول التي دمرت خيامنا، وجعلتنا مشردين مجددًا”.
يضيف: “عندما تأتي الأمطار والسيول فجأة، نجد صعوبة في إنقاذ كل شيء وكل شخص. نهرع لإنقاذ الأطفال والمسنين وأدواتنا، ونصبح في حالة من الرعب والإرباك. في لحظة واحدة، ممكن أن ننقذ أوراح أو نفقدها إذا تأخرنا عن إبعادهم من منطقة الخطر”.
ويشير العادلي إلى أن توزيع مجموعة من السلات الغذائية ليس حلا للأزمة التي تمر بها العائلات المنكوبة في الحديدة، ويطالب الجهات المختصة والمنظمات الإنسانية بمعالجة الأضرار وترميم البيوت التي تهدمت بسبب السيول.
منذ مطلع هذا الشهر، ارتفعت حالات الوفاة نتيجة الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة في محافظة الحديدة إلى 69 شخصاً و17 حالة إصابة على الأقل، وفقًا للجنة الطوارئ. وتشهد المحافظة الساحلية أيام هطول أمطار غزيرة، وسيول جارفة، إضافة إلى السيول القادمة من المحافظات المجاورة.
يوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن إجمالي 38 ألفا و285 أسرة، ما يقارب 268 ألف شخص، تأثروا بالفيضانات، وأن البنية التحتية، بما فيها المدارس والطرق والمرافق الصحية تأثرت، بالإضافة إلى تضرر سبل العيش.