أخبار محلية

طريق حيس- الجراحي المغلقة.. واحدة من مآسي الحرب يعمقها التلاعب الحوثي ويتجاهلها الإعلام والنشطاء

المصدر

يضطر المسافرون من مديرية حيس بمحافظة الحديدة لقطع مسافات طويلة براً للانتقال الى مديرية الجراحي المجاورة، والتي كانت تبعد مسافة ربع ساعة فقط، قبل أن تقطع ميليشيا الحوثي هذا الخط الرئيسي أمام العابرين بين المناطق المحررة والأخرى الخاضعة لها.

كما يضطر عدد آخر من سكان محافظة الحديدة بينهم أطفال ونساء ومسنون الى التنقل بواسطة قوارب صيد نحو المديريات الجنوبية من المحافظة، لاسيما الى مدينتي الخوخة والمخا الواقعتين تحت سيطرة القوات المشتركة بقيادة طارق صالح عضو المجلس الرئاسي.

وتعتبر الحديدة الواقعة غرب اليمن، المحافظة الوحيدة المفصولة تمامًا عن بعضها البعض وليس هناك طريق تربط مناطقها المحررة بالمناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين بعكس بقية المحافظات التي خلقت لنفسها طرقًا بديلة للتنقل.

وأجبرت الحرب الحوثية وقطعها للطرقات المواطنين على أن يسلكوا طرقًا وعرة لأكثر من 15 ساعة، مما يعني أنهم يسافرون نهارًا كاملاً وجزء من الليل، بدلاً عن ربع ساعة تختصر الزمن والجهد والمشقة عبر طريق حيس الجراحي.

ويقطع المسافر من حيس إلى الجراحي مسافة لا تقل عن 366 كم، يمر خلالها من مديريات ساحل تعز الأربع مرورًا بالكدحة والمسراخ وطريق الاقروض (طريق بديلة في تعز) إلى الحوبان ثم يتجه نحو محافظة إب ليعود إلى مديرية العدين ويصل إلى الجراحي بعد ساعات من المعاناة على ظهر سيارات قديمة ذات دفع رباعي.

وعلى عكس طريق مأرب - البيضاء وطريق تعز - الحوبان، لم تحظَ الطرق المنفصلة عن بعضها بمحافظة الحديدة بأي تفاعل من قبل النشطاء على مدار الأيام الماضية، رغم إعلان السلطة المحلية والقوات المشتركة فتحه أمام المواطنين بشكل متكرر.

ومن أمام طريق حيس الجراحي المغلق منذ سنوات جدد محافظ الحديدة حسن علي طاهر، يوم الأحد الماضي، تأكيده للمرة الثالثة بأن الطريق مفتوح من اتجاه الشرعية، مشيرًا إلى أن عملية فتح الطرقات عملية إنسانية بحتة وأن تكرار فتح منفذ حيس – الجراحي من جانب القوات المشتركة ليس ضعفا.

وقال المحافظ طاهر في بيان صحفي، إن السلطة المحلية بالحديدة والقوات المشتركة، تؤكد للمرة الثالثة على التوالي فتحها لمنفذ حيس -الجراحي.

بدوره قال وكيل أول محافظة الحديدة وليد القديمي لـ"المصدر أونلاين" إنه تم فتح منفذ حيس الجراحي منذ 2021 وفي 2022/5/12 تم فتحه رسمياً من قبل القوات المشتركة والسلطة المحلية بمحافظة الحديدة من جانب واحد، مشيرًا إلى أنه حينها سُمح للمواطنين بالعبور إلا أن مليشيا الإرهاب الحوثية أطلقت الرصاص الحي على المواطنين وعادوا إلى المنفذ مباشرة.

وأضاف القديمي "صرح الأخ المحافظ يوم الأحد، عن فتح المنفذ والكرة الآن في ملعب المليشيا من أجل تخفيف الأعباء على المواطنين وعناء السفر والتنقل. مشيرًا إلى أن الميليشيا الحوثية "لم تستجب إلى الآن وسنرى الأيام القادمة هل سيتجاوبون أم لا".

وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة أيام على إعلان المحافظ طاهر، إلا أن تصريحاته لم تلقَ رواجًا، ولم يحدث أي تقدم في هذا الملف، كما لم تبدِ مليشيا الحوثي ردة فعل حول الموضوع، ليستمر أهالي الحديدة في المعاناة.

وبدلاً من التجاوب مع هذه المبادرة، تهربت ميليشيا الحوثي وأعلنت عن إعادة فتح طريق جبل راس - حيس – الخوخة، بهدف التسويق الإعلامي، لأن هذا الخط لن يخفف من معاناة السكان، ويحتاج ساعات طويلة لقطع المسافات بين مناطق الحوثيين والشرعية.

معاناة بلا تفاعل

يرى الصحفي وديع عطاء أن الحراك الشعبي هو الذي يجذب الإعلام ويستدعي التفاعل مع مثل هذه المبادرات التي حظيت بتفاعل واسع كما في مأرب وتعز، وقال: "لو في ناشطين يبتكروا أفكارا لوقفات وعبارات مؤثرة وطرق احتجاج لافتة، لاختلف الأمر"، مشيراً الى أن "كثرة الناشطين يصنع الرواج وبالمقابل الفعل يستدعي التفاعل".

ويقول عطاء، "نحن من جهتنا نتحمل مسؤولية عن الواقع"، في إشارة إلى ناشطي الساحل، مضيفاً: "لو في وقفات أو احتجاجات على الأرض سيتفاعل معها الجميع، على الأقل وسائل الاعلام التي يمكنها التغطية".

ولفت عطاء إلى أن تجاهل المسؤولين يعتبر جزءًا من المشكلة "أما التجاهل فهو طبع المسؤولين دائماً لذلك يستعظم الناس زيارة المسؤول الفلاني أو تصريحه عن همومنا".

أما مدير مكتب إعلام محافظة الحديدة على حميد الأهدل، فقال لـ المصدر أونلاين، إن "محافظة الحديدة ثاني أكبر محافظة من حيث عدد السكان بعد تعز وغالبية أبناء المنطقة متضررين بشكل كبير جدا جراء استمرار الطريق"، مشيراً إلى أن "المتواجدين في المناطق المحررة للحديدة ليسوا أبناء هذه المناطق فقط بل أن هناك عشرات الآلاف من أبناء المديريات التي مازالت ترزح تحت سيطرة الميليشيا وبلا شك فروا نتيجة بطش المليشيا الحوثية إلى الخوخة وحيس وغيرها من المناطق".

ويتابع الأهدل: "هذه الطريق التي قطعتها المليشيا الحوثية لا تربط مديريات المنطقة فقط بل تربط الحديدة ببقية المحافظات المحررة تعز وعدن غيرها من المحافظات".

وواصل الأهدل حديثه بالقول: "إن قلنا إن عدد المتضررين مئات الآلاف فهو أقل بكثير، لربما يصل العدد إلى مليون، اثنين مليون متضرر نتيجة قطع هذا الطريق".

والى جانب معاناة السكان اليومية يضطر المغتربون والحجاج والمعتمرون من المناطق المحررة في محافظة الحديدة إلى الى قطع مسافات طويلة والاتجاه جنوبًا للسفر عبر عدن ومن ثم إلى مناطق شرق اليمن، وصولاً منفذ الوديعة البري ومن ثم إلى مناطق السعودية، في رحلة تستغرق أيامًا كاملة.

وفي هذا الصدد يقول علي حميد الأهدل مدير مكتب إعلام الحديدة إن "المليشيا الحوثية تتلذذ بمعاناة كافة أبناء الشعب اليمني بمختلف المناطق التي مازالت تسيطر عليها ومحافظة الحديدة واحدة من المحافظات، إنما تفاقم الوضع عندنا في الحديدة بشكل أكبر، للأسف هناك عدة أسباب أهمها الموضوع المعيشي والاقتصادي لأبناء المحافظة، عدم توفر الرواتب، عدم توفر الأعمال أيضًا في نفس الوقت".

ويضيف الأهدل: "هناك حالات وفيات حدثت نتيجة قطع هذه الطرقات، وهناك قطع في شرايين الحياة بشكل كبير جدا، وهناك ارتفاع باهظ في سعر المواد الغذائية ومعاناة كبيرة يعانيها أبناء الحديدة نتيجة قطع هذه الطريق".

وبالرغم من الأهمية العسكرية والاقتصادية لمحافظة الحديدة محليًا وإقليمًا، إلا أنها تعتبر من المناطق الأشد فقرًا والأكثر تهميشا في المنطقة ورغم تعاقب الحكومات منذ قيام الجمهورية إلا أن أهلها ما يزالون يعيشون ظروفًا صعبة، ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة، ناهيك عن قطع أوصالها وتمزيق شرايينها وطرقها.

المصدر أونلاين