أثارت المواقف المتكررة والمتشابهة التي تحدث بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، العديد من التساؤلات، بشأن ما إذا كانت مقصودة بالفعل أم هي محض الصدفة؟ خاصة بعد أن ظهر بوتين، الثلاثاء، وهو يتململ أمام الكاميرات بعد أن تأخر عليه أردوغان 50 ثانية، في أول لقاء بينهما بعد بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.
هذا المشهد لم يمر مرور الكرام على الصحافة التركية، فقد وزعته الرئاسة التركية على وسائل الإعلام، والتي بدورها أخذت تحلل وتربط المشاهد ببعضها، خاصة أن بوتين بدا عليه الضيق خلال تلك الثواني، فقد كان واقفاً أمام مقعده وعلمَيْ البلدين، ويداه متشابكتان وفمه يتحرك، قبل أن تتغير وضعيته بظهور أردوغان ويرفع يديه إلى جنبيه.
كما أن مقطع الفيديو تناولته الصحافة العالمية، فقد قالت الغارديان: "بوتين الذي عُرف بعادته بأن يُبقي قادة العالم ينتظرون، كانت ملامحه أمس غير مألوفة، فقد رأى البعض أن هذا الموقف ربما كان ثأراً لموقف سابق مشابه تعرض له أردوغان بموسكو".
من جانبها علقت جويس كرم، المراسلة الصحفية الكبيرة لدى صحيفة The National الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، في منشور على موقع تويتر: "هذه الثواني الخمسون التي جعل أردوغان بوتين ينتظر خلالها، والتي بدت مرهقة أمام الكاميرات، تقول الكثير عن كم الأمور التي تغيرت بعد (أحداث) أوكرانيا".
وصفت جويس التغير بأنه "رد اعتبار لذيذ" بالنسبة لأردوغان بعد أن ترك بوتين الزعيم التركي ينتظر لقرابة دقيقتين قبل عقد اجتماع معه في 2020.
مواقف سابقة متشابهة بين بوتين وأردوغان
أولى المشاهد المتشابهة التي وقعت بين الزعيمين كانت في أغسطس/آب 2016، فقد انتشر فيديو يظهر كيف انتظر بوتين نظيره التركي أردوغان لمدة دقيقة ونصف تقريباً، حينما كان الرئيس التركي في زيارة إلى موسكو آنذاك.
لكن الموقف الثاني بين الزعيمين، والذي أحدث ضجة كبيرة، كان في 2020، فقد نشرت محطة "روسيا 1" مقطع فيديو للرئيس التركي وهو ينتظر بوتين لمدة دقيقتين، قبل أن تُفتح أبواب قاعة اللقاء ويدخل الرئيس التركي والوفد المرافق له.
هذا المشهد أثار ضجة كبيرة، ودفع تركيا لمهاجمة الإعلام الروسي، واصفة ما فعله بـ"قلة احترام منه، وأنه ليس من الصواب تناول الأمر بهذا الشكل"، مضيفة على لسان وزير خارجيتها: "إن الإعلام الروسي يمارس الدعاية السوداء ضد تركيا عند أي خلاف بسيط، ويتراجع عن ذلك حين تتحسن العلاقات".
لا يمكن الجزم بأن هذه المواقف بين الزعيمين هي انتقام من بعضهما، أو رد على مواقف سابقة وقعت بينهما، لكن تكرار هذه المواقف مع زعيمين بحجم أردوغان وبوتين تحظى باهتمام إعلامي كبير، وتأخذ أبعاداً تحليلية، تنعكس عليها طبيعة العلاقة بين البلدين، ومدى تقارب المواقف منهما.
بوتين يشتهر بهذه العادة
هذا الأسلوب من التعامل، اشتهر به بوتين خلال لقائه بزعماء الدول، ويرى البعض أنها سياسة نفسية محسوبة يتبعها الرئيس الروسي، فقد بدأ باستخدامها خلال الأيام الأولى لرئاسته، وذلك عندما تأخر عن ملكة بريطانيا 14 دقيقة عام 2003.
كما تأخر بوتين عن اجتماعه مع البابا فرانسيس ساعة كاملة، عندما قام بزيارته في الفاتيكان في يونيو 2015.
حتى إن ترامب لم يسلم من أسلوب بوتين، ففي عام 2018، ظل الرئيس الأمريكي السابق ينتظر 45 دقيقة قبل القمة المقررة في هلسنكي، والتي جمعته مع الرئيس الروسي.
وفقاً لإذاعة أوروبا الحرة، تُركت أنجيلا ميركل تنتظر لمدة 4 ساعات و15 دقيقة من أجل لقاء بوتين في عام 2014، بينما انتظر فيكتور يانوكوفيتش، عندما كان رئيساً لأوكرانيا، 4 ساعات قبل الجلوس مع الزعيم الروسي.