في ظل دراسة الولايات المتحدة لمسألة الانضمام إلى الضربات الإسرائيلية ضد إيران، يتشكل ميزان قوى جديد في الشرق الأوسط يميل بشدة لصالح إسرائيل. لقد تعرضت إيران وشبكة "محور المقاومة" الإقليمية التابعة لها لضعف شديد. ورغم أن حركتي حماس وحزب الله لم تُهزما، إلا أن قدرتهما على ضرب إسرائيل أصبحت محدودة للغاية. كما أن نظام الأسد في سوريا، حليف إيران الرسمي الوحيد ونقطة الانطلاق الرئيسية لنفوذها في منطقة الشام، قد انهار في ديسمبر 2024.
يرى الخبراء في "تشاتام هاوس" أن خيارات إيران باتت مقيدة بشدة. فطهران تعتقد أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار الآن لن يُنظر إليها كبادرة قوة، بل كضعف، ليس فقط من قبل خصومها ولكن أيضًا من قبل شعبها.
أمام إيران عدة خيارات، لكن لا يمكن لأي منها عكس خسائرها المتزايدة بسرعة. الرد الأكثر وضوحًا في العادة هو دفع شركائها من غير الدول إلى الانتقام نيابة عنها. لكن حماس أُضعفت بشدة.
ويمكن لإيران أن تنتقم مباشرة من الأصول الأمريكية في المنطقة، لا سيما القواعد العسكرية في الخليج. غير أن هذا من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة للانضمام إلى إسرائيل في ضرب إيران، وربما يشمل ذلك منشأة فوردو النووية المحصنة تحت الأرض.
وعلى الرغم من أن روسيا ربما تكون أكثر قلقًا من الصين بشأن احتمالية ضعف إيران، إلا أنها لن تخاطر بعلاقاتها مع إدارة ترامب وإسرائيل ودول الخليج من خلال تقديم دعم محدود. مع استمرار الأعمال العدائية، أصبحت فكرة "توازن الرعب" بين إيران وإسرائيل بالية. وستظهر ببطء قواعد جديدة للعبة، وستكون في صالح إسرائيل إلى حد كبير.
الواقع الجديد هو ميزان قوى إقليمي غير متكافئ، حيث لم يعد لدى إيران الضعيفة خيارات جيدة للدفاع عن نفوذها المتقلص، بينما تستفيد إسرائيل من هامش مناورة أكبر بكثير.
إن أي خيارات أخرى لطهران تنطوي على مخاطر تصعيد لا يمكنها السيطرة عليه. يمكنها ضرب أهداف أمريكية في الخليج، لكن ذلك قد يثير ردًا أمريكيًا قد يمثل نهاية النظام. كما أن الاستمرار في ضرب إسرائيل هو خيار آخر، على أمل زيادة الضغط على السكان الإسرائيليين. لكن معظم الإسرائيليين يؤيدون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن الضربات على إيران. وقد فقدت إيران السيطرة على الأجواء لصالح إسرائيل، ولم يتبق لها سوى الصواريخ التي لا تتسم بالدقة الكاملة.
ومن غير المرجح أن يروق أي من هذه الخيارات للقيادة الإيرانية. ويكمن الخوف بين جيران إيران في أن النظام قد يختار أحد هذه الخيارات السيئة على أي حال، بدلاً من أن يُنظر إليه على أنه أُجبر على العودة إلى طاولة المفاوضات. والأمل هو أن ترى طهران في التوصل إلى اتفاق أفضل وسيلة للحفاظ على سيطرتها.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا، أن الولايات المتحدة تضيف الآن مطلب التخلي عن الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى قائمة مطالبها، وهو خط أحمر أعمق بالنسبة لطهران. كما أن أي مفاوضات ستتأثر بحقيقة أن "الولايات المتحدة" ليست فريقًا موحدًا.