كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تقرير لها الثلاثاء 19 مارس/آذار 2024، عن تعرض موظفي الأمم المتحدة الذين يعملون مع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة لحملة ممنهجة من العرقلة والمضايقات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وسلطات الاحتلال منذ بداية الحرب على غزة، وذلك وفقاً لوثائق الأمم المتحدة الداخلية التي حصلت عليها الصحيفة.
وفق الصحيفة نفسها، فإن الوثائق توثق مئات الحوادث التي تتراوح بين تعصيب أعين موظفي الأمم المتحدة وضربهم عند نقاط التفتيش، واستخدام القوات الإسرائيلية لمنشآت الأمم المتحدة كمواقع لإطلاق النار أثناء الغارات على مخيمات اللاجئين التي قُتل فيها فلسطينيون.
وثائق أممية تفضح انتهاكات إسرائيلية وقد تمَّ تجميع الوثائق من قبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل فلسطين (الأونروا)، التي قدمت الخدمات الأساسية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة لعقود من الزمن. وكانت الوكالة في قلب جدل مرير، بعد أن اتهمتها إسرائيل بالتعاون مع حماس في غزة، فيما تنفي التهمة وتقول إنه لم يتم تقديم أي دليل قوي لدعم هذا الادعاء.
جولييت توما، المتحدثة باسم الأونروا، قالت إن الأحداث التي وقعت في الضفة الغربية – حيث تدير الوكالة 96 مدرسة و43 عيادة صحية لـ871.000 لاجئ مسجل – المفصلة في الوثائق الداخلية كانت "جزءاً من نمط أوسع من المضايقات التي نشهدها ضد الأونروا في عام 2018". بالضفة الغربية والقدس.
وقد تسبب عدد كبير من الخطابات الموجهة ضد الأونروا من قبل كبار المسؤولين في الاحتلال إلى تأجيج المشاعر العامة في إسرائيل، وكانت هناك احتجاجات أسبوعية في المكتب الميداني للوكالة في القدس المحتلة، بالإضافة إلى حادث إطلاق نار لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً في وقت سابق من هذا العام، عندما أطلق سائق مجهول النار من مسدسه من سيارته على سائق شاحنة تابعة للأونروا في المدينة. ويتم التحقيق في الهجوم من قبل الشرطة.
توضح الوثائق بالتفصيل كيف أن المراكز الصحية التابعة للأونروا في الضفة الغربية تعاني من نقص الإمدادات الحيوية، بعد أن احتجزت الجمارك الإسرائيلية شحنة من الأدوية لأكثر من شهرين في الأردن.
وصلت الشحنة المكونة من 42 منصة، بما في ذلك المضادات الحيوية ومضادات الهيستامين ومسكنات الألم وعلاج مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والفصام، في يناير/كانون الثاني إلى عمّان، ولكن لم يتم التصريح بها إلا يوم الأحد 17 مارس/آذار 2024، بعد ساعتين من اتصال صحيفة "الغارديان" بالسلطات الإسرائيلية بشأن ذلك. فيما نفى متحدث باسم الجمارك الإسرائيلية حدوث أي تأخير.
انتهاكات فاضحة وتقول الوثائق أيضاً إن "موظفي الأونروا [في الضفة الغربية] تعرضوا للإساءة اللفظية، وخضعوا للتحقق من الهوية والتفتيش، وطُلب منهم رفع ملابسهم لإثبات عدم وجود أسلحة".
بالإضافة إلى ذلك، "تم تسجيل انتهاكات فاضحة على نحو متزايد لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة، بما في ذلك دخول أفراد مسلحين إلى منشآت الأونروا كجزء من عمليات قوات الأمن الإسرائيلية، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بمنشآت الأونروا أثناء هذه العمليات".
وتستشهد الوثائق باتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، المعتمدة في عام 1946، والتي بموجبها يحق لوكالات الأمم المتحدة "القيام بأنشطة لدعم ولايتها دون عوائق".
ممارسات مشينة في واحدة من أخطر الحوادث الموصوفة في الوثائق، أوقف الجنود اثنين من موظفي الأونروا في مركبة تحمل علامة الأمم المتحدة عند نقطة تفتيش مؤقتة في فبراير/شباط 2024 أثناء محاولتهما مغادرة قرية فلسطينية بالقرب من بيت لحم.
وقام الجنود، الذين أخرجوا المفاتيح "بالقوة" و"أجبروا الموظفين على الخروج.. تحت تهديد السلاح"، بعد ذلك بتفتيش السيارة وسخروا من الموظفين "في إشارة إلى الموظفين المنتمين إلى حماس". وتزعم الوثائق أن الموظفين أُمروا بعد ذلك بالركوع، وتم تعصيب أعينهم، وتقييد أيديهم بأسلاك بلاستيكية، وتعرضوا للضرب قبل أن يتدخل ضابط كبير.
وتصف الوثائق أيضاً استخدام القوات الإسرائيلية لمنشآت الأونروا خلال العمليات العسكرية في الضفة الغربية، بما في ذلك عملية واحدة على الأقل عندما قُتل عدة فلسطينيين.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفقاً للوثائق، سجلت الأونروا 135 حادثاً أثر على عياداتها أو مدارسها أو مكاتبها، بدءاً من التوغلات وسوء الاستخدام، وصولاً إلى العمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط قنابل الغاز المسيل للدموع أو الرصاص فيها.
وتشير الوثائق إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية شنت، في 8 ديسمبر/كانون الأول، غارة استهدفت نشطاء في مخيم الفارعة للاجئين في شمال الضفة الغربية، حيث كانوا يتجمعون.