أخبار محلية

سجال أميركي–روسي داخل مجلس الأمن حول مصير بعثة الأمم المتحدة في الحديدة

المصدر
فيصل قاسم

شهد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، سجالاً دبلوماسياً لافتاً بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن مستقبل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA)، في ظل دعوات أميركية لإنهاء دورها، قابلها تحذير روسي من أي انسحاب أممي من اليمن.

وخلال جلسة مخصصة لمناقشة الوضع في اليمن، وصفت المندوبة الأميركية بعثة الحديدة بأنها "غير فاعلة"، مشيرة إلى أن دورها في قيادة لجنة تنسيق إعادة الانتشار لم يعد مجدياً في ظل الجمود السياسي والعسكري.

ودعت المندوبة الأميركية إلى إنهاء تفويض البعثة التي تأسست قبل نحو ست سنوات، معتبرة أن استمرارها يمنح غطاء لعملية مجمّدة منذ زمن طويل.

وتأسست بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA) في يناير 2019 بموجب قرار مجلس الأمن 2452، عقب توقيع اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والحوثيين، بهدف مراقبة وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة، والإشراف على إعادة انتشار القوات، وتنسيق تنفيذ الترتيبات الأمنية والإنسانية.

وتضم البعثة مراقبين عسكريين وموظفين مدنيين، وجرى تمديد ولايتها بشكل دوري، كان آخرها حتى 14 يوليو 2025، وفيما ظل أثرها بارز في تهدئة نقاط التماس ظلت قوات الحوثيين منتشرة في الموانئ دون تغيير.

ودعت المندوبة الأميركية المجلس إلى ضمان استمرار عمل لجنة خبراء اليمن التابعة للأمم المتحدة، لافتة إلى أن "أحد أعضاء هذا المجلس يواصل عرقلة تعيين خبير الأسلحة في اللجنة"، في إشارة غير مباشرة إلى روسيا على ما يبدو، معتبرة أن هذه العرقلة "تمكّن إيران من تحدي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على الحوثيين".

وفي السياق ذاته، أشادت واشنطن بعمل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)، المعنية بمراقبة السفن المتجهة إلى موانئ الحديدة، داعية إلى تحسين كفاءتها عبر تنفيذ عمليات تفتيش شاملة لجميع الحاويات.

وناشدت واشنطن الدول الأعضاء تقديم دعم مالي مباشر لتأمين احتياجات الآلية، التي لا تتجاوز 11 مليون دولار سنوياً.

في المقابل، شدد مندوب الاتحاد الروسي على أهمية استمرار وجود الأمم المتحدة في اليمن، معتبراً أن بعثة الحديدة أدت دوراً جوهرياً في تعزيز الاستقرار الميداني وتقليص التوترات العسكرية حول موانئ البحر الأحمر.

وقال إن "UNMHA نجحت في تسهيل التواصل بين الأطراف المتنازعة، وأسهمت في تيسير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق"، محذّراً من أن "إنهاء تفويضها سيقود إلى تدهور حتمي في الوضع الميداني".

وأكد المندوب الروسي أن سحب البعثة سيترك فراغاً في واحدة من أكثر مناطق النزاع حساسية، مشيراً إلى أن مجلس الأمن ينبغي أن يركز على الحفاظ على أدوات التهدئة لا تقويضها، خاصة في ظل تزايد التهديدات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

يأتي هذا الجدل داخل مجلس الأمن في وقت تشهد فيه محافظة الحديدة تصاعداً في التوتر، وسط استمرار الهجمات البحرية التي يشنّها الحوثيون على سفن تجارية في البحر الأحمر، إلى جانب تعثّر المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وتجمّد قنوات التواصل المباشر بين الحكومة اليمنية والجماعة المسلحة.

كما تتزامن النقاشات مع دعوات متزايدة من منظمات إنسانية للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار في الحديدة، التي تُعد شرياناً حيوياً لوصول الإغاثة إلى ملايين المدنيين، خاصة في شمال وغرب اليمن، حيث تفاقمت الأزمة الإنسانية بفعل النزاع والحصار والانقسام السياسي.