أخبار محلية

عامٌ على اختطاف الصحافي اليمني يونس عبد السلام

المصدر
العربي الجديد ـ شادي ياسين

بين مسافات متباعدة لأقبية مظلمة وقذرة، كان الصحافي اليمني يونس عبد السلام (28 عاماً)، يحاول استراق النظر إلى شوارع المدينة التي أحبها. انقضى عامه الأول في السجن، منذ اختطافه من قبل مليشيا الحوثيين ليلة الثالث من أغسطس/ آب من العام الماضي، من أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، لتنطفئ أحلام الشاب الذي لطالما أسرّته شجون الكتابة والسفر.

من أسرة ريفية تعيش في إحدى قرى مدينة تعز، قَدِم الشاب إلى صنعاء لدراسة تخصص الإعلام في جامعة صنعاء، وبعد تخرجه واجهته حياة غارقة بالمتاعب، بدءاً بالبحث عن وظيفة أحلامه، وليس انتهاءً بيوميات الخوف منذ اجتياح الحوثيين للمدينة في سبتمبر/ أيلول عام 2014.

يعيش عبد السلام الآن منعزلاً عن العالم في سجن في منطقة شملان في صنعاء، بعيداً عن أسرته التي طرقت كل الأبواب بحثاً عنه، تتلمس لحظة اللقاء والاطمئنان، وتسأل عن عقوبة طويلة بلا تهمة سوى ما يسربه سجانوه أمام بوابات مقرات الأمن. قذف الحوثيون بالشاب في زنزانات انفرادية، بعدما أخفوه قسراً لعدة أسابيع، واحتجزوه معزولاً عن العالم الخارجي طوال ثلاثة أشهر على الأقل، وفقاً لبيان أصدرته منظمة العفو الدولية أواخر الشهر الماضي.

واحدة من التهم الموجهة إلى الصحافي، هي "التخابر مع جهات أجنبية"، وهي التهمة الرائجة التي يرميها الحوثيون في وجه الصحافيين، ومنهم المختطفون منذ أعوام، إذ يواجه أربعة منهم حكم الإعدام الجائر.

أفادت منظمة العفو الدولية، في بيانها، بأن الصحافي يونس عبد السلام احتُجز لليلة في زنزانة تحت الأرض، داخل مركز احتجاز غير رسمي قرب مطار صنعاء الدولي، ثم نقل إلى مركز احتجاز تابع لجهاز الأمن والمخابرات في صنعاء. وفي ظروف الاختطاف والعزل القسري، أبدت المنظمة مخاوفها من تعرض الصحافي الشاب للتعذيب وغيره من ظروف المعاملة السيئة، تذكيراً بأحوال الصحافيين المختطفين الذين عانوا من التعذيب، وبدت آثارها ظاهرة على أجسادهم، مثلما حدث للصحافي توفيق المنصوري وزملائه الآخرين.

وقالت منظمة العفو الدولية، في رسالة وجهتها إلى القيادي الحوثي محمد عبد السلام، إنه "لم تُوجه أي تهمة إلى الصحافي يونس عبد السلام، ولم يمثل أمام أحد القضاة، كذلك لم يسمح لمحاميه بزيارته أو التحدث معه منذ القبض عليه". ونقلت عن شقيقه القول إنه اعتُقل بسبب "معارضته السلمية للسلطات" (تقصد الحوثيين)، وقد اتُّهم بالتخابر مع جهات أجنبية، ولكن لم ُيوجه إليه الاتهام رسمياً.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، تقدم محامي يونس عبد السلام بطلب إلى النيابة الجزائية المتخصصة من أجل الإفراج عنه، على اعتبار أنه محتجز تعسفاً. وبعد شهر، دفعت أسرة يونس عبد السلام كفالة لجهاز الأمن والمخابرات، ولكنها أبلغت أن القضية ستُحال على النيابة العامة.

ووفقاً لتقرير طبي، فإن يونس عبد السلام يعاني من حالة مرضية متصلة بالصحة النفسية تتطلب متابعة وعلاجاً منتظمين، وقد حُرم الرعاية الصحية الكافية طوال فترة احتجازه. وقال شقيقه إن صحته النفسية تدهورت بسبب ظروف احتجازه. خلال فترة اختطافه، ظلت التقارير الحقوقية تنبه إلى مخاطر صحية ونفسية يواجهها، وطالبت 18 منظمة حقوقية بإطلاق سراحه الفوري، في ظل تدهور صحته وتفاقم حالته النفسية من نوبات ووساوس قهرية واكتئاب وصل إلى حد التفكير في الانتحار.

ليونس عبد السلام تجربة مريرة من السجن والتعذيب. في أغسطس/ آب من عام 2020، تعرض للاختطاف والتعذيب في محافظة أبين (جنوبيّ اليمن) من قبل مسلحي المجلس الانتقالي (المطالِب بالانفصال)، ليطلق سراحه عقبها بعد ضغط حقوقي، وإلحاح من وساطات قادها مقربون من المجلس.

قال شقيقه سلطان، في تدوينة نشرها على موقع فيسبوك، إن سجانيه (يقصد الحوثيين) اتصلوا ليلة اختطافه من هاتفه "لكل أهله، ولكثير من الأشخاص وخاصةً الفتيات (لا أدري ما غرض المؤمنين من ذلك)". وأضاف: "366 يوماً من الحزن والحسرة لوالدَين مسنَّين بعيدين عن ابنهما الأصغر ولا يمتلكان له سوى الدعاء وبعض ما تجود عليهما الحياة يؤثران به ولدهما المعتقل ظلماً وعدونا، 366 يوماً من المتابعة، والاستجداء، والتظلم، عند أناس لا يمتلكون ذرة من إنسانية تجاهك ما دمت لا تدين لهم بالولاء ولست من أتباعهم".

وأضاف: "سبق أن طلب سجانوه ضمانة تجارية لإطلاقه ثم عادوا ليفتشوا عن إيمانه فاكتشفوا أنه ليس بالمستوى المطلوب الذي يؤمن فيه على المجتمع - حسب معيارهم للإيمان - ولم تجدِ معه نفعاً محاولات تقوية إيمانه (الإيمان الذي يحبون)؛ لذلك قرروا إبقاءه رهن الاعتقال". وختم منشوره قائلاً: "زرته اليوم (الأربعاء) فطلب مني إبلاغكم جميعاً تحياته وأشواقه وامتنانه، وقال: نحن أحياء وباقون وللحلم بقية".