فن

«بريء من دمها لم أقابلها ولا أعرف مَن تكون».. الليلة التي تم اتهام بليغ حمدي فيها بمقتل فنانة مغربية حسناء!

المصدر
بهاء حجار

صباح يوم الـ18 من ديسمبر أواخر عام 1984، استيقظ المطرب والملحن الكبير بليغ حمدي، والذي يوفق اليوم ذكرى رحيله، على مصرع امرأة مغربية تدعى "سميرة المليان" تواجدت ضمن رفاقه الذين كانوا يحتفلون بصحبته، ولم يمعن "حمدي" اهتمامًا للقادم والراحل، لكونه شخصيةً عامة يتم الاحتفاء بها في مختلف ربوع الوطن العربي، وقد سببت هذه القضية دويًا صارخًا في الرأي العام ساعاتها، رغم أن كل الدلائل آنذاك تُباعد بين بليغ حمدي وكونه متهمًا.

وتَفاعُلًا مع هذه الجريمة التي توفرت لها كل شروط الإثارة والغموض، أجرى الكاتب الصحفي عبدالمنعم الجداوي تحقيقًا بشأن حادثة القتل، قدمته مجلة «المصوّر» في عددها المنشور في 28/12/1984، رقم 3142، سلط فيه الضوء على بعض المناطق الغائمة والتي كان لابُد لبليغ أن يجيب عنها بنفسه، بالإضافة إلى بعض التفاصيل التي جرت على لسان "صباح" مدبرة منزل بليغ، وتحقيقات المباحث، وكلاهما رصد جوانب في شخصية "سميرة المليان"، تؤكد وجد خللٍ في شخصيتها، ويرجع ذلك إلى محاولاتها السابقة للانتحار، وحرمن زوجها السابق لها من رؤية أبنائها، وغيرها من التداعيات التي يجعلها الكثير سببًا في موتها منتحرة.

يبدأ "الجداوي" في ذكر بعض الوقائع على لسان من شاهدوا الضحية وعاينوا الحدث، فينقل شهادة "صباح" والتي تعمل في منزل بليغ حمدي والتي تقول فيها: إن الحسناء -أي سميرة مليان- بقيت طَوال النهار تحتسي الكونياك، وتتناول الطعم بشكل مبالغ فيه، مما أدى إلى فقدنها الاتزان، وطلبت بعد الخامسة صباحًا أن تستريح، فقادتها إلى غرفة الضيف لكي تنام.

ويتابع: "وحينما كانت تُعيد صباح ترتيب الأشياء بعد خروج أخر من كانوا بالحفل.. وجدت حقيبة يد الضحية، وجاكتها الفرو على مَقعد بجوار باب الغرفة، وحذاءها.. وحينما طرقت الباب لتوقظها، لم تجبها، فدفعت الباب، ودخلت، لكني -هنا يدخل صوت صباح- لم أجدها على السرير، وفوجئت بنافذة الشرفة مفتوحة.. وهي مغطاة بالألمونيوم والزجاج".

ويكمل "الجداوي" نقلًا عن العقيد فيليب عبدالملاك، مأمور شرطة الدقي، والذي يُعد أول من شاهد مسرح الحدث من المسؤولين، قوله: إنه وجد في الغرفة جواربها الكولون، وجاكتة حرير، أما حقيبة اليد فقد كانت تحتوي على جواز سفر، يؤكد أنها وصلت القاهرة يوم 14 ديسمبر 84، وإنها أم لطفلين وتحمل اسم "سميرة المليان" وإن الحادث اكتشف صباح 18/12/1984.

وبناءً على هذا يطرح "الجداوي" عدَّة تساؤلات تطرح علامات استفهام كبيرة؟!!، فإذا كانت سميرة لم تنزل أي فندق لوجود جوازها معها، وهي بالطبع لن تأتي من المغرب إلى مصر بلا حقيبة، فأين كانت مقيمة قبل ذهابها إلى الحفلة.

تتوالى التحقيقات، وتثمر عن كثير من النتائج، أبرزها وأهما، ما قالته "صباح" مدبرة منزل بليغ، أن الضحية كانت تقول: "إن الإنسان يجب أن يكون حاسمًا في اتخاذ القرار، فإذا أخذه يجب أن يُنفذه على الفور دون تردد، مهما كانت النتائج".

ويستمر "الجداوي" قائلًا: وأشارت الأبحاث في الأيام المفقودة إلى وجود شخصية عربية من بلد شقيق، ارتبطت بالضحية بعَلاقة ما، وظهرت ليلة الحفل، لكن ظهورها اكتنفه الغموض، وهذه الشخصية ليست غريبة على بليغ، بل تربطه بها صداقة، لكنه لم يره في تلك الليلة؟!، فقد جاء وانصرف بعد أن دخل "بليغ" لينام، وقد غادر هذا العربي القاهرة يوم الأربعاء بعد أن اكتشاف الحادث بيوم واحد، وتعتقد الدوائر الجنائية أن شهادته سوف تجلي الكثير من غموض الحدث، وقد دارت اتصالات تليفونية بينه وبين بليغ حمدي، وتعهد له بالضور قبل يوم الجمعة "الغد"، ونجحت المباحث في الاتصال عن طريق "الانتربول" في الاتصال بالـ "التازي" في المغرب وأعربوا عن تسجيل شهادتهم أمام محكمة هناك، وختمها بختم السفارة المصرية، وأيضًا تعهد أهل الضحية بتقديم التقرير من المصحة النفسية التي كانت تعالج فيه، والتي تؤكد محاولاتها الانتحار من قبل، وبذلك تستطيع النيابة العامة اعتبار الحادث انتحارًا".

ولكي تضح الحقيقة أكثر، قام «المصوّر» بتوجيه بعض الأسئلة لبليغ حمدي، والذي التزم الصمت التام خارج التحقيق، حيث كان منهمكًا في تسجيل اللحن الجديد لأغنية "نجاة" التي كتب كلماتها "إبراهيم موسى" والتي سوف تغنيها مطلع العام 1985، وكان معد التحقيق عبدالمنعم الجداوي، هو من وجه هذه الأسئلة، فيسأله قائلًا:

*بماذا تُفسر ما وقع في بيتك للمغربية الحسناء، ولماذا قلت أنكَ لا تعرفها؟

_الحقيقة أنني لا أعرفها، وليس هي فقط، وإنما تسعة أعشار الذين يحضرون مع أحبائي لا أعرفهم، وإنما اعتبر كل من يسعى إلى بيتي من المعجبين، وليس لي أن أطلب من كل معجب يجيء مع صديق، تحقيق شخصيته، ونبذة عن حياته، وأصدقائي في كل البلاد العربية، يُحيطونني عظيمة حينما أزوروهم فلا أقل من أن أستقبلهم كما يستقبلونني!

*ألم تشعر قبل أن تترك الحفل لتنام، أن الحسناء تتصرف تصرفات غير طبيعية؟

_عدا عبها "الكونياك" عبًا لم يكن هناك ما يوحي بشيء، وأذكر أن بعض الإخوة حذرها؛ لأن موقفي كصاحب بيت لا يسمح لي بإبداء الملاحظات، لكنها كانت تشرب بنهم، وكـأنها تريد أن تفقد الوعي بإصرار.

*تقول إنها دخلت بيتك لأول مرة، فكيف عرفتْ غرفة النوم المُعدة للضيوف وأباحت لنفسها أن تنام؟

_إن "صباح" قالت لي إنها بعد أن فقدت توازنها؛ طلبت في إلحاح أن تستريح فقط، فقادتها "صباح" لتستريح، وهي تستندُ على المقاعد والجدران!

*الذين يعملون لديك أغفلوا بعض الشخصيات في التحقيق، ثم عادوا فذكروها في إعادة التحقيق، ما هو تعليلك لهذا؟

_المُفاجئة أثرت علينا جميعًا، أنت لا تتصور مدى ما أصابنا من ذعر، كلنا تعطل تفكيرنا، وبعض الناس لا حضور له يرغمك على أن تتذكره، وبعض الناس تنساه وهو معك، ولهذا بعد أن انتهت المفاجأة تذكروا حتى الذي جاء ومضى دون أن يجلس أو يدخل.

*وما هي قصة العربي صديقك الذي حدَّثتَه الآن في بلده، ولماذا تُلح عليه في الحضور؟

_إنه أحد الذين كانوا في الحفل، وقد جاء بعد أن دخلت لأنام، وترى النيابة من مصلحة التحقيق أن نستمع إلى شهادته، وقد وعدني بأن يصل خلال أيام قبل نهاية العام الأسبوع.

*هل لشهادته أهمية خاصة استشعرتها النيابة؟

_بالقطع لا أعلم، ولكن أنا أنفذ ما فيه مصلحة التحقيق.

*لكن ما هو رأيك الخاص الذي تفسر به الحادث؟

_لا شيء غير الانتحار، لا سيما بعد أن عرفنا أنها حاولت الانتحار مرتين، ثمَّ ظروفها السيئة، وحرمانها من أولادها.

*بعيدًا عن الحدث المؤلم، هل أثَّر ذلك على إنتاجك الفني؟

_أكذب إذا قلت لك لم يؤثر، إنه عطلني عن كتابة الموسيقى لتكملة اللحن الذي سوف تغنيه "نجاة" إن شاء الله"، وكنت على وشك الانتهاء من موسيقى فيلم "الزمار" لكني توقفت طَوال الأسبوع، لقد حاولت أن أذهب إلى الإسكندرية لأنام ولو ليلة واحدة، لكني بقيت يقظًا حتى الفجر، ومع أول ضوء كنت أغادر الإسكندرية.

*هل لديك أقوال أخرى؟

_أعمل معروف.. بلاش العبارة دي..!!