أخبار محلية

محاولة تسلل فاشلة للزايدي عبر "صرفيت" تتحول إلى هجوم مسلح.. هل تنتصر الدولة هذه المرة لدم أبنائها؟!

المصدر
فيصل قاسم

في نحو الساعة الثانية من فجر يوم الثلاثاء، 8 يوليو 2025، وصل الشيخ محمد أحمد علي الزايدي، أحد المشايخ الموالين للحوثي، إلى منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عمان، برفقة أحد أبنائه وشخص ثالث، على متن سيارة أجرة من نوع "كورولا" تعمل في العادة في نقل المسافرين، في محاولة واضحة لتجنّب لفت الأنظار.

غير أن ما لم يكن ممكنا إخفاؤه كان جواز سفره "الدبلوماسي"، الصادر عن سلطات الحوثيين في صنعاء في أغسطس 2022، وهو ما أثار الشكوك لدى موظفي المنفذ.

وبعد التحقق من البيانات، تبيّن أن الزايدي مدرج ضمن قوائم المشتبه بهم أمنيا، وأن الجواز الذي يحمله لا يحمل أي صفة قانونية معترف بها، وفق ما ورد في بيان اللجنة الأمنية بمحافظة المهرة.

فور التأكد من هويته، وُضع الشيخ الزايدي قيد الاحتجاز المؤقت، وتم إبلاغ الجهات الأمنية في مدينة الغيضة، مركز المحافظة، مع رفع درجة التأهب الأمني، نظراً لرصد وجود طقم مسلح في محيط المنفذ يُعتقد أن له صلة به.

مصادر أخرى تحدثت عن عرض كبير عبارة عن مبلغ مالي ضخم بالريال السعودي تلقاه موظف الجوازات في المنفذ، مقابل السماح بمرور الشيخ، غير أن المنفذ، وفق هذه المصادر، كان قد تلقى بلاغا باحتمال مرور شخصية مهمة، وعليهم إلقاء القبض عليها.

وخلال سنوات ظل الزايدي خارج اليمن بحجة تلقي العلاج، لكنه عاد مؤخرا ليعلن ولاءه للحوثيين ويشارك في حشد قبيلته لصالحهم، ويعقد لقاءات تلفزيونية مطولة لصالح الجماعة، وأظهرته وسائل إعلام الميليشيا وهو يتبنى حشدا كبيرا على تخوم مارب في مديرية صرواح قبل أقل من عام، فيما تشير مصادر عسكرية إلى لعب الرجل أدوارا خفية لصالح الميليشيا طوال السنوات الماضية.

وتشير المصادر إلى علاقة القرابة بين الشيخ الزايدي والقيادي الحوثي البارز في ملف التهريب "عباد صالح عباد الزايدي" المسؤول عن مكتب المخابرات الحوثية في ولاية (المزيونة) العمانية، وهو المكتب الذي ينظم عمليات التهريب لصالح الحوثيين عبر عمان والمهرة.

ووفقا لمصادر ميدانية، فقد دخل الزايدي إلى المهرة عبر طريق صحراوي يُعرف بكونه أحد مسارات التهريب، يمتد من أطراف محافظة الجوف إلى أطراف حضرموت، وصولا إلى المهرة، دون المرور بالطرق الرئيسية أو نقاط التفتيش الرسمية.

واضطر الزايدي لسلوك هذا الطريق نتيجة تعطل مطار صنعاء الدولي إثر الغارات الإسرائيلية التي دمرته مع طائرات أربع للخطوط الجوية اليمنية في مايو الماضي.

في داخل المهرة، لم يكن الزايدي يتحرك بمفرده، فبحسب المصادر التي تحدثت لـ"المصدر أونلاين" كان محاطا بشبكة مرافقين، بعضهم قَدِم من مناطق سيطرة الحوثيين، وآخرون جرى التنسيق معهم عبر شخصيات نافذة محليا.

وتفيد المصادر أن ما لا يقل عن عشرة أطقم عسكرية ومدنية كانت موزّعة في محيط إقامته، دون أن ترافقه علنا، بهدف تأمين تحركاته وتفادي أي استنفار أمني.

التصعيد الأخطر

في أعقاب التوقيف، أوفدت السلطة المحلية قوة عسكرية من الغيضة إلى منفذ صرفيت، بغرض نقل الزايدي واستكمال الإجراءات القانونية، إلا أن القوة تعرّضت لكمين مسلح في منطقة دمقوت الجبلية، أسفر عن مقتل العقيد عبدالله بن زايد، قائد كتيبة الدبابات في اللواء 137 مشاة، وإصابة عدد من الجنود.

الحادثة مثّلت تصعيداً خطيرا، دفعت بالملف إلى أبعاد أمنية غير مسبوقة، وسط توجيه أصابع الاتهام لمجموعات قبلية موالية للزايدي، فيما تحدثت مصادر محلية عن احتمال تورط نجل الزايدي وشخص يُدعى علي مرتاح، وهو تاجر محلي مثير للجدل، يُعتقد أن له صلات بشبكات تهريب وأدوار خفية لصالح الحوثيين، وعلاقات بما يعرف محلياً بـ"لجنة الاعتصام" وهي عنوان لحراك شعبي مناوئ للسعودية ومدعوم من سلطنة عمان.

وقالت مصادر إن الزايدي ذكر للجنة الوساطة عندما طلبت منه أن يطلب من المسلحين التوقف عن استهداف الجيش والأمن والانتقال إلى مدينة الغيضة، أن أبناءه يرفضون ذلك وهم لا يستجيبون له.

حملة اعتقالات

عقب الهجوم، نفذت القوات الأمنية حملة اعتقالات طالت عددا من الأفراد يُشتبه بضلوعهم في الكمين، إلا أن السلطات التزمت الصمت بشأن عددهم وهوياتهم، وسط معلومات غير مؤكدة عن انتماء بعضهم لمناطق خارج المهرة.

وقالت مصادر ميدانية إن من بين المعتقلين "علي مرتاح"، الذي أُلقي القبض عليه، ظهر الثلاثاء، في نقطة "الوديان" عند مدخل مدينة الغيضة، ويُعتقد أنه كان أحد مرافقي الزايدي خلال وجوده في المهرة، وأن له صلة مباشرة بإبلاغ المهاجمين بتحركات القوة العسكرية، دون أن تتضح بعد طبيعة دوره بشكل نهائي.

الوساطة تنجح في نقل الزايدي

دخلت وساطات قبلية محلية على خط الأزمة، وتمكنت، صباح الأربعاء، من التوصل إلى تفاهم مع السلطات، تم بموجبه نقل الزايدي من "صرفيت" إلى مدينة الغيضة، مرفقاً بموكب أمني وقبلي مشترك ضم مشايخ وسطاء، وعددا من مرافقيه وأفراد أسرته.

وبعد إغلاق مؤقت، عاد منفذ صرفيت إلى العمل، فيما نقلت مصادر عن مشايخ في الوساطة أن دورهم اقتصر فقط على ضمان تسليم الزايدي للسلطات، مؤكدين أن مسار القضية بات بيد الجهات القانونية المختصة، دون تدخل من الوسطاء في مسار التحقيق.

الغيضة تستنفر

تزامن وصول الزايدي إلى الغيضة مع استنفار أمني واسع، شمل فرض حراسات مشددة على مداخل السجن المركزي، حيث قالت المصادر إن الموقوفين على ذمة الكمين، بمن فيهم علي مرتاح، أودعوا بداخله.

ورغم نجاح نقله إلى الغيضة، لا تزال التساؤلات قائمة بشأن مصير الزايدي، في ظل تضارب المعلومات، ووجود تحركات قبلية تُمارس ضغوطا على السلطات الأمنية والعسكرية، للإفراج عنه.

وتبرر هذه التحركات مطالبها بعدم "إقحام المهرة في صراعات خارجية"، فيما يبرر البعض دعوات الإفراج بصفته "شيخا قبليا يجب احترام موقعه الاجتماعي حفاظا على التوازن الأهلي في المحافظة".

في المقابل، تؤكد أوساط قبلية أخرى رفضها المطلق لاستخدام السلاح أو استهداف القوات الحكومية، معتبرة ما جرى في "دمقوت" "تجاوزا خطيرا لا يمثل المهرة ولا تقاليدها".

وتداولت الأوساط المهرية المحلية واليمنيون على مواقع التواصل، خلال اليومين الماضيين، أحاديث غير مؤكدة عن وساطة عُمانية، وربما تواصل سعودي تم بطلب من قيادات حوثية بشأن الزايدي، لكن لم تتضح حتى الآن طبيعة هذه التحركات أو صحتها، وسط تكتم رسمي.

وفي بيان رسمي، أكدت اللجنة الأمنية بمحافظة المهرة أن توقيف الزايدي تم وفقا للقانون، مشددة على أن السلطات "لن تخضع لأي ضغوط قبلية أو سياسية"، وأن أمن المهرة "خط أحمر".

وأكد البيان أن أي محاولة لفرض واقع بقوة السلاح أو عبر التهديدات القبلية لن تجد استجابة من الدولة، وأن المتورطين في الهجوم سيتم التعامل معهم بكل حزم.

المصدر أونلاين