أخبار محلية

للحوثي "إسرائيل" الخاصة به! مراقبون: تحرك أذرع إيران في المنطقة مرهون باقتراب الخطر من طهران

المصدر
بهاء حجار

كثفت مليشيا الحوثي هجماتها وقصفها المدفعي على مدينة تعز التي تحاصرها منذ تسع سنوات، تزامناً مع عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأقامت المليشيا استعراضا عسكريا جديدا بحضور القيادي مهدي المشاط في محافظة البيضاء الاستراتيجية (وسط البلاد)، التي تحيط بها ثماني محافظات أهمها مأرب وشبوة وأبين ولحج والضالع.

على مدى قرابة عشرين سنة تقريباً منذ أول حرب شنتها مليشيا الحوثي ضد الحكومة اليمنية كان التبرير الرسمي السائد للحوثيين أنهم يقاتلون الحكومة قبل سقوط صنعاء بأيديهم ثم غزو جميع المدن اليمنية بعد سيطرتهم على الدولة في 2014 وحتى الآن، لأنها تعيقهم عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

في كل خطابات الحوثي وسردياته وتحديداً من بعد سقوط صنعاء وحتى آخر الخطابات لعبدالملك الحوثي زعيم الجماعة، وخاصة من بعد معركة "سيف القدس" 2021 كان يقول إنه سيشارك في أي معركة جديدة في فلسطين أو معركة إقليمية وأنه جزء من محور إيران ويحيل دوماً إلى خطابات حسن نصر الله في هذا الأمر.

وبينما بدأت إسرائيل عملية قصف شاملة ومكثفة على مدينة غزة ردا على الاختراق الهائل لكتائب القسام للسياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة 1948 التي نشأت عليها دولة إسرائيل، ظهر عبدالملك الحوثي بعد ثلاثة أيام من المعارك يتكلم عن استعداد "الشعب اليمني"، وليس جماعته، للمشاركة في الحرب لولا البعد الجغرافي، وعدم تواجده على حدود فلسطين، وأشار بأن بعض الدول التي لديها حدود مع إسرائيل لن تسمح له بإرسال مقاتلين من الشعب اليمني للاشتراك في المعركة. الحوثي في خطابه قال أيضا إنه قد يضطر للمشاركة بهجمات صاروخية أو طيران مسير إن تجاوزت الأوضاع في غزة ما أسماها "الخطوط الحمراء" بالتنسيق مع محور إيران، أو إذا اشتركت الولايات المتحدة في الحرب هناك، بينما لم يفسر الحوثي ماهية "الخطوط الحمراء" أو ماذا يقصد بمشاركة الولايات المتحدة في الحرب والتي بالفعل كانت قد أرسلت كبرى حاملات الطائرات إلى قبالة سواحل غزة وسلسلة هائلة من الدعم بالذخائر والطائرات والتمويل والدعم السياسي والتقني والاستخباراتي.

وضعت إيران ما يشبه التفسير لـ"الخطوط الحمراء" لدى حزب الله، وقال وزير الخارجية الإيرانية إن حزب الله اللبناني أول وكيل إيراني في العالم العربي، وضع استراتيجية من عدة مراحل لتحديد "الخطوط الحمراء" التي سيتدخل عندها.

بينما أصدرت إيران تصريحات منتناقضة عبر بعثتها لدى الأمم المتحدة، حيث ذكرت في اليوم السادس من العملية أن الأطراف الأخرى قد تدخل ساحة المعركة إن لم يكن هناك حل سياسي. مرت الساعات وعادت إيران لتصدر تصريحا جديدا ينسف دعاية إيرانية هائلة منذ نصف قرن تقريبا: "لن نتدخل في حرب غزة ما لم يهاجمنا الاحتلال الإسرائيلي ولم يهاجم مصالحنا".

المشاركة الخارجية للحوثي

كانت أول مشاركة خارجية فعلية للحوثي قد ظهرت في سوريا عندما شن النظام السوري حملة قمع هائلة ضد الثوار والانتفاضة السلمية التي تحولت لاحقا إلى سلسلة معقدة من الحروب الأهلية والدولية والإقليمية.

وتحدثت عدة تقارير دولية ومحلية عن وجود قواعد تدريب يديرها عناصر من الحرس الثوري الإيراني تستقبل العناصر الحوثية في سوريا، بالإضافة إلى مخططات التوسع الإيراني في الخليج العربي وباب المندب والقرن الأفريقي.

خطف واشتباكات مع القوات الحكومية

يواجه الحوثي سلسلة هائلة من التحديات التي تحد من قدرته على المشاركة، خاصة مسألة الغضب الشعبي المتصاعد ضده الذي تحول إلى تظاهرات في ذكرى ثورة26 سبتمبر في صنعاء وإب والحديدة ومحافظات أخرى، أقدم إثرها على خطف أكثر من 1500 مدني وفقاً لمصادر حقوقية في صنعاء وحدها. يأتي ذلك في وقت شنت فيه المليشيا سلسلة من حملات الدهم والخطف شملت رئيس نادي المعلمين أبوزيد الكميم، ورئيس النادي في ريمة إبراهيم جديب وغيرهم، بينما كثفت عناصر الأمن والمخابرات الحوثية من عمليات الدهم وفق مصدر محلي.

وصعد المشاط في خطاب له بمناسبة ذكرى 14 أكتوبر ضد ما وصفه " الاستمرار في الحصار"، وقال إنه "ليس فقط مؤشر عدم جدية وإنما نعتبره تصعيداً وعملاً إجرامياً مستفزاً، وهذا -لا شك- يعطينا كامل الحق في الرد المناسب والمماثل ما لم نلمس تجاوباً سريعاً".

في غضون ذلك شهدت عدد من الجبهات في محافظتي تعز والضالع سلسلة من الهجمات والاشتباكات والقصف المدفعي شنتها مليشيا الحوثي على مواقع الجيش والمقاومة والفصائل العسكرية المناوئة لها، أوقعت قتلى وجرحى من الطرفين.

إلى ذلك زعم فضل أبوطالب أمين المكتب السياسي للحوثي إن اللقاء الذي عقده رئيس الأركان صغير بن عزيز مع قيادة الجيش الأمريكي في واشنطن، هو رد أمريكي على أي محاولة من الحوثي المشاركة في حرب غزة، في أحدث مؤشر إضافي إلى أن الحوثي يستغل الحرب في غزة لتعزيز سيطرته في اليمن.

سيفعل ما تقرره إيران لكن في اليمن والسعودية. معظم الخبراء الذين تحدثوا في تصريحات خاصة أو في وسائل التواصل الاجتماعي ربطوا أي مشاركة حوثية بالموقف في إيران.

الدكتور علي الذهب الخبير العسكري قال في تصريح خاص لـ"المصدر أونلاين" إن مواقف الأطراف المحلية اليمنية تعتمد كليا على مواقف القوى الداعمة لها إقليمياً. وأضاف "أي شيء يترتب على الموقف السعودي ينعكس على الموقف الحكومي، وأي موقف إيراني ينعكس على الموقف الحوثي".

وأضاف الدكتور الذهب "اللحظة التي ستكون ثمينة لمن يستطيع فرض واقع على الأمر في لحظة الانشغال هذه". وتوقع أن يشن الحوثي سلسلة من الهجمات العسكرية على المواقع الحكومية حيث قال "أخشى ما يرتب له الحوثي، للهجوم على المناطق المحررة، وله فرصة كبيرة، وأخشى أنه قد يحدث شيء خلال هذه الأشهر، خاصة إذا دخلت الأزمة منحنى أبعد من أزمة غزة، قد يستثمر ضربة بطريقة أو بأخرى أو اتساع نقطة الصراع في غزة، قد يمتد إلى لبنان وسوريا قد تمتد إلى مصر وهنا نستذكر لحظة حرب67 وكيف حاول الإماميون استغلالها بحصار صنعاء".

الدكتور عادل دشيلة قال في منشور له على منصة إكس أيضا "في ظل الصراع الجيوبوليتيكي فإن الاستراتيجية الإيرانية قائمة على بناء أذرع مسلحة في المنطقة العربية بحيث تنقل الصراع إلى خارج أراضيها وهذا هو الحاصل. لا تريد إيران أن تدخل في حرب مباشرة مع إسرائيل لكنها قد تدفع بجزء من أذرعها للقيام ببعض العمليات خلال هذه الحرب لحماية مصالحها".

مهمة الحوثي الهجوم على السعودية

واستبعد دشيلة أي تدخل حوثي (مع أن الحوثي نفسه قد حصر طبيعة المشاركة بسلسلة من الهجمات الصاروخية أو الطيران المسير) وقال "لا أعتقد أن جماعة الحوثي سوف تدخل في الصراع لأن مهمتها أذية السعودية خدمة لمصالح إيران فقط، ولكن قد تدفع إيران بجزء قليل من حزب اللّه وجماعات أخرى في سوريا للقيام ببعض المناوشات البسيطة ضد إسرائيل لأن ذلك يصب في مصلحتها، ولكن لا أعتقد أن تدخل إيران بكل ثقلها لنصرة غزة".

بينما قال الباحث والكاتب السعودي مهنا الجبيل إن محور إيران وتحديداً الحوثي قد يشن سلسلة هجمات ولكن على الحدود السعودية الجنوبية.

القرار بيد إيران

الخبير العسكري الأردني فايز الدويري قال في مداخلة له على قناة الجزيرة "الحوثي لديه الأسلحة الكافية للوصول إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي لكنه لن يتخذ أي شيء إلا إذا تعرضت إيران للقصف".

الباحث المصري المختص بالشأن الإسرائيلي في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أحمد الديب في تصريح لـ"المصدر أونلاين" أكد أن الحوثي لن يشارك بأي شكل، "لأن قرارهم ليس بأيديهم بل باليد الإيرانية".

مهنا الجبيل: هنا أعود للمساحة التي تتسع لها قواعد اللعبة وسقفها لدى الإيرانيين لا مشكلة لديه من فقدان عشرات من حزب الله وهجوم محدود على محيط السفارة الأمريكية في بغداد... وحملة قصف من الحوثي على الحدود السعودية، ولكن لصالح إيران وليس لصالح غزة". مضيفاً في تعليق له على منصة إكس "إن تحركات وكلاء إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان تأتي ضمن قواعد الصراع المحتملة بين واشنطن وطهران".

الخبير بالشأن الإيراني الدكتور فارس إلياس قال "الذي ينتظر من إيران وحلفائها أن يتحركوا، متوهم، فهذه ليست حربهم".