أعلنت مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، يوم الثلاثاء الماضي، أنها أطلقت دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنّحة وعدد كبير من الطائرات المسيرة على أهداف مختلفة للعدو الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت على لسان المتحدث باسمها يحيى سريع، إن هذه العملية هي العملية الثالثة نصرة للمظلومين في فلسطين، وأنها ستستمر في تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي. وفقا لما ورد في بيان الجماعة.
الإعلان الحوثي أحدث ردود أفعال متعددة مع تصعيد الحرب الإسرائيلية على غزة ومدن فلسطينية منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وبينما اعتبر البعض مشاركة الحوثي في الحرب ضد إسرائيل تطورا إضافياً في الصراع، مع الحملة الدعائية المكثفة لجماعة الحوثي وماكنات الاعلام والدعاية للمليشيات التابعة لإيران الموالية للحوثي، وما صاحب ذلك من استغلال تعاطف الشعوب العربية واهتمام وسائل الاعلام الأجنبية، إلا أن تلك البروباغندا لاقت موجات واسعة من التشكيك والنفي محلياً وعربياً، مع تضارب المعلومات والمواقف.
فيما عادت جماعة الحوثي في وقت متأخر من مساء الأربعاء، معلنة أنها أطلقت "دفعة كبيرة من الطائرات المسيرة على أهداف عدة في عمق الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة". وقالت في بيان للناطق باسمها إن الصواريخ "وصلت إلى أهدافها"، وأنها "مستمرة في تنفيذ عملياتها العسكرية دعماً ونصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني".
وبعد يوم من إعلان الحوثيين بيانها الأول وتحت ضغوط موجات التشكيك في صحة العملية، نشرت الجماعة صوراً ومقاطع فيديو لما وصفته ب"عمليات مشتركة للقوة الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير على أهداف في عمق الكيان الإسرائيلي في فلسطين".
نتناول في هذا التحقيق تحليل الصور والفيديو التي نشرتها الجماعة مدعية أنها لعملية قصف اسرائيل.
ففيما لم تقدم بيانات الحوثيين والصور التي نشرتها معلومات دقيقة وكافية حول العملية المزعومة، لم يقدم جيش الاحتلال والمصادر الامريكية التي تناولتها روايات منطقية مقنعة حول مكان وزمان اطلاق الصواريخ والمسيرات الحوثية ومسارات وصولها إلى اسرائيل وكيف تمكنت من عبور الأجواء البعيدة دون أن ترصدها او تعترضها المدمرات الامريكية ومنظومات الدفاع الجوي ورادارات المراقبة المتواجدة على خط سير الصواريخ في حال كانت قادمة من المناطق اليمنية الخاضعة للحوثيين.
وقد تبين بعد مراجعة دقيقة وتقنية لمحتوى تلك الصور والمقاطع بأنها مفبركة وغير صحيحة، قامت الجماعة بدبلجة الصور واضافة أصوات مسجلة غير حقيقية.
وبعد تحليل مقاطع الفيديو المزعومة لاطلاق الطائرات المسيرة تبين بأن الصور قديمة من مقاطع سابقة نشرها الاعلام الحربي التابع للجماعة قبل عام. وبمقارنة صور الطائرات في مقاطع الفيديو يتضح أنها متطابقة.
حيث تبين أن الفيديوهات والصور المزعومة قد نشرتها وسائل اعلام تابعة وموالية للجماعة نقلا عن الاعلام الحربي على أنها لطائرات مسيرة أطلقتها الجماعة نحو السعودية والإمارات في وقت سابق، وتم نشر تلك المشاهد عبر قناة "الميادين" التابعة لإيران في تاريخ (15 فبراير 2022م) بعنوان: (الإعلام الحربي في اليمن ينشر مشاهد لإطلاق مسيرات نحو السعودية والامارات في وقت سابق).
المشاهد تلك تداولها اعلام الحوثي خلال الأشهر الأولى من العام الماضي في ما أسمته الجماعة (عملية إعصار اليمن) و(عملية كسر الحصار).
وقد نشرت الجماعة عبر حساب "الاعلام الحربي اليمني) على موقع (X) ثلاثة مقاطع فيديو (فلاشات) تسويقية لما قالت إنه إطلاق طائرات إلى إسرائيل في الساعات الأولى يوم 31 أكتوبر الماضي، تضمنت مقتطفات من قراءة ناطق الجماعة يحيى سريع لبيان العملية مرفقة ببعض الصور الأرشيفية القديمة التي تعود لإطلاق الطائرات نحو السعودية والإمارات، قبل التعديل عليها ونشرها في اليوم التالي 1نوفمبر، ثم عادت الجماعة لنشر وتوزيع مقطع الفيديو للعملية الجديدة المزعومة ومدته (6 دقائق) بعد التلاعب والتعديل على الصور.
مقطع الفيديو القديم تضمن 12 لقطة إطلاق طائرات، فيما المقطع الجديد تضمن 27 لقطة اطلاق، يكشف التحليل أن بعضها مكررة لنفس الطائرة تم التلاعب بصورها، بهدف اظهار كثرة الطائرات.
وفي مقطع الفيديو الذي نشرته الجماعة مدعية أنه عملية استهداف اسرائيل تكشف عملية التحليل وفحص الصور قيام الجماعة بالتلاعب بها واخضاعها لتعديلات تقنية وتمويه مكان تصويرها ومعالم جغرافيا وموقع الإطلاق وتقريب بعض الصور (كلوز) وتعديل ألوانها والوان الخلفية (السماء والسحب).
وبعض الصور لنفس الطائرة بعد قلب الصور (تدوير الصورة) أو أخذ الصور من كاميرات وزوايا أخرى.
وتم إضافة علم فلسطين، وشعار "طوفان الأقصى" للفيديو المزعوم. واضافة تعليق صوتي تعريفي مسجل، وأصوات مسجلة لعناصر تصرخ بشعارات الجماعة المستنسخة من شعارات ثورة الخميني، ويظهر المقطع عدم تطابق الصوت مع الصور بشكل دقيق.
هذه الصورة الملتقطة من فيديو العملية المزعومة ضد إسرائيل، يظهر فيها الطائرة المسيرة الأولى بلون أبيض وهي من طراز (صماد 3) تبين بعد التحليل أنها مزورة، تم التلاعب بها فنيا وتقنيا، واتضح أن الصورة معدلة ومقصوصة وأنها مقلوبة/ معكوسة من الصورة الأصلية سبق ونشرتها جماعة الحوثي في مقطع فيديو زعمت أنه لعملية اطلاق طائرات نحو السعودية والامارات، تم نشره في قناة "الميادين" بتاريخ (15 فبراير 2022م)، كما سبق ونشرتها قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين في شهر مارس2022 على أنها عملية "كسر الحصار" ضد السعودية.
حيث تم التلاعب بمقاسات اللقطة وتدويرها للخلف وإزالة العلم اليمني من جوار شعار الجماعة وإلغاء ترويسة (الاعلام الحربي) واستبداله بعبارة طوفان الأقصى، كما تم إضافة شعار "الصرخة"، وتعديل ألوان وإضاءة الصور في مقطع الفيديو.
كما تظهر الصور الملتقطة من الفيديو الذي نشرته الجماعة للطائرات المسيرة المزعوم اطلاقها نحو إسرائيل سقوط بعض أجزاء الطائرة بعد إقلاعها وارتفاعها عن الأرض، وهذه اللقطة تتطابق مع صور ذات الطائرة المزعوم أنها أُطلقت نحو السعودية والإمارات.
المصدر أونلاين