أخبار محلية

استهداف جامعة صنعاء.. حرب حوثية ممنهجة على التعليم في اليمن

المصدر
بهاء أبو المجد

عقب انقلابها واحتلالها للعاصمة صنعاء أواخر عام 2014، ركزت مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على المؤسسات التعليمية ووضعتها في قائمة الاستهداف والتدمير الممنهج والمتدرج، ويأتي في مقدمة هذه المؤسسات جامعة صنعاء التي تعد الأكبر والأقدم في اليمن.

وبحكم أنها من مخلفات الإمامة؛ تتعامل المليشيات الحوثية مع المؤسسات التعليمية كمصدر قلق يشكل خطرا على مشروعها، فهي ترى أن بقاءها واستمرار سلطتها لفترة أطول لا يمكن أن يتحقق مع وجود وعي مجتمعي ولا يمكن أن تستمد قوتها ووجودها إلا من خلال استهداف العملية التعليمة.

خلال السنوات الـ10 الماضية، شنت مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران حربا شعواء متعددة الأوجه، ضد جامعة صنعاء، بدءا من تجويع الأكاديميين والموظفين وحرمانهم من رواتبهم والتنكيل بهم مرورا بفصل وإحلال موالين لها وتغيير المناهج وتجنيد الطلاب والاستاذة بالقوة، وصولاً الى الاستيلاء على أراض بمساحات شاسعة داخل الحرم الجامعي.

وتعد جامعة صنعاء أول جامعة يمنية، حيث تأسست عام 1970 على نفقة دولة الكويت وتمتلك مساحة كبيرة خصصت لغرض التوسعة والتطوير في المستقبل وتضم حاليا 21 كُلية. وكانت قبل انقلاب المليشيا تضم 124 تخصصاً وشعبة علمية ويدرس فيها مالا يقل عن ثمانية آلاف طالب وطالبة، وتخرج فيها عشرات الآلف من جميع التخصصات وكانت تصنف الجامعة الأولى في اليمن.

استيلاء وعبث

قبل أيام تسربت وثيقة تتضمن توجيها من رئيس ما يسمى المجلس السياسي الحوثي المدعو مهدي المشاط  إلى القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني التابع للمليشيا بتسليم 10 آلاف لبنة غرب كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح شخص مجهول يدعى "عبده علي مهدي" للاستثمار في إنشاء(مدينة طبية). وتضمن التوجيه، باستكمال إجراءات تمليكها رسمياً.

لم تكن هذه الواقعة الذي آثرت غضب اليمنيين الأولى من نوعها، فقد سبق أن وجه المشاط أيضاً بتسليم آلاف اللبن العقارية وعدة مبانٍ من جامعة صنعاء لهيئة الأوقاف الحوثية، تحت غطاء مشاريع خدمية وهمية، لكنها تأتي في إطار مخططها الهادف إلى تدمير هذا الصرح التعليمي الكبير.

وفي أواخر عام 2021 آثار أكاديميون وعاملون بجامعة صنعاء واقعة تصرف وسطو قيادات حوثية بارزة على أراضي تابعة لجامعة صنعاء واستيلاءها على مساحات واسعة جوار كلية الطب والعلوم الصحية التابعة للجامعة وتحويلها إلى أملاك خاصة بهم بتواطؤ وصمت من قيادة الجامعة الموالية للمليشيا.

في السياق قال سكان محليون لـ"يمن شباب نت"، إن مليشيا الحوثي شيدت مؤخرا مركزاً تجارياً ضخماً على سور جامعة صنعاء من جهت منصة ساحة التغير، موضحين أن العمل في المركز الذي بُني من أربعة طوابق جرى بوتيرة عالية استغرق انجازه بضعة أشهر فقط وجُهز كسوق تجاري، معتقدين أن المركز يتبع قياديا حوثيا.

مليشيات الحوثي تشيد مركزا تجاريا على سور جامعة صنعاء                                    مليشيات الحوثي تشيد مركزا تجاريا على سور جامعة صنعاء وفي أبريل من العام الماضي أطلق منتسبو كلية الطب حملة على صفحاتهم  بـ«فيسبوك»، تنديدا بعبث وفساد مليشيا الحوثي بجامعة صنعاء وقالوا إن القيادي الحوثي المدعو القاسم عباس الذي عين رئيساً للجامعة يعبث بجميع مفاصل وإدارات وممتلكات الجامعة، ويعمل تسهيل عمليات نهب أراضي الجامعة.

 وسبق أن أقدمت المليشيا على طرد أُسر نحو 40 أكاديمياً من شقق السكن الجامعي المخصص لهم في حرم الجامعة وأحلت بدلاً عنهم عائلات عناصر حوثية جزء منهم تم توظيفهم مؤخراً بالجامعة وينحدرون من صعدة معقل المليشيا، ووصل إجمالي حالات الطرد بحق الأكاديميين مع عائلاتهم من السكن الجامعي في صنعاء نحو 150 حالة طرد وفق مصادر أكاديمية.

وثمة قائمة طويلة من أعمال النهب والعبث بممتلكات وأصول جامعة صنعاء، ففي عام ٢٠٢١م اصدرت محكمة غرب الأمانة الحوثية، قرارا يقضي بإعادة أراض اشترتها الجامعة قبل عقود لملاكها السابقين وتحديدا وزارة الأوقاف، وهو ما قابلته نقابة أعضاء هيئة التدريس بالرفض لعدم مشروعية القرار.

أراضي الجامعة ملك الأجيال

واستنكر أكاديميون وإداريون بجامعة صنعاء ما تقوم به المليشيا، وطالبوا بشكل متكرر بإيقاف عمليات السطو والعبث بأراضي وممتلكات وأصول الجامعة، معتبرين هذا التصرف تدميرًا للبنية التحتية الأكاديمية التي تحظى بها الجامعة.

وقال الدكتور عبدالرحمن الشامي-عميد كلية الإعلام سابقاً- إن "أراضي جامعة صنعاء ملك للأجيال الحالية والقادمة، ويجب المحافظة عليها لمواجهة الاحتياجات المستقبلية الخاصة بالعملية التعليمية، ومنها إنشاء كليات جديدة ومرافق علمية وغيرها مما يتصل بالعملية التعليمة".

وأضاف الشامي لـ"يمن شباب نت": "لا يحق لأي جهة المساس بجامعة صنعاء وممتلكاتها، أو التفريط فيها.. بل يجب على الجميع أن يحمى هذه الأراضي وأن يحافظ عليها".

استهداف ممنهج للتعليم

يؤكد وكيل وزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان، أن ممارسات المليشيات الحوثية ضد جامعة صنعاء وكوادرها وممتلكاتها ليست وليدة اللحظة، فمنذ الايام الأولى لانقلابها على مؤسسات الدولة سارعت إلى استهداف جامعة صنعاء بشكل ممنهج وفق استراتيجية طائفية عنصرية للقضاء على مكتسبات الشعب اليمني وعلى العملية التعليمية بشكل خاص.

وقال النعمان لـ"يمن شباب نت"، إن "ممارسات المليشيا ضد العملية التعليمية آخرها بيع أراضي تابعة لجامعة صنعاء لأشخاص ينتمون للجماعة، دليل على نهج هذه الجماعة التي تسعى الى إعادة اليمن لما قبل ستة عقود من قيام الجمهورية ضد العهد الإمامي البائد مما يسهل عليها الترويج لأفكارها الطائفية والعنصرية وتجهيل المجتمع والقضاء على تطلعات اليمنيين ومناهضتهم لأفكار الحوثي المستوردة من طهران وقم".

وأشار إلى أن الميليشيا الحوثية قامت في السابق بطرد العديد من الأكاديميين وعائلاتهم من السكن الجامعي، واستبدالهم بعناصر تابعة لها، بشكل تعسفي دون مراعاة للظروف الإنسانية التي فرضتها الحرب العبثية التي قامت بها ضد اليمن واليمنيين.

وتابع: "تحاول هذه المليشيا تدمير ما تبقى من التعليم وبكل الوسائل حيث  قطعت رواتب الأكاديميين مما زاد من معاناتهم وصعّب عليهم تأمين احتياجاتهم الأساسية، بالإضافة الى منحها شهادات جامعية لأفراد يؤمنون بفكرها ولم يلتحقوا بالجامعة ولا يحملون مؤهلات الثانوية العامة، مستغلة سيطرتها على مخرجات الجامعة، كل ذلك يمضي في استهداف ممنهج للعملية التعليمية".

المصدر: يمن شباب