قال وزير الدفاع الفريق محسن الداعري، إن محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي "لديه ما يبرر قرار إيقاف توريد عائدات محافظة حضرموت إلى حساب الحكومة"، بما في ذلك موارد مركزية مثل إيرادات "ميناء المكلا" و"منفذ الوديعة" مع المملكة العربية السعودية.
وأضاف الداعري خلال اجتماعه، يوم الخميس، باللجنة الأمنية للمحافظة بقيادة المحافظ مبخوت بن ماضي إن "القرار كان مفاجئاً" لكن "المحافظ معذور وآخر العلاج الكيّ" مضيفا أن على "السلطة المركزية أن تقوم بمعالجة الأمور".
ووصل الداعري إلى حضرموت، يوم الأربعاء، وأجرى اجتماعات في سيئون ثم انتقل الخميس، الى المكلا، وهناك أدلى بتصريحاته المؤيدة لقرار المحافظ في ٢٦ نوفمبر الماضي إيقاف الإيرادات إلى حساب الحكومة "للإيفاء بالتزامات الخدمات لأبناء المحافظة".
وتمر الحكومة بأزمة مالية حادة، خاصة منذ قامت مليشيا الحوثي بقصف منشأة تصدير النفط بحضرموت في أكتوبر من العام الماضي، ما دفع الحكومة إلى الإستنجاد بالتحالف للحصول على وديعة، لتلافي إخلالها بالتزامات رئيسية أمام المواطنين في المحافظات المحررة.
ولم تعلق الحكومة على قرار بن ماضي حتى الآن، وسبق أن قامت حكومة معين عبدالملك في أواخر العام ٢٠٢٠ برد حاد على أزمة مماثلة خلال فترة المحافظ السابق اللواء فرج البحسني-عضو مجلس القيادة حالياً- وقدّمت كشفاً تفصيلياً بالإنفاق الحكومي للمحافظة.
ويكشف تصريح وزير الدفاع الذي يرأس اللجنة الأمنية العليا عن خلل كبير في أداء الحكومة المركزية يصل حد العجز عن تنسيق مواقفها تجاه التطورات الداخلية التي تسهم في تعميق حالة الضعف في المرحلة الحالية.
وشهدت محافظة حضرموت خلال الأسابيع الماضية تصاعداً في الأحداث بمستويات مختلفة، في ظل احتقان سياسي وأزمة في الخدمات.
وكان محافظ حضرموت زار العاصمة المؤقتة عدن قبل أقل من شهر، والتقى عضو مجلس القيادة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، ورئيس الجمعية الوطنية للمجلس الإنتقالي، قبل أن يعود ويتخذ قرار إيقاف الإيرادات، وهو ما قد يفهم تصعيداً مقصوداً، خاصة في ظل ما يجري في الرياض بعد إعلان هيئة رئاسية لمجلس حضرموت الوطني.
وأُعلن يوم ٢٨ نوفمبر الماضي، تشكيل هيئة رئاسة لمجلس حضرموت الوطني بعد شهور من النقاشات برعاية سعودية في الرياض.
وضمت هيئة تأسيس مجلس حضرموت، ٢٣ شخصية حضرمية، في ظل حديث عن انزعاج المحافظ بن ماضي الذي كان يريد لنفسه رئاسة المجلس، وهو ما دفعه لمغادرة الرياض قبل أسابيع، متحفظاً على المخرجات وعاد إلى المحافظة.
وفي منتصف الشهر الماضي، منعت قوات الأمن بالمكلا فعالية لحلف قبائل حضرموت الذي يرأسه الشيخ عمرو بن حبريش وكيل أول محافظة حضرموت، وأحد أقوى الشخصيات فيها، وتسبب المنع بتوتر، قامت بعده النيابة بنشر استدعاء لبن حبريش لسماع أقواله بتهمة "تكدير السلم العام" ما دفع بن حبريش لاعتباره تصعيدا من السلطة المحلية ضده.
ويقول مؤيدو بن حبريش إن استهداف الرجل، يعود سببه، لإصدار الحلف الذي يرأسه بيانا مطلع نوفمبر حمّل فيه "الإمارات" المسؤولية الكاملة عن الفوضى في حضرموت بدعمها أجندة سياسية لا تخدم استقرار المحافظة.
وكان بن حبريش قد اعتذر قبل نحو أسبوع، عن عضويته في هيئة رئاسة مجلس حضرموت الوطني، ويتمسك بحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، وعقد سلسلة لقاءات قبلية بالمكلا لتعضيد موقفه سواء ضد السلطة المحلية والانتقالي، أو اعتذاره عن عضوية المجلس الوطني.
وأعلن بن حبريش يوم الخميس، عن تشكيل لجنة للتحضير والإعداد ل"اليوم الوطني الحضرمي" في ٢٠ ديسمبر الجاري، وكلف برئاسة اللجنة، نائبه في مؤتمر حضرموت الجامع ونائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة القاضي أكرم العامري.
وتصاعدت أحداث الشهر الماضي في حضرموت عندما قامت قوات أمنية ومن النخبة التي تشرف عليها الإمارات، بحملة أمنية أطلق عليها "ميزان العدل" لملاحقة مطلوبين وقامت بتنفيذ اعتقالات ومداهمات سببت غضبا في الشارع الحضرمي، وفجّرت خلافاً بين المحافظ وقائد المنطقة العسكرية الثانية بالمكلا السابق فايز التميمي، الذي قالت مصادر إنه احتج على تجاوزه وتجاهله.
وعقب تلك الأحداث صدر قرار رئيس مجلس القيادة في ١٩ نوفمبر الماضي بإقالة اللواء التميمي وتعيين العميد طالب بارجاش خلفا له.
ويحظى المحافظ الحالي بعلاقة وثيقة برئيس مجلس القيادة د. رشاد العليمي، وسبق أن خاض بن ماضي صراعا مع المحافظ السابق وعضو مجلس القيادة، اللواء البحسني مستنداً إلى دعم العليمي، لكن الأحداث الأخيرة ولقاء العليمي بقيادة مجلس حضرموت الوطني قبل يومين، بالإضافة إلى وقف الإيرادات، يمثل اختبارا لعلاقة الرجلين ومدى انعكاس هذه التقاطعات على وضع حضرموت خلال الفترة القادمة.