تشهد العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، حملة أمنية واسعة، تنفذها وحدات مشتركة من قوات الأمن العام ووحدات الطوارئ التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على المدينة، لتنفيذ قرار حظر الدراجات النارية، وسط تصاعد الدعوات من قبل مالكي هذه الدراجات إلى التظاهر رفضا للقرار.
وانطلقت الحملة الأمنية الأحد الماضي، وتستهدف أيضا المركبات غير المجمركة ومنع حمل السلاح بدون ترخيص، وفقا للأجهزة الأمنية، إضافة إلى ملاحقة السيارات المعكسة، لكن الواضح حتى الآن أن الحملة تركز بشكل كبير على الدراجات النارية فقط.
وكان ناشطون وحقوقيون ناشدوا السلطات إيجاد حل مناسب للدراجات النارية التي تعتمد عليها آلاف الأسر كمصدر رزق رئيسي في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، لكن السلطات لم تبد أي تجاوب حتى الآن، وما تزال ماضية في تنفيذ القرار.
وبالتزامن مع الحملة ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي ما يشبه الحملة الأخرى، يتولى دفتها العشرات من الناشطين، يتصدون لكل من يطالب بإنصاف ملاك الدراجات، ويبثون خطاب كراهية عنصري في الغالب يزعم أن ملاك هذه الدراجات قادمين من خارج المحافظة ويجب أن يعودوا لبلادهم، إضافة لخطاب "شيطنة" يتهمهم بالوقوف وراء جرائم القتل والسرقة بالمدينة، وهو غير صحيح يقول ملاك الدراجات، فالكثير منهم من أبناء عدن وهم أول المتضررين من القرار، كما أن الحديث عن تنفيذ جرائم بدراجات ثلاثية العجلات تسير ببطء أمر يبعث على السخرية، وفق قولهم.
وكانت السلطات وجهت السائقين في فترات سابقة بالتحول من الدراجات النارية العادية إلى تلك المرفقة بكرسي إضافي من "ذوات الثلاث عجلات" بحجة الضرورة الأمنية، وقال سائقون إنهم استدانوا أموالاً لتحويل دراجاتهم وإضافة الكرسي والعجلة، لكن السلطات عادت لمصادرة هذا النوع من الدراجات أيضاً.
وقال الصحفي العدني والمدير السابق لصحيفة 14 أكتوبر عبدالرحمن أنيس، على حسابه بمنصة إكس: "والله للآن مش مستوعب انه تم اتخاذ قرار بقطع أرزاق سائقي الدراجات النارية في عدن دون عمل أي حلول لهم .. يعني مهمة السلطات تصعب معيشة الناس فقط، مالهاش دخل بالحلول ولا هذا شغلها!".
وأضاف: "لا أحد يقول لي السبب مكافحة الجريمة، حتى لو واحد متخلف بالفطرة ما بينفذ (لن ينفذ عملية) اغتيال بسيكل بطيء يمشي بثلاث عجل وكرسي إضافي"، لكن الصحفي العدني لقي هجوماً واسعا من قبل ناشطين وصفوه بـ"الشمالي" وطالبوه بالرحيل عن عدن.
وقال دراجون تحدثوا لـ"المصدر أونلاين" إنهم خرجوا اليوم الثلاثاء للعمل، رغم المخاوف، وحاولوا الحذر والمرور عبر شوارع وطرقات فرعية بعيدة عن أماكن تواجد قوات الأمن، وأضاف أحدهم: "أيش نسوي؟ نجلس في البيت نموت من الجوع!".
فيما قال آخر إن قوات أمنية تنفذ بين الحين والآخر انتشاراً مفاجئاً في الشوارع الفرعية لغرض اصطياد الدراجين الذين يكسرون قرار الحظر، ما دفع العديد من السائقين إلى تحاشي الخروج من منازلهم خشية مصادرة دراجاتهم وإحراقها على غرار ما حدث قبل أيام حين أحرقت قوات أمنية دراجات في جولة القاهرة بمديرية الشيخ عثمان.
وكانت القوات الأمنية في عدن أعلنت قرار الحظر قبل أسابيع على اعتبار أن تنفيذه سيبدأ منتصف الشهر الحالي أكتوبر، قبل أن تقرر تأجيله حتى الأحد الماضي الذي صادف الثاني والعشرين من الشهر نفسه.
وتسعى قوات الأمن لمنع وحظر انتشار الدراجات النارية في أربع مديريات بعدن هي (الشيخ عثمان، دار سعد، المنصورة، البريقة) وهو ما سيجعل المدينة خالية تماما من الدراجات النارية على غرار مديريات (كريتر، المعلا، التواهي، خورمكسر) التي لا وجود للدراجات فيها منذ ما لا يقل عن عامين.
ويعلن سائقو الدراجات رفضهم للقرار الذي قوبل برفض شعبي واسع النطاق أيضاً، ونفذوا عدة تظاهرات خلال الأسبوع الماضي ومطلع هذا الأسبوع تطالب السلطات بالعدول عنه.
ووفقا لمصادر محلية فإن ملاك الدراجات النارية ما زالوا يتداعون لتنفيذ وقفة احتجاجية غدا الخميس، في جولة كالتكس، للتعبير عن رفضهم للقرار ومراعاة وضعهم المادي الصعب، مؤكدين استعدادهم لتنظيم عمل الدراجات وترقيمها بدلاً من حظرها ومصادرتها.