يواجه بيت "الرئاسة اليمني" في العاصمة المؤقتة عدن تصدعات كبيرة، على إثر هيمنة طرف المجلس (الانتقالي) واستحواذه على القرارات والتعيينات في مؤسسات الدولة.
ومنذ وصول مجلس القيادة الى عدن في أبريل 2022، كان الانتقالي المدعوم إماراتيا، قد أحكم قبضته على مؤسسات الدولة منذ وقت مبكر، واستعد جيدا لفرض ما يريد بدءاً بالتعيينات وانتهاءً بشرعنة نفوذه العسكري والإداري.
أنشئ مجلس القيادة بتخطيط وتنفيذ من قبل السعودية والإمارات، واختير الرئيس والأعضاء وفق رغبة الدولتين، وكانت القاعدة الأساسية تقوم على تقسيمهم جغرافيًّا على الشمال والجنوب، وممثلين عن القوى الرئيسية على الأرض.
لأول مرة يجمع بيت الرئاسة في عدن، أطراف مختلفة بأجندات متباينة، على طاولة واحدة، تهدف لتوحيد الصف الوطني في مواجهة الانقلاب الحوثي، إضافة الى التفاوض مع الحوثيين لتحقيق السلام، كما جاء في إعلان نقل السلطة.
وبوهم التوافق، بدأ المجلس الرئاسي، يطمح لاستثمار اللحظة، لإعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة، لكن "الانتقالي"، ظل مهيمنا على القرار الأمني والعسكري داخل عدن، كما قام بتشكيل مؤسسات خاصة تقوم بجبايات غير قانونية.
على صعيد القرارات والتعيينات في المناصب العسكرية والقضائية والمدنية، حظي المجلس الانتقالي بالنصيب الأكبر، وجرى الاعتراض على قرارات لصالح بعض الأطراف السياسية الأخرى، ما شكل تصورا لدى العامة من أن مجلس القيادة يكرس سلطة المجلس الانتقالي الحامل لمشروع فصل جنوب اليمن عن شماله، ولم يحاول خصم ولو جزءا يسيراً من نفوذه على الأرض.
تلك الهيمنة، لم ترق لبعض أعضاء مجلس القيادة، الذين اضطروا لمغادرة عدن، والاكتفاء بحضور الاجتماعات عبر الانترنت، دون الإفصاح عن الأسباب، وهو ما لوّح بذلك رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي في كلمته أمام قيادة البرلمان في 13 أغسطس.
وفي الوقت الذي كان رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي وستة من أعضاء المجلس، يؤكدون على وحدة وتظافر الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي، كان العضو السابع عيدروس الزبيدي يوجه قواته المنشأة لهدف تشطيري، بمهاجمة القوات الحكومية في شبوة والاستيلاء على مركز المحافظة.
وضعت هذه الأحداث، مجلس القيادة في أصعب مواقفه منذ تشكيله في إبريل الماضي، وزادت الشكوك في قدرته على توحيد كافة القوى المعارضة للحوثيين ضمن سلطة واحدة وتحت قراره.
كما دفعت بأحد أعضاء المجلس (عبدالله العليمي)، المحسوب على حزب التجمع اليمني للإصلاح لتقديم استقالته، قبل أن يتم العدول عنها في وقت لاحق تحت ضغط التحالف بقيادة السعودية.
كما واجه المجلس أيضاً ضغطاً من قبل بعض الأطراف السياسية (حزب الاصلاح)، لإقالة محافظ شبوة عوض الوزير بسبب تحميله مسؤولية التسبّب بهذه المواجهات.
العليمي يلوذ بالرياض وأبو ظبي
التصدعات داخل مجلس القيادة، دفعت الرئيس رشاد العليمي للتوجه الى السعودية والإمارات، في محاولة لترميم "بيت الرئاسة"، وتفويت الفرصة على الانقلابيين الحوثيين الذين رأوا في مجلس القيادة "طبخة سعودية وإماراتية فاسدة".
وكالة الأنباء الحكومية، قالت إن الرئيس العليمي سيستهل زيارته بالإمارات أولا، ومن ثم السعودية، وسيبحث خلالها، الاجراءات المطلوبة لاستكمال تخصيص الوديعة للبنك المركزي اليمني، والتدخلات المشتركة في القطاعات الخدمية والانمائية، وسبل التنسيق بين الجانبين لمواجهة التحديات الامنية المشتركة
محللون يرون بأن زيارة العليمي للرياض وأبو ظبي، قد تنجح في تهدئة التصدعات داخل مجلس القيادة، لكنها لن تنجح في الحد من هيمنة المجلس الانتقالي الذي يتحرك بإرادة الدولتين وينفذ أجندتهما في جنوب اليمن.
كما أن عودة الخلافات بين أطراف الشرعية ستنعكس بشكل أكثر مأساوي على معيشة الناس ووظائفهم وحياتهم وممتلكاتهم، وهي حالة كان يؤمل أن تنتهي مع تشكيل المجلس الرئاسي.