يبدو أنه هجوم عن بُعد فريد من نوعه قد حدث في اختراق غير مسبوق لتنظيم، حيث انفجرت أجهزة التنبيه المستخدمة من قبل المئات من أعضاء حزب الله تقريبًا في لبنان وسوريا، الثلاثاء، بشكل إلى حدٍ ما متزامن، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 9 أشخاص -بما في ذلك فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات- وإصابة الآلاف.
وقال مسؤول أمريكي اشترط عدم الكشف عن هويته، إن إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة على العملية -التي تم فيها تفجير كميات صغيرة من المتفجرات المخبأة في أجهزة التنبيه- يوم الثلاثاء بعد انتهائها.
و اتهمت الجماعة المتطرفة المدعومة من إيران إسرائيل بالتفجيرات القاتلة، التي استهدفت تنوعًا غير عادي من الأشخاص وأظهرت علامات على أنها عملية مُخطط لها منذ فترة طويلة. و لا تزال التفاصيل حول كيفية تنفيذ الهجوم غير مؤكدة تمامًا ولم يعلن المحققون على الفور كيف تم تفجير أجهزة التنبيه، كما امتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق.
• لماذا تم استخدام أجهزة التنبيه في الهجوم؟
كان زعيم حزب الله (حسن نصر الله) قد حذّر سابقا أعضاء المجموعة من عدم حمل الهواتف الخلوية، مشيراً إلى أنه يمكن استخدامها من قبل إسرائيل لتتبع حركات المجموعة، و لذلك يستخدم التنظيم أجهزة التنبيه للتواصل. و صرح مسؤول في حزب الله لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأجهزة المنفجرة كانت من علامة تجارية جديدة لم تكن المجموعة قد استخدمتها من قبل. ولم يكشف المسؤول, الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لعدم توفر تصريح رسمي, عن اسم العلامة التجارية أو المورد.
كما أعلنت شركة جولد أبولو التايوانية، الأربعاء، أنها وافقت على استخدام علامتها التجارية على طراز صفيحة التنبيه AR-924، وأن شركة BAC Consulting المقرة في بودابست، المجر، قامت بإنتاج وبيع الأجهزة. و لم تتوفر معلومات إضافية عن BAC على الفور. و يوضح (نيكولاس ريس)، محاضر مساعد في مركز الشؤون العالمية التابع لكلية الدراسات المهنية في جامعة نيويورك، أن الهواتف الذكية تحمل مخاطر أعلى للاستخبارات المتعلقة بالاتصالات بالمقارنة مع تكنولوجيا الأجهزة البسيطة.
وقال ريس، الذي سبق له العمل كضابط استخبارات، إن هذا النوع من الهجوم سيجبر حزب الله أيضًا على تغيير استراتيجياتهم في التواصل، مشيرًا إلى أن الناجين من انفجارات الثلاثاء من المحتمل أن يتخلصوا "ليس فقط من أجهزة التنبيه، ولكن من هواتفهم، ويتركون أجهزتهم اللوحية أو أي أجهزة إلكترونية أخرى".
• كيف يمكن لعُطلٍ أن يؤدي إلى انفجار أجهزة التنبيه هذه؟ حتى بتأكيد مسؤول أمريكي أنها كانت عملية مدبرة من قبل إسرائيل، ظهرت نظريات متعددة يوم الثلاثاء حول كيفية تنفيذ الهجوم. و عدة خبراء تحدثوا مع وكالة الصحافة الفرنسية شرحوا كيف كانت الانفجارات، و على الأرجح حدثت نتيجة تدخل في سلسلة الإمداد.
حيث تم بناء أجهزة تفجير صغيرة جدًا داخل أجهزة التنبيه قبل تسليمها إلى حزب الله، ثم تم تشغيلها عن بعد بشكل متزامن، ربما باستخدام إشارة راديوية. و في وقت الهجوم، قال (كارلوس بيريز)، مدير استخبارات الأمن في TrustedSec: "ربما كانت البطارية نصف تفجيرية ونصف بطارية فعلية".
وقام ضابط سابق في هيئة تفكيك القنابل في الجيش البريطاني بشرح أن جهاز التفجير يتكون من خمسة مكونات رئيسية: حاوية، بطارية، جهاز تشغيل، مُفجّر، وشحنة متفجرة. كما أوضح الضابط السابق الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه يعمل الآن كاستشاري مع عملاء في الشرق الأوسط: "تحتوي صفيحة التنبيه بالفعل على ثلاث من تلك المكونات، لذا توجب فقط إضافة جهاز التفجير والشحنة المتفجرة".
و بعد ظهور لقطاتٍ من كاميرا المراقبة على وسائل التواصل الاجتماعي، الثلاثاء، تُظهر أن إحدى أجهزة التنبيه انفجرت على ورك رجل في سوق لبناني، و قدم خبيران في الذخائر آراء تتفق مع تصريح المسؤول الأمريكي بأن الانفجار يبدو ناتجًا عن جهاز تفجير صغير.
و قال (شون مورهاوس)، ضابط سابق في الجيش البريطاني وخبير في تفكيك الذخائر: "نظرًا للڤيديو، يبدو حجم التفجير مماثلًا لتلك التي يسببها جهاز تفجير كهربائي وحده أو تلك التي تتضمن شحنة متفجرة صغيرة للغاية". و يعتبر مورهاوس أن هذا الفعل يدل على تورط جهة دولية. وأضاف أن وكالة المخابرات الخارجية الإسرائيلية، الموساد، هي الجهة المشتبه بها و تعتبر الأكثر وضوحًا حيث أنها تمتلك الموارد لتنفيذ مثل هذا الهجوم.
و يلاحظ الخبير في الأسلحة العسكرية (إن. آر. جينزن-جونز)، مدير شركة الخدمات البحثية للأسلحة المقرّة في أستراليا، أنه تم اتهام إسرائيل بتنفيذ عمليات مماثلة في الماضي. ففي العام الماضي، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن إيران اتهمت إسرائيل بمحاولة تخريب برنامجها للصواريخ الباليستية من خلال قطع أجنبية معيبة يمكن أن تنفجر، مما يلحق أضرارًا بالأسلحة أو يدمرها قبل استخدامها.
• ما هو مدى طول هذه العملية؟ سيستغرق وقتًا طويلاً لتخطيط هجوم بهذا الحجم. و لا تزال التفاصيل الدقيقة غير معروفة حتى الآن، ولكن الخبراء الذين تحدثوا مع وكالة الصحافة الفرنسية قدّروا بأنها قد استغرقت بين عدة أشهر إلى عامين.
و يشير ريس إلى أن تطور هذا الهجوم يوحي بأن الجاني كان يجمع معلومات استخباراتية لفترة طويلة. و يتطلب هجوم من هذا النوع بناء العلاقات الضرورية للحصول على وصول مادي إلى أجهزة التنبيه قبل بيعها؛ وتطوير التكنولوجيا التي ستكون مدرجة في الأجهزة، وتطوير مصادر يمكنها تأكيد أن الأهداف كانت تحمل الأجهزة. ومن المحتمل أن تبدو الأجهزة المخترقة طبيعية لمستخدميها لبعض الوقت قبل الهجوم. حيث ذكر (إليجاي ماغنير)، خبير في الأمور السياسية الكبير ومحلل كبير للمخاطر السياسية مقره في بروكسل مع خبرة تزيد عن 37 عامًا في المنطقة، أنه تحدث مع أعضاء من حزب الله وناجين من هجوم أجهزة التنبيه، الثلاثاء. وقال إن الأجهزة تم توفيرها منذ أكثر من ستة أشهر.
و أضاف مانغير: "ظلت الأجهزة تعمل بشكلٍ مثالي لمدة ستة أشهر". وأشار إلى أن ما أدى إلى الانفجار، هي رسالة خطأ تم إرسالها إلى جميع الأجهزة. واستنادًا إلى محادثاته مع أعضاء حزب الله، قال مانغير أيضًا إن العديد من الصفائح لم تنفجر، مما سمح للفريق بفحصها. و وصلوا إلى استنتاج أن بين 3 إلى 5 غرامات من مادة متفجرة بشكل كبير كانت مخفية أو مضمنة في الدوائر الإلكترونية.
و يضيف جينزن-جونز أيضًا: "أن مثل هذه العملية ذات النطاق الواسع تثير أيضًا أسئلة حول الاستهداف"، مشددًا على عدد الضحايا والأثر الهائل الذي تم الإبلاغ عنه حتى الآن. وقال: "كيف يمكن للطرف الذي بدأ بالتفجير أن يتأكد من عدم وجود طفل، على سبيل المثال، طفل يلعب بالجهاز في وقت تشغيله؟" وقد أصدر حزب الله بيانًا يؤكد فيه مقتل على الأقل طفلين في التفجيرات.
و وفقًا لمسؤول حزب الله الذي تحدث بشكل مجهول، كان أحدهما نجل أحد الأعضاء في البرلمان من حزب الله. وفي وقت لاحق، أصدر الفريق إعلانات تؤكد مقتل ستة آخرين يوم الثلاثاء، على الرغم من عدم تحديد كيفية ذلك. و قال حزب الله: "نحمل العدو الإسرائيلي مسؤولية كاملة عن هذا العدوان الإجرامي الذي استهدف أيضًا المدنيين، مضيفًا أن إسرائيل سوف تحصل بالتأكيد على عقوبتها العادلة."