لا يمثل التقارب السعودي الايراني سابقة اقليمية؛ اذ لطالما مال النظامان الى فتح قنوات الحوار عندما كانا يشعران بحدوث تغير عميق في البيئة الدولية و الاقليمية ، يقابله جمود سلبي في البلدان التي تمثل ساحات للصراع بالوكالة بين الطرفين (العراق و لبنان سابقا ، ثم سوريا واليمن بعد 2011).
كما ان هذا التقارب لا يشكل مفاجأة - الا للذين كانوا يعتقدوا ان الصراع بينهما ايدلوجي وليس استراتيجي- فقد سبق البيان الثلاثي لتطبيع العلاقات خمس جولات رسمية من الحوار طوال العامين 2021-2022، وكان يفترض بهذه الجولة السادسة ان تتم في العام الماضي لولا ان الرياض آثرت التريث على وقع الازمة الداخلية الايرانية وعلى وقع المتغيرات التي قد تسفر عنها الحرب الاوكرانية.
إن المتغير الجديد في حدث البارحة، والذي يستحق الالتفات والدراسة؛ هو تطور الدور الديبلوماسي الصيني في الشرق الأوسط على نحو يمكنها من صياغة تفاهمات اقليمية باعتبارها وسيط موثوق لدول المنطقة -وهو الدور الذي فشل فيه الغرب- وتخلي بكين تدريجيا عن سياسة "التحوط الاستراتيجي"باتجاه دور جيوسياسي أكثر وضوحا وتوسعا، يتجاوز البعد الاقتصادي نحو البعدين السياسي والعسكري.