عبرت منظمات يمنية غير حكومية، عن خيبة أملها العميقة من التقاعس المستمر للأمم المتحدة عن محاسبة الحوثيين على تسييس المساعدات وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وطالبت المنظمات في رسالة مشتركة موجهة إلى مسؤولين أمميين ومانحين ودبلوماسيين ومسؤوليين غربيين، الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات حازمة وفورية ضد الحوثيين في اليمن.
وأدانت الرسالة، التي وقعتها 49 منظمة مجتمع مدني، قيام الحوثيين بتحويل مسار المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية وتعزيز قوتهم العسكرية، مما يقوض جهود السلام في البلاد ويعمق الأزمة الإنسانية المستمرة.
كما انتقدت الرسالة "التقاعس المؤسف" للمنسق المقيم الجديد، جوليان هارنيس، الذي وصفته بأنه يتبع نهجًا أكثر ليونة تجاه الحوثيين، مما يهدد فعالية ومصداقية الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة.
ودعت المنظمات الموقعة على الرسالة إلى تعليق مشاريع الأمم المتحدة في شمال اليمن ونقل المقرات إلى عدن حتى يظهر الحوثيون التزامًا حقيقيًا بالمبادئ الإنسانية والقانون الدولي والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزين بما فيهم موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات غير الحكومية وقادة المجتمع المدني.
كما دعت المنظمات إلى ضمان الوصول الكامل لعمليات الأمم المتحدة دون قيود ودون تدخل من الحوثيين أو أية أطراف أخرى.
نص الرسالة:
أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة
جويس ميسويا، الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة؛ مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة الطارئة
سندي مكين، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي
التاريخ: 19 أغسطس/ آب 2024
الموضوع: مطالبة بإجراءات حازمة وعاجلة ضد الحوثيين في اليمن
نحن، ممثلي المجتمع المدني الموقعين أدناه، نكتب بياننا هذا للتعبير عن خيبة أملنا العميقة وإحباطنا من نهج الأمم المتحدة في اليمن خلال العقد الماضي. نعتقد أن الأمم المتحدة فشلت في الالتزام بمبادئ الإنسانية والحياد وعدم الانحياز والاستقلالية، ما مكّن الحوثيين من تسييس وحرف مسار المساعدات والانتفاع منها عسكرياً، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتعزيز قوتهم العسكرية وتقويض الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن.
كما نشعر بخيبة أمل شديدة من تقاعس الأمم المتحدة بعد عمليات الخطف الجماعي والإخفاء القسري الأخيرة التي نفذتها جماعة الحوثي ضد قادة المجتمع المدني وموظفي الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية والتي بدأت في يونيو الماضي. اتهم الحوثيون هؤلاء المدنيين اليمنيين بالتجسس لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) والموساد الإسرائيلي، كما اتهموا بعض وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي واليونيسف ومفوضية حقوق الإنسان ومنظمة رعاية الطفولة بتوفير الغطاء لهم.
وفي الوقت الذي كنا نتوقع من الأمم المتحدة أن تحاسب الحوثيين على أفعالهم - اختطاف الموظفين، مداهمة مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان والاستيلاء على المعدات والوثائق، التآكل المنهجي لحقوق المرأة، التلقين العقائدي للأطفال وتجنيدهم – أصابتنا خيبة أمل عميقة من نهج المنسق المقيم الجديد، جوليان هارنيس.
وبدلاً من اتخاذ موقف حازم، يبدو أن هارنيس يتبنى نهجًا أكثر ليونة تجاه الحوثيين. منذ توليه منصبه، أكد هارنيس على ضرورة استمرار الأمم المتحدة في العمل مع الحوثيين، واستئناف برنامج المساعدات الغذائية العامة لبرنامج الغذاء العالمي بصرف النظر عن الظروف، و"تعزيز العلاقات" معهم.
أشار هارنيس في اجتماعاته مع المدراء القطريين في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية إلى أن الحوثيين "ربحوا الحرب" وأن دور الأمم المتحدة يقتصر على دعمهم. وقد تجاهل الآراء المعارضة من المدراء القُطريين، بل ونظم للإطاحة برينو ديتال، رئيس مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) الذي اتخذ من عدن مقراً له.
ديتال، الذي كان مقيمًا لفترة طويلة في صنعاء وله ارتباط عميق بالمدينة واليمن، كان ينتقد الحوثيين ويدعو لاتخاذ موقف أكثر صرامة، ما أدى إلى صدامه مع هارنيس بشكل متكرر في اجتماعات الأمم المتحدة. أفعال وتصريحات هارنيس تقوض مصداقية الأمم المتحدة وتفشل في معالجة القضايا الجادة المطروحة، مما يزيد من معاناة اليمنيين الممتدة منذ وقت طويل.
نهج الأمم المتحدة الحالي يتيح حرف مسار المساعدات والتلاعب بها
وفقًا لنهج المنسق المقيم، يسعى مدير برنامج الغذاء العالمي الجديد في اليمن، بيير هونورات، إلى استئناف المساعدات الغذائية. في أوائل أغسطس، أعلن برنامج الغذاء العالمي عن خطط لاستئناف المساعدات الغذائية في المناطق الشمالية، على الرغم من توقف البرنامج في نوفمبر 2023 بسبب الخلافات مع الحوثيين حول تقليل عدد المستفيدين وإعادة استهداف السكان لتحديد الاشخاص الأكثر حاجة للمساعدة.
تم توقيع اتفاق تجريبي في يناير، ولكنه يتضمن التعاون مع مشروع التغذية المدرسية والإغاثة الإنسانية، وهي منظمة غير حكومية مرتبطة بالحوثيين وتعمل تحت إشراف وزارة التربية والتعليم في صنعاء. حيث يُشرف على هذا المشروع يحيى الحوثي، شقيق زعيم ميليشيا الحوثي. ولدى هذه المنظمة سجل مقلق في تحويل مسار المساعدات الغذائية لأغراض مختلفة، بما في ذلك تجنيد أو تغذية المقاتلين في الخطوط الأمامية، وإجبار العائلات على إرسال أفراد منها إلى الخطوط الأمامية، وتوزيع المساعدات على المؤيدين، أو بيعها في السوق السوداء.
علق برنامج الغذاء العالمي برنامجه في بعض المناطق الشمالية في عام 2019 لمدة ثلاثة أشهر في محاولة لمعالجة تحويل المساعدات من قبل الحوثيين، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة. تؤكد دراسة حديثة أجراها مشروع مكافحة الإرهاب ما كان الموقعون على هذه الرسالة يحذرون منه لسنوات. حيث تنص الدراسة ما يلي:
"يبدو أن العديد من المنظمات الإنسانية تقلل من شأن أو تتجاهل تمامًا التحديات المتعلقة بعلاقتها مع الحوثيين. بشكل عام، يبدو أنهم يبرزون كمية المساعدات التي تم نقلها إلى اليمن، مع التقليل من أهمية ما إذا كان الأشخاص الذين في حاجة إلى المساعدة قد تلقوها أم لا. وهذا يؤدي إلى نتائج دون المستوى المطلوب. في أحد الأمثلة الموثقة في هذا التقرير، يبدو أن معدلات تحويل المساعدات لإحدى المحافظات بلغت حوالي 80 في المئة. النقص في الشفافية والمساءلة بين الأمم المتحدة ومجتمع المنظمات الدولية غير الحكومية التي تعمل في اليمن بشأن تحويل المساعدات يثير شكوكاً جدية حول فعالية جهودهم".
وقد تمت معالجة هذه المشكلة المتأصلة سابقًا من قبل سارة فوليستيك منسقة الوصول لبرنامج الغذاء العالمي السابقة في اليمن خلال عام 2019، في تقرير كتبته عام 2021 وأجرت فيه مقابلات مع 73 من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، والمحللين والخبراء والمانحين وممثلي المجتمع المدني. وأوضحت في مقالتها كما يظهر في هذه المقتطفات من تقريرها :
"في العام السابع للاستجابة الإنسانية، تبدو التقارير الواردة من اليمن قاتمة، فقد وُثق جيدًا وجود تحويل للمساعدات عن مسارها، وممارسات فساد، وتقييد الوصول، ونقص أو تضاؤل مساحة العمليات. غالبًا ما تُعزى التحديات والعقبات التي تعترض تقييم الاحتياجات والاستجابة في اليمن إلى بيئة العمل المقيدة والعقبات التي أوجدتها السلطات ولا سيما جماعة الحوثيين المسلحة، التي تسيطر على الشمال وهو الجزء الذي يحتوي على القدر الأكبر من سكان اليمن.
على مدار الاستجابة، قلل المجتمع الإنساني من بيئته التشغيلية الخاصة من خلال وضع ومواصلة ممارسات سيئة تؤثر مباشرة على وصول المساعدات. سمحت الاستجابة، وما زالت تسمح، بسلوك غير مقبول من قبل سلطات الحوثيين في المقام الأول، مثل احتجاز الموظفين وتقييد الحركة ورفض السماح بإجراء تقييمات واستجابات مستقلة وتحويل مسار المساعدات والتدخل في العمليات التشغيلية. علاوة على ذلك، لا يزال استخدام السلطات التي تعد طرف في النزاع لتنفيذ المساعدات الإنسانية مستمرا بشكل مباشر.
استخدام الكيانات التي خلقت المشكلة لإصلاحها لا يوفر حافزًا للتغيير، وعلى المدى الطويل أدى ذلك فقط إلى تقليل الوصول المباشر إلى السكان. إن عدم الرغبة والعجز عن وضع خطوط حمراء وإنفاذها فيما يتعلق بهذه القضايا لم يؤد إلا إلى تشجيع السلطات التي تستمر في وضع العراقيل أمام تقديم المساعدات. بدون وضع حدود واستعداد لتطبيق العواقب على السلوك غير المقبول، لا يمكن إلا أن نتوقع استمرار تدهور البيئة التشغيلية والوصول الى المساعدات."
مخاطر التوطين والتطبيع: تمكين سيطرة جماعة الحوثي على توزيع المساعدات الغذائية
يتبنى المنسق المقيم الحالي للأمم المتحدة، ومدير برنامج الأغذية العالمي، ومدراء الأمم المتحدة الآخرين نهجًا أكثر ليونة على أمل ضمان سير العمليات بشكل سلس، بغض النظر عن التأثير الأوسع على اليمن. خلال اجتماع للموظفين في وقت سابق من هذا الشهر، تحضيرًا لاجتماع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية التي نظمها المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (اسكمشا)، وصف مدير برنامج الغذاء العالمي الاجتماع بالفرصة لإعادة بناء الثقة مع الحوثيين وإثبات أن برنامج الغذاء العالمي شريك موثوق وذا مصداقية. حتى أن مدير الأمن لديه وصفها بأنها فرصة لـ"إظهار الاحترام" للحوثيين. تم إخطار الموظفين بترك هواتفهم في المنزل أو تصميتها، وكما تم منعهم من تسجيل الاجتماع أو التقاط الصور.
خلال كلا الاجتماعين مع السكمشا، تم توجيه الموظفين لترديد الصرخة "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام". بينما رفض موظفو اليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في 11 أغسطس، امتثل موظفو برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية المحليين ورددوا الصرخة أمام مدرائهم في الأمم المتحدة. قام الحوثيون بإلقاء عدة نكات تحقيرية عن النساء، والتي تم استقبالها بقهقهات الموظفين الذكور.
حضر الاجتماع المنسق المقيم ومدراء برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية ونوابهم، ولكنهم لم يحركوا ساكنًا.وطالب الحوثيون خلال اجتماع السكمشا بتوطين العمليات الإنسانية. وقد كان المنسق المقيم للأمم المتحدة يروج لهذا أيضًا منذ وصوله إلى اليمن. هذا النهج محفوف بالمخاطر، حيث سيوجه الأموال مباشرة إلى أيدي المنظمات غير الحكومية والشركات المحلية المرتبطة بالحوثيين.
سردية المجاعة مليئة بالعيوب والمشاكل
إن عدم رغبة الأمم المتحدة في فرض خطوط حمراء على الحوثيين يعكس قلقها من فقدان التمويل وحيز العمل المتاح، فضلاً عن الخوف من أن الحوثيين قد يطردوهم من شمال البلاد. لتبرير استمرار عملياتها في المناطق الشمالية، ضاعفت الأمم المتحدة من تضخيم مخاوف الأزمة—مثل المجاعة والجوع وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والأمراض—بهدف إقناع المانحين بالحفاظ على دعمهم. تعد هذه الاستراتيجية مشكلة كبيرة كما ذكرت الموظفة السابقة في برنامج الأغذية العالمي سارة فيلستيك في تقريرها:
"إن تصوير اليمن كدولة ترتبط فيها المشاكل بالحرب، وأنه مشكلة يمكن حلها بمزيد من الأموال لتقديم المزيد من سلال الغذاء لعدد أكبر من الأشخاص المحتاجين هو أمر مباشر وواضح بشكل مغري بقدر ما هو غير دقيق في الوقت ذاته. تستمر هذه السردية التي نادرًا ما تُحدد جزئيًا لأن الاعتراف بعيوبها يتطلب الاعتراف بفشل بحجم مليارات الدولارات."
إلى جانب غياب الدافع للتغيير، فإن عدم الشفافية والتحديات الحقيقية الموجودة في بيئات الصراع المعقدة والمطولة قد مكّن هذه السرديات من الاستمرار دون رقابة. كان من الصعب الحصول على تحليل مستنير في الاستجابة الإنسانية في اليمن، والتي شابها قبول الأمم المتحدة لبيانات جزئية غالبًا ما تكون متحيزة، وعادةً ما تكون قديمة."
لا توجد أدلة مباشرة على وجود خطر المجاعة في اليمن، ولم تثبت الدراسات المستقلة بشكل قاطع أن المساعدات قد خففت بشكل فعال من تهديدات المجاعة، كما أنه لا يوجد أي دليل مستقل على أن السكان قد تأثروا بشكل خطير بسبب توقف برنامج توزيع الغذاء التابع لبرنامج الغذاء العالمي منذ نوفمبر الماضي. المرحلة الخامسة ل (المجاعة) من مؤشر التصنيف المرحلي للأمن الغذائي (IPC) يحفز تقديم المساعدات الطارئة على نطاق واسع دون تأخير أو تدقيق. ونتيجة لذلك، قد تقوم بعض المنظمات بالتلاعب بالبيانات لتصوير مجاعة واسعة النطاق، مع العلم أن الدول المانحة ستضطر للاستجابة بسرعة.
استغل الحوثيون العمليات الجارية للأمم المتحدة في شمال اليمن، التي تبدو بظاهرها للوقاية من المجاعة، للحصول على تنازلات وفوائد مالية من الأمم المتحدة والمانحين الدوليين. إن حرف الحوثيين واستغلالهم لموارد المساعدة قد حوّل المساعدة الإنسانية إلى أداة للصراع، وهذا أدى بدوره إلى تأجيج الحرب وتمكين الحوثيين من تعزيز قدراتهم العسكرية.
قام الحوثيون بإنشاء نظام ثيوقراطي قمعي، يرتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. حيث قاموا بأكثر من 500 تعديل على المناهج الدراسية لتلقين الأطفال أيديولوجيتهم الطائفية والجهادية. خلال عام 2024 فقط ، تخرج 1.1 مليون صبي وفتاة من معسكرات التلقين الصيفية التي يديرها الحوثيون. في وقت سابق من هذا العام ، أعلن الحوثيون عن تجنيد أكثر من 360,000 فرد لما يسمونه "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، مما يشير إلى التزامهم بتوسيع عملياتهم العسكرية المزعزعة للاستقرار في اليمن والبحر الأحمر والمنطقة.
استمرار التقاعس أو غياب الرد الملائم من قبل الأمم المتحدة سيؤدي فقط إلى تشجيع الحوثيين وإطالة معاناة ملايين اليمنيين. في حال عدم معالجة هذه القضايا بشكل حاسم، تُخاطر الأمم المتحدة والمانحين بالوقوع في تواطؤ يمكّن مجموعة قمعية وعنيفة للغاية من تقرير مستقبل اليمن. عندما تنسحب الأمم المتحدة ومانحوها في نهاية المطاف من اليمن والمنطقة، سيتحتم على اليمنيين التعامل مع العواقب - جيل مغسول الدماغ بأيديولوجية العصور الوسطى ومجتمع يعاني من الخوف والإرهاب. هذا الوضع لا يخيب فقط آمال اليمن، بل يقوّض أيضاً الاستقرار العالمي والمعايير الإنسانية.
من الضروري إبداء موقف حازم مستند إلى المبادئ لدعم قيم وفعالية الأمم المتحدة. نحثّكم على إعطاء الأولوية لهذه المسألة العاجلة واتخاذ إجراءات حاسمة لدعم الشعب اليمني في وقت حاجته. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يرضخ لإرضاء الحوثيين على حساب أرواح اليمنيين واستقرار المنطقة.
كيف أدت الجهود الديبلوماسية إلى نتائج عكسية: تعزيز تحدي الحوثيين وتصعيدهم
لقد زادت الجهود الدبلوماسية حتى الآن فقط من جرأة الحوثيين، الذين أظهروا مرارًا وتكرارًا غطرسة وازدراءً صريحًا للمعايير الدولية. إن بيانات الإدانة ومناشدة ضميرهم من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة أو المسؤولين الأمميين كان لها تأثير معاكس، حيث حفزت الحوثيين ليصبحوا أكثر تحديًا وعنفًا. تعتبر اتفاقية ستوكهولم، الموقعة في عام 2018 تحت رعاية الأمم المتحدة، مثالاً بارزًا على ذلك.
فقد فشل الحوثيون في الالتزام بشروطها، وخرقوا أحكامها بشكل متكرر، واستخدموا الفترة لإعادة تنظيم صفوفهم وتصعيد العمليات العسكرية وتأمين مكاسب إقليمية كبيرة. لقد منحت هذه المكاسب الحوثيين قوة عسكرية أكبر، مما جعلهم أقل استعدادًا للتوصل إلى تسوية في محادثات السلام. على سبيل المثال، يستمر الحوثيون في رفض منح تأشيرات للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ لزيارة صنعاء، ويواصلون رفض الدخول في مفاوضات بنية صافية، مفضلين استخدام العنف كوسيلة لابتزاز الحكومة اليمنية والأطراف الإقليمية والمجتمع الدولي، وهذا يزيد من تقويض آفاق الحل المستدام للصراع.
التوصيات:
في ضوء هذه القضايا المقلقة، نحث قيادة الأمم المتحدة على اتخاذ الخطوات الفورية التالية:
1.تعليق جميع مشاريع الأمم المتحدة في شمال اليمن ونقل المقرات إلى عدن: حتى يظهر الحوثيون التزاماً حقيقياً بالمبادئ الإنسانية والقانون الدولي. فاستمرار هذه المشاريع لن يؤدي إلا إلى إضفاء الشرعية على حكمهم وتمكين المزيد من الانتهاكات. موظفو وكالات الأمم المتحدة الآن عرضة للاستهداف في ظل هذه الظروف المروعة. استمرار المشاريع يخاطر بإجبار الأمم المتحدة على توظيف عناصر حوثية (الحوثيون طلبوا الاطلاع على الهياكل التنظيمية لعدة وكالات وقالوا إنهم يريدون السيطرة على عملية التوظيف)، مما يدفع الموظفين الحاليين إلى الاستقالة أو الامتثال لمطالب الحوثيين. سيؤدي هذا الوضع إلى زيادة حرف مسار المساعدات وسوء استخدامها ويمكن أن يسمح للحوثيين بالسيطرة على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، مما يؤثر على التوظيف والمشتريات والعمليات اليومية. كما سيقوض المبادئ الإنسانية للاستقلالية والحيادية.
2. المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن: يجب على الأمم المتحدة الإصرار على الإفراج غير المشروط والفوري عن جميع الرهائن كشرط غير قابل للتفاوض لأي تعامل مستقبلي. استمرار احتجاز موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وكذلك قادة المجتمع المدني، يقوض الجهود الإنسانية وينتهك المعايير الدولية. التحرك الفوري لتأمين الإفراج عنهم أساسي للحفاظ على المبادئ الإنسانية وضمان سلامة العاملين في مجال الإغاثة.
3. ضمان الوصول الكامل لعمليات الأمم المتحدة كشرط مسبق لاستئناف المساعدة: يجب على الأمم المتحدة المطالبة أن يصل موظفوها والمساعدات الإنسانية إلى المحتاجين دون تدخل ودون قيد. إن القدرة على العمل بحرية واستقلالية ضرورية لتقديم المساعدة الحيوية وتقييم الظروف الإنسانية بدقة. أي قيود مفروضة على الوصول تعرقل توزيع المساعدات وتعرض الاستجابة الإنسانية للخطر.
4. فرض خطوط حمراء ضد الابتزاز وحرف مسار المساعدات: يجب على الأمم المتحدة فرض تدابير صارمة لمكافحة ابتزاز الحوثيين ومنع تحويل مسار المساعدات الإنسانية. كما يجب وضع خطوط غير قابلة للتعدي من أجل حماية نزاهة وفعالية برامج المساعدات. من الضروري وجود آليات شفافة للرصد والمساءلة لضمان وصول المعونات إلى مستحقيها وعدم استغلالها لأغراض سياسية أو عسكرية.
5. أخيرًا، نطالب بالاستبدال الفوري للمنسق المقيم الحالي الذي يركز بشكل مقلق على البرامج والعمليات فقط- بشخص يعطي الأولوية لحساسية النزاع ويلتزم بمبدأ "لا ضرر ولا ضرار". كما يجب على المنسق القادم ضمان أن لا يؤدي تقديم المساعدات إلى تفاقم الوضع أو تقويض السلام والاستقرار.
مع خالص التقدير،
الموقعون:
1 منظمة رايتس رادر لحقوق الانسان
2 رابطة أمهات المختطفين
3 منظمة مساءلة لحقوق الإنسان
4 منظمة ميون لحقوق الإنسان
5 منظمة سام للحقوق والحريات
6 مبادرة مسار السلام
7 مؤسسة وجود للأمن الإنساني
8 منظمة أكون للحقوق والحريات
9 رابطة حماية المعنفات والناجيات من سجون الحوثي
10 يمن فيوتشر للتنمية الثقافية والإعلامية
11 منظمة عدالة للحقوق والتنمية
12 منظمة نداء انقاذ للحقوق والحريات والإغاثة
13 منظمة أصوات حره للأعلام التوعوي
14 الشبكة اليمنية للحقوق والحريات
15 مؤسسة تمكين المرأة اليمنية
16 المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات هود
17 التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان
18 منظمة مناصرة للتنمية وحقوق الإنسان
19 منظمة رصد للحقوق والحريات
20 منظمة نضال لحقوق الإنسان
21 مؤسسة صح لحقوق الإنسان
22 مؤسسة خليج عدن للتنمية البشرية والخدمات الاجتماعية
23 المؤسسة الوطنية لحماية المرأة والطفل
23 مجلس تنسيق منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان
25 مركز تعز الحقوقي
26 منظمة اصوات حرة للإعلام والحريات
27 المركز القانوني اليمني
28 مؤسسة مسار للتنمية وحقوق الإنسان
29 مؤسسة ايلاف للتنمية المجتمعية
30 منظمة رساله للتنمية المجتمعية
31 منظمة نيد لحقوق الإنسان
32 منظمة عين لحقوق الإنسان
33 منظمة شهود لحقوق الإنسان
34 منظمة رسالتي لحقوق الإنسان
35 منظمة مساواة لحقوق الإنسان
36 مؤسسة الصحافة الإنسانية
37 منظمة حماية للتوجه المدني
38 الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل
39 مؤسسة كوين للتنمية وحقوق الإنسان
40 مركز رصد للحقوق والتنمية
41 مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية
42 المركز الوطني للتنمية والحريات
43 مزكز وعي للاعلام وحقوق الانسان
44 المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان
45 مؤسسة السلام للاغاثه الإنسانية
46 منظمة برلمانيون ضد الفساد
47 مؤسسة تمكين المراة اليمنية
48 تحالف نساء من اجل اليمن
49 مؤسسة دفاع للحقوق والحريات.