مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 40 درجة مئوية، يعيش سكان مدينة الحديدة الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي أوضاعاً مأساوية في ظل أزمة كهرباء خانقة، وأسعار باهظة تفوق بأضعاف ما يدفعه المواطن في المناطق المحررة.
وتُباع الكهرباء في الحديدة عبر السوق السوداء(الكهرباء التجاري) التي تديرها جماعة الحوثي بسعر يصل إلى 2.5 ريال سعودي لكل كيلوواط، أي أكثر من ضعفي السعر التجاري في مدينة تعز، وأعلى بعشرات المرات من تعرفة الكهرباء الحكومية في محافظات مأرب، حضرموت، والمهرة، ورغم هذه المبالغ إلا أن ساعات الانطفاء حاليا تصل الى أكثر من 12 ساعة.
ووفقاً لتقديرات محلية، تحتاج مدينة الحديدة وحدها إلى نحو 50 ميجاوات من الكهرباء خلال الصيف، إلا أن الكمية المتوفرة حالياً لا تتجاوز نصف ذلك – أو أقل – عبر السوق السوداء والمصادر المحدودة الأخرى.
وبحسب ما نشره الصحفي بسيم الجناني، فإن الطاقة الشمسية توفّر ما يقارب 15 ميجاوات نهاراً فقط، فيما تنعدم ليلاً، أما محطة رأس كثيب، التي تعرضت لغارات إسرائيلية، فلا تنتج حالياً سوى 10 ميجاوات بسبب الأعطال المتكررة التي تتعرض لها.
وقد أرسلت ميليشيا الحوثي مؤخراً مولدات تجارية صغيرة توفر 5 ميجاوات إضافية فقط، في حين خرجت محطة "الحالي" عن الخدمة تماماً عقب الغارات، ولا يمكن إعادة تأهيلها.
ويشكو السكان من انقطاعات متواصلة تصل إلى أكثر من 12 ساعة يومياً، خصوصاً خلال أوقات الظهيرة والمساء، بالتزامن مع ارتفاع نسبة الرطوبة، مما يفاقم معاناة الأهالي في ظل غياب أي حلول حقيقية من قبل سلطات الأمر الواقع.
وتصل درجة الحرارة في الوقت الحالي الى نحو 40 درجة مئوية وسط تحذيرات من ارتفاعاها خلال الأيام القادمة الى نحو 43 درجة.
آثار مباشرة لانقطاع الكهرباء:
إلى جانب ذلك تسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء الى ارتفاع أسعار الخدمات الرئيسية وعلى رأسها مادة الثلج التي تُعد ضرورية للتبريد في ظل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية.
ويقول سكان محليون إن سعر قالب الثلج الواحد ارتفع بنسبة تصل إلى 50٪ خلال أيام قليلة، حيث قفز من 1200 ريال إلى 1800 ريال (بالطبعة القديمة) بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت الطاقة في المدينة.
ويتهم السكان ميليشيا الحوثي بخلق سوق سوداء إضافية للكهرباء، مخصصة فقط للمجمعات التجارية والمشاريع الإيرادية مثل الفنادق والمصانع، بينما تُترك الأحياء السكنية في ظلام دامس لساعات طويلة يومياً.
إقرار حوثي
في اعتراف لها، أقرت سلطات الحوثيين في الحديدة بعجز شديد في توليد الكهرباء، مع دخول الصيف الذي يشهد غالباً أعلى استهلاك للطاقة.
وقال مشعل الريفي، مدير الكهرباء في مناطق سيطرة الحوثيين، يوم الأربعاء، إن المنظومة الكهربائية تعاني من ضغط غير مسبوق بسبب "الاستهداف الممنهج لمحطات التوليد"، في إشارة إلى الغارات الإسرائيلية الأخيرة، مشيراً إلى أن ذلك فاقم أزمة التوليد بشكل كبير.
وتداولت وسائل إعلام تابعة للحوثيين سلسلة من التبريرات، تتنصل فيها من مسؤولية أزمة الكهرباء، وتحمل الاحتلال الإسرائيلي كامل المسؤولية عن الانقطاع.
وتتزايد حدة الغضب الشعبي في المدينة، وسط اتهامات للميليشيا برفض استخدام أموال "صندوق تنمية الحديدة" الذي أنشأته مؤخراً لتمويل مشاريع الكهرباء، رغم بيعه للكهرباء بأسعار تجارية مرتفعة.
وكشفت مصادر خاصة أن ميليشيا الحوثي أرسلت مؤخراً خمسة مولدات كهربائية خاصة إلى الحديدة، تبلغ قدرة كل واحد منها نحو 1 ميجاوات، لكنها لا تعمل لصالح السكان، بل تُستخدم كمشاريع تجارية خاصة، تُباع فيها الكهرباء بأسعار مرتفعة تعجز عنها غالبية المواطنين.
سكان الحديدة: يتعاملون معنا كصهاينة
ويتهم سكان في الحديدة مليشيا الحوثي ببيع جزء كبير من الكهرباء العامة إلى المحطات التجارية الخاصة، كما اتهموا مؤسسة كهرباء الحديدة بعدم توسيع الشبكة العامة للأحياء السكنية عمداً، بالاتفاق مع أصحاب المحطات الكهربائية الخاصة. ويقدر الفاقد الذي تم بيعه للمحطات الكهربائية ب68%.
وعلى إثر انقطاع الكهرباء في الحديدة وعدم توفيرها، كتب سكان تساؤلات عن القدرات الحوثية الصاروخية والبحرية والطيران المسير بينما يعجزون عن توفير كهرباء لمنطقة الحديدة التي تعيش صيفاً حاراً.
وعلق بعضهم "اعتبرونا من غزة". وكتب آخر وهو محمد معوضة مراسل قناة المسيرة الحوثية في الحديدة تساؤلاً ونقداً حاداً لمليشيا الحوثي دعا فيه إلى رفع الصوت ضد القيادة الحوثية "ما رضيوش بالباطل على أهلنا في غزة كيف بيسكتوا على باطل تسعيرة الكهرباء في الحديدة واحنا رعاياهم إلا إذا احنا صهاينة؟"
أولويات مليشيا الحوثي تحصيل الإيرادات
في صفحة كهرباء منطقة الحديدة على وسائل التواصل الاجتماعي تنحصر نشاطات المنطقة على تحصيل قيمة المبيعات وانتزاع ما يصفونه بالديون المتأخرة وبيع عدادات جديدة بدلاً عن القديمة.
ويقول سكان إن أسعار الكهرباء الحالية التي تبيعها لهم مليشيا الحوثي تصل شهرياً في فترة الصيف وارتفاع درجة الحرارة بين مايو وأكتوبر من كل سنة إلى 150 ألف ريال. وتعمل مليشيا الحوثي في الحديدة على بيع أول مائة كيلو وات بـ100 ريال ثم ترتفع إلى أكثر من 300 ريال. وفي بعض المناطق أكثر من 330 ريالاً.
وتتحجج مؤسسة الكهرباء بأنها لا تستطيع تأمين أراض جديدة لإنشاء مشاريع كهربائية وفق بيان صدر الأربعاء عن رئيس المؤسسة العامة مشعل الريفي، الذي أكد وجود نفوذ هائل لبعض الشخصيات يجعل مصالحهم مقدمة على المصلحة العامة للسكان.