أخبار محلية

الدور السياسي العماني في الأزمة اليمنية

المصدر
بهاء أبو المجد

منذُ إطلاق المملكة العربية السعودية لعملية عاصفة الحزم في الـ26 من مارس 2015، أسرعت تسع دول عربية في الانضمام لها، باستثناء سلطنة عمان، فتاريخ السلطنة ونهجها الدبلوماسي ينأى بها عن التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول. وبعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر 2014، وما تلى ذلك من صراعات جديدة في البلد الواحد، أهمها الصراع بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية، وتوتر الأوضاع الأمنية في محافظتي حضرموت وشبوة، كان لهذه الصراعات تداعيات وتأثيرات على السلطنة بحكم الجوار. فعمان التي تحد اليمن من الشرق، تتقاسم في حدودها الغربية بمحمية حوف إحدى أجمل المحميات الطبيعية، ذات الغطاء النباتي الكثيف والحيوانات النادرة، تمتد على البلدين في تناغم جيولوجي عربي نادر. خلق هذا القرب علاقات تجارية بين العمانيين واليمنيين، بخاصة أبناء المهرة، المحافظة الواقعة أقصى الشرق اليمني، ومدينة ظفار العمانية التي تبعد عن المهرة مسافة 300 كم، وتربط المدينتين أصول وعادات اجتماعية وثقافية مشتركة، ما هيأ السلطنة إلى امتلاك علاقات خاصة مع سكان المدينة، ومنحت زعماء المهرة جنسيات عمانية، ودعمتهم بالمال والبنى التحية للمدينة بهدف ضمان استقرارها. في خضم تصاعد وتيرة الأحداث في اليمن، وخشية السلطنة على أمنها، وتحديدًا في العام 2017، بعد أن بدأ أبناء المهرة عدة اعتصامات سلمية مطالبين بخروج القوات السعودية منها، جاء الدعم العماني لهذه الاعتصامات، إذ كشفت وثائق عن تقديم دعم سخي من مسقط، لكن سرعان ما فندت وسائل إعلام مقربة من السلطنة تلك الوثائق، فيما لم تنفِ عمان تلك المزاعم.

خط الصراع الجديد الذي شهدته المحافظة، أثار إعجاب جماعة الحوثي القابضة سيطرتها على العاصمة صنعاء، إذ تناهض الجماعة تواجد القوات الأجنبية في الأراضي اليمنية من جهة، وتبحث عن منفذ يكسر الحصار المفروض عليها دوليًا من جهة أخرى. في يونيو 2021، كانت أول زيارة لوفد عماني يصل صنعاء برفقة المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام، وفقًا لما ذكرته قناة “المسيرة” التابعة للجماعة، بدأ من خلاله الدور العماني في الظهور للعلن بشكل واضح، والعمل على التقارب بين الحوثيين والسعودية، بعد أن استضافت طوال سنوات الحرب العشر العديد من اللقاءات بين الأطراف اليمنية بمشاركة أممية ودولية.

في محاولة للخروج بحل سلمي، كان أولها في أغسطس 2015، بعد فشل مؤتمر جنيف. المحلل السياسي الدكتور فارس البيل يقول في حديثه لـ”المشاهد”، إن الدور العماني لم يكن في لحظة ما دور وسيط في مسألة السلام، بل كان الأقرب لجماعة الحوثي، مشيرًا إلى أن دولًا عديدة اعتبرت عمان نقطة وصل بالحوثيين، مدللًا على حديثه بتجاهل عمان للحكومة الشرعية، وعدم تواصلها بها. ويرى البيل أن عمان اشتركت مع السعودية في الدفع برؤية السلام، لافتًا إلى أن عرقلة عملية السلام تكمن في من يملك القرار، معتبرًا أن جماعة الحوثي لا تملك قرار الحرب والسلم، حد وصفه. وأضاف أن دخول الحوثيين في السلام يحقق لهم مصلحة ذاتية من ناحية سياسية، مستدركًا أن أفعال الجماعة لا تكون إلا وفقًا لاستراتيجية ورغبات إيران، مؤكدًا أنها تعمل كآلة عسكرية للمشروع الإيراني. ولا يعتقد البيل بانتهاء الدور العماني في الأزمة اليمنية، فعلى الرغم من تقديم السعودية رؤية خارطة سلام يمنية من جانبها، يرى البيل أن الدور العماني كان ومازال ميسرًا للوصول إلى جماعة الحوثي.

المشاهد