فن

بعد تجسيد قصته.. من هو قذافي سفاح الجيزة الحقيقي؟

المصدر
بهاء حجازي

بدأت منصة شاهد عرض مسلسل سفاح الجيزة من بطولة أحمد فهمي وركين سعد، والذي يحكي قصة سفاح الجيزة الحقيقي الذي شغلت قضيته الرأي العام في مصر لأشهر، وحُكم عليه بالإعدام 4 مرات.

نحن أمام مجرم مختلف، ذكي، هادئ، لا يمكنك أن تشك فيه، ستجده يصلي بجوارك في المسجد، يتصدق على الكثيرين، خدوم، بشوش، لا يمكنك الشك في سلوكه، قتل فتاة، ثم تزوج شقيقتها، شخصية غريبة ومحيرة، لكن تفاصيل قصته بها الكثير من الدراما.

سفاح الجيزة يتصدر التريند.. كيف علق الجمهور على أولى حلقاته | مصراوى

من هو سفاح الجيزة الحقيقي ؟ ولد قذافي فرج عبد العاطي عبد الغني في 20 أكتوبر سنة 1971، في منطقة بولاق الدكرور بالجيزة، تخرج في كلية الحقوق، لكنه لم يعمل بالمحاماة بحسب شهادة زوجته الأولى فاطمة الزهراء، والتي قالت: “لم يعمل بالمحاماة كما يشيع ولم يتم فصله، بل كان يعمل في التجارة وامتلك سلسلة مكتبات، وكان يستورد ألعاب أطفال من الصين، وكان يحقق مكاسب كبيرة، وعندما تقدم لي، ساق عليا كل الناس والجميع أثنوا على أخلاقه وعلى مبادئه حتى إنهم كانوا يقولوا عليه الشيخ قذافي”.  

سفاح الجيزةكانت ملامح القذافي هادئة، توحي بطيبة على وجهه،  ولا تسير الشك فيه مطلقا، فهو يشبه الآلاف من الشعب المصري ممن تقابلهم في المترو أو محطة الأتوبيس، كما كان مواظبا على الصلاة في وقتها، حتى كن وصفه بين الناس الشيخ، وكان يتقرب من كبار السن ورجال المنطقة التى يعيش فيها، الأمر الذي أعطاه شهرة ومحبة في قلوب كل من يعرفه.

كانت أول جرائم القذافي، جريمة خيانة الأمانة مع صديق عمره، حيث كان للقذافي صديق اسمه رضا، كان يعمل مهندسا بالخارج، ويرسل أمواله للقذافي لكي يستثمرها له بعد الاتفاق معه على نسبة الشراكة التى سيتحصل عليها، وبعدما تعب رضا من الغربة وقرر أن يستريح، طالب القذافي بأمواله. 

تقابل القذافي مع صديق العمر بعد ساعات من وصوله، ورحب به، وطلب منه موعد آخر لاحضار الأوراق والحسابات والأموال، وبالفعل كان اللقاء بعد يومين ولكن بدأ القذافي يتهرب من رضا، وبدأ صديقه الشكوى منه فقرر القذافي التخلص منه.

 اتفقا الثنائي على اللقاء في شقة القذافي، وقدم له القذافي واجب الضيافة، واعتذر له على التأخير بسبب المشاكل التي يمر بها، ولم يكن يعلن رضا أن القذافي دس السم له، وبعد أن بدأ تأثيره يظهر على صديقه ضربه حتى تأكد من قتله، ثم نقل جثته إلى شقه أخرى يمتلكها بشارع العشرين فى بولاق الدكرور، ثم دفنه أسفل بلاط الشقة بالدور الأرضي، ثم غادرها للشقة التى يقيم فيها. 

وقد حصل القذافي على بطاقة رضا وكارنيه نقابة المهندسين ورخصة القيادة، لم يكتفِ بذلك بل ارسل رسالة لشقيق القتيل فى الغربة أنه تم القبض على رضا ولا يعلم أين هو، وبعد شهور من بحث أسرة المهندس على شقيقهم، شكوا في القذافي، واتهموه  بقتل شقيقهم ولكن عدم وجود الجثة والأدلة الكافية كانت السبب فى غلق القضية. 

أقام القذافي علاقة مع فتاة من منطقة الهرم، وعندما طالبته بالزواج قتلها، ثم شارك مع أهلها في البحث عنها، كانت الفتاة اسمها نادين، وكان القذافي يبحث عنها في كل مكان معهم ويبكي عليها، وأثناء البحث تعرف على شقيقتها فاطمة الزهراء، فشعر بالانجذاب ناحيتها. 

أوهم القذافي أسرة نادين أن وراء اختفائها منتج سوري أوهمها بالعمل في الإعلانات خاصة إن نادين كان لها تجربة في الإعلانات في مصر، يقول شقيقها: “نادين وقذافي، مكانوش بيكلموا بعض ومفيش أي علاقة بينهم، وكان قذافي هادي في كلامه بس في يوم لما عرف إن نادين بتصور إعلانات، قالنا فيه واحد يعرفه منتج سوري، هيخلي نادين تصور إعلانات في فرنسا والأردن، والمنتج ده كان طويل وعينه لونها أزرق، وفيه شامة لونها أسود على وشه وكان في الثلاثينات تقريبا وكان شكله راجل محترم و كان قذافي بيقولنا إن هو اللي بيتواصل مع المنتج ومش عاوز يدينا رقمه”.

وقع قذافي في حب فاطمة الزهراء شقيقة نادين، وتقدم للزواج منها، تقول فاطمة في حوار لموقع القاهرة 24: “خطبني  في مارس2015، وتزوجني في شهر أغسطس 2015، وظل معي حتى يوم 9 أكتوبر 2016، وخرج يوم 9 أكتوبر صباحا وطلب مني أكلة يحبها، لكني  خرجت في هذا اليوم لأن والدتي تحتضر”، ستكتشف الزوجة بعد ذلك أن قذافي كان يسمم والدتها”. 

مرت الأيام تملؤها السعادة بين فاطمة والقذافي، وكانت تعيش معه في سعادة، حتى جاءه اتصال من سيدة تطلب منه احضار سباك في منزل أبو زكي في منطقة كشري أبو حمادة، وهو خارج طلبت منه زوجته بامبرز ولبن لابنته التي اسماها نادين على اسم ضحيته، فأخبره أنه سيذهب لكي يصلح السباكة مع ثابت السباك ثم سيعود باللبن، لكنه اختفى نهائيا، ولم تراه زوجته من تاريخها.

لكن فاطمة الزهراء تنفي وجود علاقة بين القذافي وشقيقتها نادين، وتقول إنها بعد اختفاء قذافي كانت تتلقى اتصالات من أشخاص شاهدوا شقيقتها، كما أن فحص الدي إن إيه للجثث التي عثروا عليها، لا يوجد بها دي إن إيه يخص نادين (هذا للإيضاح، وفقا لشهادة فاطمة الزهراء في القاهرة 24). 

سافر القذافي للإسكندرية، وهناك عاش بأوراق وشخصية المهندس رضا صديقه الذي قتله، وهناك وقع في غرام فتاة اسمها أمل، لكن قبل أن يتقدم لهاـ أقام علاقة صداقة مع صديق والدها عن الطريق الصلاة المنتظمة في المسجد، فاستطاع أن يقنع الرجل بتدينه وملامحه الطيبة، وفي يوم قرر أن يجعل صديق والد امل وسيطا بينه وعائلتها، وبالفعل ذهب لخطبتها، وعرف نفسه بأنه يعمل مهندس إلكترونيات، وهو يتيم الابوين واشقاؤه يعملون في السعودية، وكان يعمل معهم ولكن قرر العودة ليتزوج ويؤسس بيتا وأسرة، وأكد أنه يمتلك حضانة مرموقة في الإسكندرية، ووضعه المادي ميسور للغاية. 

كانت الوساطة كبيرة، وكان العريس ثريا، فوافقت الأسرة على الزيجة، لما لمسته من تدين واضح على القذافي، وتزوج القذافي من أمل بالفعل بعد أن أجر سيدة لتمثل دور خالته، وكان والد أمل يعمل جواهرجي.

وفي يوم تمت سرقة محل الذهب الخاص بوالدها، وبمراجعة كاميرات المراقبة، ظهر القذافي جليا في الكاميرات، أبلغ الأب الشرطة فورًا ليتم ضبطه، وبعد يومين، ذهب إليها بواب عمارة شقة الزوجين، يطالب بدفع إيجار الشقة التي أخبرها أنه يمتلكها، واكتشفت أن الحضانة التى يدعي امتلاكها ما هي إلا ايجار هي الأخرى، فتوجهت إلى السجل المدني، لتستعلم عن عقد زواجها، فتبين أنه مزور ايضًا ولا يوجد مأذون بالاسم الموقع على عقد الزواج فهو اسم وهمي.

وبينما كانت عائلة رضا تبحث عن ابنها المُعتقل منذ خمسة سنوات، اكتشفت ورود اسمه في أحد أقسام الإسكندرية متهماً في قضية سرقة، وعندما ذهبت أسرته لرؤيته اكتشفت انتحال قذافي إسم رضا.

وقع القذافي في قبضة الشرطة، ومن التحريات، تيينت الشرطة  أن القذافي اشترك مع شخص آخر لتزوير البطاقات الشخصية مع كل زوجة يتزوجها، وعثروا معه على 7 بطاقات شخصية، باسم رضا، ومحمد نصر، وكريم عبد اللطيف، وغيرها من الأسماء، وترواحت المهن التي امتهنها، بين محامي ومهندس كهرباء، ومهندس الكترونيات، ورجل أعمال، ومهندس بالخارج، ودبلوم صنايع، كما يظهر من الصورة اسفل الفقرة. 

شهادة مي محمود

قالت زوجته مي في مداخلة مع لميس الحديدي، إنها تزوجته في الإسكندرية وكان اسمه محمد مصطفى محمد علي حامد، وكان يعمل مهندس، وأنها خُطبت له فترة 3 أشهر، ثم تزوجته لمدة 9 أشهر، وعرفت علاقاتها النسائية المتعددة من هاتفه، فقررت مواجهته، فتشاجر معها وترك المنزل، ثم عرفت بعد ذلك أن الشقة التي تقطن بها والتي أوهما إنه يمتلكها كانت شقة إيجار، والأنكى أنها كانت إيجار باسم شخص آخر، يحمل نفس صورة زوجها، فعرفت إنها وقعت ضحية لشخص نصاب.

وكشفت إنها خلال زواجها منه حملت 3 مرات، وعندما كان يعرف بحملها لم يكن يفرح نهائيا، وكان يصمم على إحضار حلاويات وعصائر لها من الخارج ويرفض أن يتناول منها، لتكتشف بعد ذلك إنه كان يُجهضها بدس السم في المأكولات.

الغريب أن مي محمود قالت في مداخلتها مع لميس الحديدي، بعد كل ذلك: “كان طيب قوي معايا، كان طيب جدا وحنين، وعمري ما شكيت فيه ولا لحظة، وبابايا بيحبه جدا، وأول مقابلة بيننا قال لأبويا أنا هصلي العشاء وهاجي لحضرتك!!”.

لقاء القذافي بوالدته

بعد القبض عليه وتحويله للجنايات، قابل القذافي والدته وشقيقته، قرابة ربع ساعة، وقالت والدته في (بحسب تصريحات نقلتها الصحافة عن مصادر من وزارة الداخلية): “الست هي اللي ضحكت عليك هما وصاحبك.. هما اللى خلوك قتلتهم.. هما السبب في اللي انت فيه، ضحكوا عليك يا ابني عملوا فيك إيه؟!”

كان القذافي  في حالة ثبات وهدوء تام ورد على أمه قائلًا: “محصلش حاجة متعيطيش.. متعيطش.. باقولك محصلش حاجة.. كانوا يستاهلوا”.

واعترف قذافي في المحكمة ببعض جرائمه التي ارتكبها في الجيزة والإسكندرية، بما فيها جرائم القتل التي وصلت إلى 4 جرائم قتل، واعترف أنه تزوّج  7 مرات على فترات متباعدة من سنة 2015.

واعترف سفاح الجيزة بجريمته الأولى فى قتل زوجته الأولى، فى عام 2015،  من خلال وضع السم فى العصير لها، ثم وضع جثتها فى ديب فريزر، ونقلها من شقة الزوجية بمنطقة الهرم، إلى شقة أخرى دور أرضى ببولاق الدكرور ودفنها بها، وفى اليوم الثانى ذهب إلى قسم شرطة الهرم وقدم بلاغا باختفاء زوجته بعد أن سرقت منه مبلغ 350 ألف جنيه.

وقال إنه غادر من الجيزة إلى مدينة المنصورة، منتحلا صفة صديقه رضا، وتعرف على فتاة، وعقد قرانه عليها، لكنه لم يدخل بها، ولم يتمم الزواج، وبعدها ترك المنصورة إلى محافظة الإسكندرية، وبنفس شخصية المهندس رضا تزوج بدكتورة صيدلانية، والتي دخلت فى مشاجرة معه، وقررت الانفصال عنه، فقرر سرقتها وارتدى نقابا، واستولى على مصوغات ذهبية تقدر قيمتها بمليون جنيه.

ثم تعرف على فتاة تعمل بمحل أدوات كهربائية بمحافظة الإسكندرية، وأوهمها بالارتباط بها عاطفيا، ليحصل منها 45 ألف جنيه قيمة بيعها لشقة ملكا لوالدتها ووعدها بتشغيلها فى التجارة لتحقيق مكاسب كبيرة، وماطل القذافي في الزواج والعمل، فطالبته باستعادة المبلغ أو إتمام الزواج بها، فاستدرجها لمخزن بمنطقة العصافرة بالإسكندرية، بزعم إعطائها بضاعة بقيمة المبلغ وخنقها ودفنها بملابسها داخل المخزن.

وتظل قضية “سفاح الجيزة” متشابكة للغاية وبها العديد من الأسرار، زيجات متعددة رسمية وعرفية وبشخصيات غير حقيقة، فهو تزوج من 3 سيدات بالجيزة باسمه الأصلي (قذافي فراج)، هن “ميرفت، وفاطمة الزهراء، وفاطمة زكريا”، وتزوج من سيدتين بالإسكندرية بأسماء مستعارة هما “الدكتورة نهى، ومي محمود”، بل وإنجابه أبناء تم نسب عدد منهم إليه بالأسماء التي انتحلها في عقود الزواج المزورة.

 لكن الأزمة الأكبر أن القذافي أو رضا أو أيا ما كان اسمه، شخص عادي للغاية، يشبه لملايين المصريين، لا يمكنك أن تشك في سلوكه، متدين، خلوق، يساعد جيرانه، حلو اللسان، ترى كم قذافي يعيش بيننا ستكشفه الأيام، ربما تكتشف فيما بعد أن جارك سفاح هو الآخر، وأن الحائط الذي يفصل بينك وبينه يخفي الكثير من الأسرار.