بعد اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن المحتجزين، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي شن غارات عنيفة على مناطق متفرقة في القطاع، فيما تواصل المقاومة الفلسطينية التصدي لجيش الاحتلال في منطقة خانيونس.
وتأتي مواصلة جيش الاحتلال حربه على غزة، في وقت نقلت صحيفة "هآرتس" عن خبراء في القانون الدولي قولهم إنّ إسرائيل ستكون عرضة لعقوبات حال تجاهلت قرار مجلس الأمن الدولي.
ماذا سيحدث إذا لم يتم تنفيذ القرار؟
يتمتع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالقدرة على فرض العقوبات والتفويض باستخدام القوة العسكرية للحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو استعادتهما.
مثل هذا الإجراء يتطلب اتخاذ قرار. ويتطلب اعتماد القرار موافقة تسعة أصوات على الأقل وعدم استخدام الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو فرنسا أو بريطانيا حق النقض (الفيتو).
ومن غير المرجح أن يتخذ المجلس أي إجراء ضد إسرائيل أو حركة حماس إذا لم ينفذ أي منهما القرار الذي يطالب بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان الذي ينتهي خلال أسبوعين، وإطلاق سراح المحتجزين.
وقال ريتشارد جوان، مدير شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية: "في الواقع، من الضروري للأسف الاعتراف بأن العديد من قرارات المجلس تفشل بغض النظر عن وضعها القانوني".
وأضاف: "لقد تجاهلت الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم أو تظاهرت فقط بتأييد دعوات الأمم المتحدة السابقة لوقف إطلاق النار".
هل قرار مجلس الأمن ملزم قانونياً؟ بموجب الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة "يوافق أعضاء الأمم المتحدة على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها". وقد استشهد عدد من الدول الأعضاء بـ(المادة 25) في الرد على التعليقات الأميركية.
وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، الاثنين، إنّ "جميع قرارات مجلس الأمن هي قانون دولي. لذلك إلى هذا الحد، فهي ملزمة مثل القانون الدولي". وأضاف: "في نهاية المطاف، التنفيذ هو مسألة إرادة دولية".
وقال نيت إيفانز، المتحدث باسم ليندا توماس غرينفيلد، في حديثه مع وكالة رويترز، أمس الثلاثاء، إنّ القرار "لا ينشئ التزامات جديدة بموجب القانون الدولي، مثل ما يفعله المجلس عندما يفرض عقوبات إلزامية".
وأضاف: "ومع ذلك، وعلى الرغم من أن القرار يفتقر إلى بنود ملزمة، فإن جميع قرارات مجلس الأمن لها وزن كبير ويجب تنفيذها".
ماذا فعلت الولايات المتحدة؟ تخلت الولايات المتحدة عن نهجها المعتاد في توفير الحماية لحليفتها إسرائيل في الأمم المتحدة بالامتناع عن التصويت، الاثنين، بدلاً من استخدام حق النقض (الفيتو). لكن واشنطن وصفت نص القرار الموجز بأنه "غير ملزم".
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، الاثنين، إنّ الولايات المتحدة تؤيد بشكل كامل "بعض الأهداف الحاسمة في هذا القرار غير الملزم"، لكنها لا توافق على كل ما ورد في النص الذي لم يندد بحماس أيضاً.
وأثار هذا رد فعل فورياً من أعضاء مجلس الأمن الآخرين ودول أعضاء في الأمم المتحدة وجماعات لحقوق الإنسان، وأثار تساؤلات حول كيفية تأثيره على جهود واشنطن لمعالجة الأزمات العالمية الأخرى في الأمم المتحدة.
ما هي التداعيات المحتملة لوجهة نظر الولايات المتحدة؟ تقول جماعات لحقوق الإنسان إنّ ادعاء الولايات المتحدة بأن القرار غير ملزم قد يخلق مشاكل في المستقبل.
وقال مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش، لويس شاربونو، إنّ الموقف الأميركي "يخاطر بجعل الدول أقل احتمالاً للامتثال للقرارات، وهذا يشمل القرارات التي تريد الولايات المتحدة تنفيذها".
وقالت مسؤولة شؤون الأمم المتحدة في منظمة العفو الدولية، شيرين تادرس، إنّ ميثاق الأمم المتحدة واضح بشأن الطبيعة الملزمة لقرارات مجلس الأمن، مضيفةً: "لا أذكر أنني سمعت الولايات المتحدة تشكك في تلك الطبيعة الملزمة عندما يتعلق الأمر بالقرارات الأخرى المعتمدة بشأن سورية على سبيل المثال".
وأضافت: "ما فعلته الولايات المتحدة لم يجعل تنفيذ القرار الذي كان من شأنه أن ينقذ حياة الإسرائيليين والفلسطينيين أكثر صعوبة فحسب، بل إنه قوض النظام الدولي برمته أيضاً".
ما هو رأي الدول الأربع الأخرى التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن؟ من جهته، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير، أمام اجتماع لمجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط، الثلاثاء، إنّه "يجب أن يطبق هذا القرار من قبل الجميع، كما تنص على ذلك المادة 25 من الميثاق".
وخلال الاجتماع نفسه، تساءل سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، عما إذا كان وصف واشنطن للقرار بأنه غير ملزم يعني أن الولايات المتحدة "لم تعد تعتبر نفسها ملزمة بأحكام ميثاق الأمم المتحدة".
وقال: "إذا كان الأمر كذلك، فلا فائدة من مناقشاتنا في القاعة على الإطلاق. فقد قال أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن صراحة إنه لا يقبل ميثاق منظمتنا".
وتعرضت روسيا نفسها للتوبيخ من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لانتهاكها ميثاق الأمم المتحدة بغزو أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022. واستخدمت روسيا حق النقض لمنع مجلس الأمن من اتخاذ أي إجراء ضدها بشأن أوكرانيا.
وقال نائب سفير الصين لدى الأمم المتحدة قنغ شوانغ، الثلاثاء، إنّ قرارات المجلس ملزمة و"هذا ليس موضع شك أو تحدياً". وأضاف أنّ البيان الأميركي بأن القرار غير ملزم "يجعلنا نشكك في الإرادة السياسية وصدق الولايات المتحدة".
ورداً على سؤال عما إذا كان القرار ملزماً، قالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد، الاثنين، إنّ "هذا القرار يحتاج إلى التنفيذ على الفور (...) إنه يبعث برسالة واضحة من المجلس، رسالة مجلس موحد، ونتوقع تنفيذ جميع قرارات المجلس. هذا (القرار) ليس مختلفاً".
(رويترز، العربي الجديد)