اخبار دولية

قاده 32 عاما.. ما مستقبل حزب الله اللبناني بعد اغتيال حسن نصر الله؟

المصدر

مع تأكيد “حزب الله” اللبناني اغتيال زعيمه، حسن نصر الله، وذلك بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتله في غارة استهدفته في الضاحية الجنوبية ببيروت، برزت تساؤلات عن مصير الحزب وكيف سيكون وضعه في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تصفية كبار قادته العسكريين.

وتولى حسن نصر الله (64 عاما) قيادة الحزب عام 1992، عندما كان عمره 32 عاما، ويُعد حزبه الذي يمتلك مليشيا مسلحة بأسلحة تضاهي ما يمتلكه الجيش اللبناني، فهو المسيطر الأول على الساحة العسكرية والسياسية في البلاد، بل يتعداها للتدخل في شؤون دول أخرى.

اعتراف بالاغتيال نعى حزب الله عبر بيان صدر عنه في 28 سبتمبر/ أيلول 2024، مقتل زعيمه حسن نصر الله، لـ"يلتحق برفاقه، وذلك بعد مسيرة اثنين وثلاثين عاما، قادهم فيها منذ عام 1992 وصولا إلى معركة الإسناد دعما لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم". 

وأكد حزب الله أن نصر الله قتل "إثر الغارة الصهيونية الغادرة على الضاحية الجنوبية"، مشيرا إلى أن "قيادة حزب الله تعاهده بأن تواصل جهادها في مواجهة العدو وإسنادا لغزة وفلسطين ودفاعا عن لبنان وشعبه الصامد والشريف". 

جاء البيان، بعدما أعلنت إسرائيل في 27 سبتمبر، أن الضربات التي وجهها إلى مقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت حسن نصر الله وقيادات أخرى، ثم عاد جيش الاحتلال في اليوم التالي، ليؤكد الاغتيال.

وقال الجيش الإسرائيلي خلال بيان له في 28 سبتمبر، إن مقاتلاته ألقت نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات تزن كل منها طنا من المتفجرات لاغتيال نصر الله، مضيفا أن قواته "تركز على إزالة التهديدات بهجمات إرهابية بما فيها صواريخ موجهة قد تستهدف نقاطا إستراتيجية".

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، خلال بيان على منصة "إكس" إن "الجيش قضى على نصر الله، وعلى المسؤول، علي كركي، قائد جبهة الجنوب في حزب الله، وعدد آخر من القادة".

وأضاف: "لقد أغارت طائرات سلاح الجو بتوجيه استخباري دقيق لهيئة الاستخبارات المؤسسة الأمنية على المقر المركزي لحزب الله الواقع تحت الأرض أسفل مبنى سكني في منطقة الضاحية الجنوبية".

وأوضح المتحدث أن "الغارة الإسرائيلية نفذت في الوقت الذي وجدت فيه قيادة حزب الله داخل المقر".

من جهته، قال رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، إن "الهجوم تم التخطيط له منذ فترة طويلة ونفذ في الوقت المناسب"، مضيفا "هذا ليس آخر ما في جعبتنا، الرسالة بسيطة، أي شخص يهدد مواطني إسرائيل سنعرف كيف نصل إليه".

بدوره، قال زعيم المعارضة، يائير لبيد، عبر منشور على "إكس" في 28 سبتمبر، بشأن إعلان إسرائيل اغتيال نصر الله إنه "إنجاز مهم لأمن إسرائيل، وليعلم أعداؤنا أن من يهاجمنا سيموت".

وقبل اعتراف حزب الله باغتيال زعيمه، أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي بيانا، اكتفى فيه بإدانة الهجمات الإسرائيلية على لبنان، وبينما دعا اللبنانيين إلى الالتفاف حول حزب الله، فإنه أشار إلى أن الإسرائيليين أصغر بكثير من أن يلحقوا أذى مهما بالبنية القوية للحزب.

ضربة حاسمة وعن تداعيات اغتيال نصر الله، على الحزب، فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين (لم تكشف هويتهم) أن مقتله "سيوجّه ضربة حاسمة للتنظيم السياسي والعسكري للحزب في لبنان، ولأي خطط أخرى للعنف من جانب إيران".

وقال المسؤولون للصحيفة في 28 سبتمبر، إن "غارة الجمعة كانت تهدف إلى كسر شوكة حزب الله من خلال قتل كبار قادته، وستسمح لإسرائيل بتجنب غزو بري للبلاد".

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي، بهاء الدين البرزنجي، إن "قوة الحزب لن تعود كما كانت عليه، فإذا قارنا تأثيره مع قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، فإن من جاء بعد الأخير لم يكن مثله، لذلك من سيأتي بعد نصر الله ستكون وظيفته تصريف الأمور، وليس صاحب قرار مطلق".  

وأوضح البرزنجي لـ"الاستقلال" أن "حزب الله وخلال مدة قصيرة جدا، فقد أهم عوامل القوة والإرغام التي كان يتمتع بها، لا سيما وحدة القيادة، والاتصالات، والبيئة الحاضنة، لأن الحزب أصيب بالشلل بعد توالي الضربات الدقيقة وربما يصل إلى مرحلة الانهيار". 

وأشار إلى أن "فقدان قائد مهم وملهم مع قيادته المركزية، والترسانة العسكرية، والأرض الإستراتيجية، إضافة إلى غياب الخطط من شأنها أن تسرع من دخول الحزب في مرحلة الانهيار".

ولفت البرزنجي إلى أن "وضع الحزب بات صعبا جدا، وأن وضع إيران من بعده أصعب، والأهم هو النتاج الإستراتيجي الذي قد يخلفه انتهاء حزب الله، والمتمثل بتحطيم أسطورة إيران ومحور المقاومة في المنطقة".

وفي حال تمكن الحزب من إعادة ترميم نفسه وهذا صعب في المرحلة الراهنة، بحسب الباحث، فإنه يرى أن "في هذه الحالة قد يتبع نهجا جديدا، لأن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل حروبا بالوكالة".

وشدد على أن "مقتل نصر الله يمثل ضربة قاصمة للحزب اللبناني، ولن يتمكن من التقاط أنفاسه بسهولة والعودة إلى لملمة وضعه من جديد، وإذا حصل فإنه لا يمكن أن يعود ويفاخر ببطولات غير موجودة على الأرض كما كان يفعل سابقا، وبالتالي سيرجع بلا بريق".

وتوقع البرزنجي أن "تتشكل على ركام حزب الله أكثر من حركة أو تشكيل شيعي جديد، لأنه لم يعد بالإمكان الإتيان بشخصية تضاهي نصر الله، وتستطيع السيطرة على كامل تشكيلاته ومفاصله، لأن الأخير كان يقوده من 32 عاما، ويمسك بكل الخيوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية".

وكان آخر خطاب لنصر الله في 19 سبتمبر، وذلك بعد موجة التفجيرات الإسرائيلية لأجهزة الاتصالات "بايجر" التي كانت بحوزة أعضاء الحزب، وأصابت نحو 4 لاف منهم، وأودت بحياة العشرات وإصابة الآخرين، عدّ ما جرى في حينها أنه إعلان حرب.

وأكد نصر الله حينها "تلقينا ضربة قوية وقاسية ونعرف أن عدونا لديه تفوق تكنولوجي وعسكري، خاصة أن أميركا وأوروبا والغرب معه. لا شكّ أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنيا وإنسانيا وغير مسبوقة في تاريخ المقاومة في لبنان وكذلك غير مسبوقة على مستوى لبنان والصراع مع العدو الصهيوني".

وأشار إلى أن “العدو هدف إلى ضرب بيئة المقاومة من خلال هذا التفجير الواسع وعمل على استنزاف هذه البيئة وجعلها تصرخ وتقول لقيادة المقاومة كفى”.

وتابع: "العدو كان يريد ضرب نظام القيادة والسيطرة بما يشيع حالة فوضى في بنية المقاومة وهذا لم يحصل لحظة واحدة، لا يمكن أن نخضع لهذه التهديدات والمقاومة في لبنان لن تتوقف عن دعم ومساندة أهل غزة والضفة والمظلومين".

بقايا قيادات وبخصوص الوضع القيادي لحزب الله اللبناني، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي، نشر في 28 سبتمبر، أسماء وصور أبرز القادة الذين تمكن من تصفيتهم، وعلى رأسهم حسن نصر الله، وذلك من بداية العمليات الإسرائيلية ضد الأراضي اللبنانية.

ومن ضمن القيادات التي أعلن جيش الاحتلال تصفيتها، "هم: علي كركي، قائد جبهة الجنوب، وفؤاد شكر رئيس أركان الحزب، وإبراهيم عقيل، رئيس منظومة العمليات، وإبراهيم قبيسي، قائد منظومة الصواريخ".

وكذلك، أعلن اغتيال كل من "محمد نعمة ناصر، قائد وحدة عزيز، وساملي طالب عبد الله، قائد وحدة نصر، ومحمد حسين سرور، قائد الوحدة الجوية، وأبو حسن سمير، قائد وحدة التدريب، وجواد الطويل قائد قوة الرضوان". 

كما قالت إذاعة جيش الاحتلال في 28 سبتمبر، إن التقديرات تشير إلى أن القيادي في حزب الله هاشم صفي الدين لم يقتل في الهجوم، في إشارة منها إلى أنه الخليفة الأبرز لحسن نصر الله.

"هاشم صفي الدين" من مواليد عام 1964، معمم أكمل دراسته الدينية في مدينة قم الإيرانية، ومتزوج من ابنة رجل الدين الشيعي محمد علي الأمين، عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في البلاد.

ومن حيث القرابة، فإن هاشم صفي الدين، هو ابن عمة والدة حسن نصر الله، وإلى جانب هذه العلاقة الوثيقة، فإنه كثير الشبه به أيضا، سواء في الشكل أو في طريقة الكلام، وحتى بلثغة الراء.

وتربط صفي الدين، علاقة خاصة مع إيران تمنحه نفوذا داخل الهرم القيادي في حزب الله، فإن شقيقه عبد الله ممثل الحزب في طهران، وأن نجله رضا هاشم زوج زينب ابنه قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.

وخلال تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2008، قالت فيه إن "بعض المقربين من عائلة هاشم صفي الدين، ذكروا أن الأخير كان أحد ثلاثة كانوا موضع عناية واهتمام عماد مغنية (القائد العسكري السابق في الحزب)".

وهؤلاء الثلاثة هم، "حسن نصر الله، والشيخ نبيل قاووق أحد أبرز قادة حزب الله، وصفي الدين نفسه"، موضحا أن "مغنية هو من أرسل الثلاثي إلى قم وسهل أمورهم هناك".

وكتب لهؤلاء الثلاثة أن يكونوا من أبرز قادة "حزب الله" في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، فأصبح نصر الله أمينا عاما، وصفي الدين مديرا تنفيذيا للحزب بالمقياس المؤسساتي، وبمثابة رئيس حكومة الحزب.

أما الشيخ قاووق فأصبح قائدا عمليا لمنطقة الجنوب ذات الاهتمام الكبير لدى قيادة الحزب وموقع قوته العسكرية الكبرى، وحاليا يشغل منصب عضو اللجنة المركزية داخل الحزب.

ومن الشخصيات المرشحة أيضا لخلافة نصر الله في زعامة الحزب، هو رجل الدين محمد يزبك، أحد مؤسسي حزب الله، ورئيس الهيئة الشريعة أو المجلس الديني للمنظمة.

وفي 27 سبتمبر، كشف الأمين العام الحالي للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، محمد علي الحسيني، خلال مقابلة تلفزيونية، عن حصول انتفاضة داخل مجلس شورى حزب الله ضد نصر الله، وجرى ترشيح محمد يزبك لخلافته في زعامة الحزب.

وكذلك من أبرز المرشحين، الشيخ نعيم قاسم (مواليد كفرفيلا عام 1953) رجل دين شيعي إثني عشري، وهو نائب أمين عام حزب الله منذ عام 1992.