قدم أربعة من أعضاء مجلس أمناء منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، استقالتهم الجماعية، احتجاجاً على تجاهل قرارات المجلس وتقويض عمله ومهاجمة أعضائه وتهديدهم، وعرقلة تحقيق داخلي سبق وقرر المجلس إجراءه عبر محققة مستقلة، للوقوف على اتهامات بسوء المعاملة ومخالفة الآداب العامة ارتكبها نائب رئيس المنظمة بحق موظفتين في هيئتها الإدارية.
وقال أعضاء مجلس الأمناء (جورج أبو الزلف، وكرستين بيكرلي، وديانا مقلد، وسارا نيكي)، في رسالة مشتركة موجهة لفريق "مواطنة"، "نكتب إليكم رسائلنا الإلكترونية الأخيرة كأعضاء في مجلس أمناء "مواطنة" لحقوق الإنسان، بقلوب ثقيلة نستقيل، فنحن نشعر أننا لا نستطيع أن نلعب دوراً فعالاً عندما يتم تجاهل قرارات مجلس الإدارة، وتقويض عمليات مجلس الإدارة، ومهاجمة أعضاء في مجلس الإدارة وتهديدهم".
وأضافوا في الرسالة المشتركة، "لقد احترمنا دائما "مواطنة" كمنظمة تطالب باحترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان خارجيًا وداخليًا، ولقد انضممنا جميعًا إلى مجلس الإدارة بناءً على إعجابنا العميق بعمل "مواطنة"، وبالرجال والنساء الذين يلعبون مثل هذا الدور المهم في اليمن والعالم الأوسع".
وأشارت الرسالة إلى تلقي مجلس الأمناء وهو أعلى هيئة رقابية وإشرافية لمنظمة مواطنة، شكويين رسميتين، وأن المجلس وافق في سبتمبر/أيلول، على تعيين محققة خارجية لإجراء تحقيق في الشكاوى، والتي قدمت تقريرها النهائي للمجلس.
وتابعت الرسالة: "في أكتوبر/تشرين الأول، استعرض أعضاء مجلس الأمناء التقرير النهائي الذي تضمن نتائج وتوصيات مفصلة. لقد صوت أربعة منا لصالح التقرير وجميع توصياته، في حين رفض أحد (رضية المتوكل) أعضاء المجلس التصويت، رافضاً التقرير وجميع توصياته".
واستطردت الرسالة: "عندما اتفقنا على بدء التحقيق في أغسطس/آب، التزمنا بمشاركة النتائج والتوصيات الرئيسية للتحقيق مع رؤساء الوحدات. وتماشيًا مع هذا الإلتزام وبروح الشفافية، فإننا نشارككم هنا ملخصا للتقرير. ونطلب منكم احترام أولئك الذين شاركوا في هذه العملية والحفاظ على سرية هذه النتائج".
وقالت الرسالة "إن أعضاء مجلس الإدارة الأربعة الذين صوتوا لصالح التقرير بقوة، يعتقدون أن الخضوع لمثل هذا التحقيق يعد علامة على القوة التنظيمية وعلامة على الشجاعة في إثارة المخاوف ومكامن القلق وحل هذه المشاكل".
وأكد الأعضاء، أننا "حاولنا بذل كل ما في وسعنا لدعم "مواطنة" خلال هذا الوقت العصيب. منذ شهر أغسطس، اجتمع مجلس الإدارة عدة مرات (..) لقد انتظرنا أن نكتب إليكم حتى الآن، لأننا أردنا أن نواصل التركيز على العملية التي بدأناها، وإفساح المجال للخبيرة المحققة المستقلة لإجراء التحقيق، ومراجعة النتائج قبل اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية".
واستدرك الأعضاء رسالتهم أنه "لسوء الحظ، واجهنا عرقلة كبيرة منذ بدء عملية التحقيق، وتزايدت تلك العرقلة مع انتهاء التحقيق، وخاصة بعد أن تلقينا النتائج"، معبرين عن أملهم أن تأخذ المنظمة بالتوصيات وتنفذها.
والتقرير الذي عارضته المتوكل رئيسة المنظمة، متعلق بمخالفات ارتكبها زوجها السابق عبدالرشيد الفقيه، والمعين من خارج اللائحة نائبا لرئيس المنظمة. وفقا لملخص التقرير الذي أعدته المحققة المكلفة "ديالا شحادة"، اطلع المصدر أونلاين على مضمونه.
ويتعلق التقرير بارتكاب الفقيه مخالفات لمدونة السلوك واللائحة الداخلية للمنظمة، وقام بفصل المديرة التنفيذية، (الشاكية الثانية) والتي حاولت مراجعته (بشأن الشاكية الأولى)، قبل أن تتعرض للمضايقات والاتهامات وصولا للفصل التعسفي من العمل دون مبرر.
وبحسب ما تضمنه تقرير المحققة، فإن نائب رضيةالمتوكل (وزوجها السابق)، ارتكب عدة مخالفات للائحة الداخلية للمنظمة ومدونة السلوك، ويشتبه في تورطه في حملة على التواصل الاجتماعي تستهدف المديرة التنفيذية للمنظمة، وأحد المحققين السابقين، إضافة إلى إطلاقه شتائم واعتداءات لفظية ومعنوية وممارسات بحق الشاكية الثانية، والتي فصلت من العمل بشكل تعسفي، ومنعت من الوصول إلى بريدها الخاص.
وأوصى التقرير بفرض إجازة مرضية على عبدالرشيد الفقيه، كونه يعاني مرضا نفسياً، وحاول الانتحار ويعيش حالة قلق، إلى آخر ما ورد في التقرير.
الجدير بالذكر أن منظمة "مواطنة" واحدة من المنظمات اليمنية المرتبطة بعلاقات جيدة مع المنظمات الدولية وتحصل على تمويل بملايين الدولارات لبرامجها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في اليمن، رغم الاتهامات الموجهة لها شعبيا ورسميا بالانحياز لصالح مليشيا الحوثي، ومحاولة تبييض صفحة انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأفادت معلومات خاصة عن تقديم خمسة من موظفي المنظمة استقالتهم خلال شهر أكتوبر المنصرم بينما أبلغت المنظمة ستة آخرين أن فترة عملهم معها تنتهي بنهاية شهر ديسمبر المقبل وأنها لن تجدد لهم العقود.
وحسب مصدر في المنظمة فإن الاستقالات المتتالية للموظفين كانت "ناتجة عن عنجهية يمارسها نائب رئيس المنظمة عبدالرشيد الفقيه وشخصنته للأمور ومزاجيته المفرطة في التعامل مع الموظفين، والتعامل معهم بعدم الإحترام مثل رفع الصوت. ودائما يمن على الموظفين بالراتب الذي يدفعه لهم".
يضيف أحد الموظفين المتضررين "في مواطنة جئنا لنعمل من أجل الدفاع عن حقوق الانسان لنجد أنفسنا كموظفين نفتقر لأبسط حقوقنا التي امتهنتها مواطنة. وأي شخص يبدي اعتراض أو يقول كلمة حق يكون عقابه الاستغناء عنه تحت حجة انتهاء العقد، أو نجد أنفسنا نواجه ممارسات عنجهية وضغوطات وتسلط من إدارة المنظمة مما يوصل الموظف إلى تقديم الاستقالة".