أسفر قصف للاحتلال بمجزرة في مخيم جباليا عن 126 شهيداً، فيما ادعت تل أبيب استهداف قائد كتيبة جباليا في حركة حماس إبراهيم البياري، في واحدة من أكثر الغارات دمويةً منذ بدء حرب غزة، بحسب صحيفة Wall Street Journal الأمريكية الخميس 28 ديسمبر/كانون الأول 2023.
بحسب Airwars، المنظمة غير الربحية التابعة لجامعة لندن والتي تحقق في أمر الضحايا المدنيين داخل مناطق الصراع، فقد كانت الشوارع الشبيهة بالأزقة والبنايات المتلاصقة داخل منطقة مربع 6 بمخيم جباليا للاجئين في غزة مكتظةً بالناس عندما وقعت المجزرة، بعد ظهر يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول. إذ وقف البعض في طابور طويل عند المخبز المحلي، بينما تكدس آخرون بتلاصق أكبر من المعتاد داخل الشقق الضيقة.
وتذكر محمد طبق (27 عاماً) ذلك اليوم قائلاً: "لقد كنا في المنزل مع العديد من أقاربنا، ومع أشخاص لم نلتقَهم من قبل، لكنهم لجأوا إلينا في مكانٍ كان آمناً".
وعند الساعة الـ3:30 عصراً تقريباً، ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية عدة قنابل ضخمة في نمطٍ ضيق على المنطقة. وأدّت الانفجارات إلى تسوية المربع بأكمله بالأرض، تاركةً حفراً عميقة في مكان عشرات البنايات التي كانت قائمةً ذات يوم، بحسب ما أظهرته صور الأقمار الصناعية.
وجاء قرار قصف الحي المكتظ بالناس في منتصف الظهيرة -بهدف قتل قائد معادٍ- ليكون إشارة مبكرة في الحرب على استعداد إسرائيل لاستخدام القوة المفرطة ضد قيادات حماس، حتى وإن كان هذا يعني المخاطرة بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
فيما توصل تحقيق للصحيفة الأمريكية إلى أن الاحتلال لم يحذر المدنيين في المنطقة من القصف الوشيك؛ خوفاً من أن يمنح المسلحين فرصةً لإخلاء المكان
كما كشف التحقيق أن جيش الاحتلال ألقى اثنتين على الأقل من أكبر القنابل الموجودة في ترسانته، بدلاً من استخدام الذخائر الموجهة الأصغر حجماً، بحسب الصحيفة.
بينما قال عادل حق، الأستاذ المتخصص في القانون الدولي للنزاعات المسلحة بجامعة روتجرز "إن قصف جباليا في الـ31 من أكتوبر/تشرين الأول كان هجوماً مفرطاً من ناحية الضرر المتوقع على المدنيين. وإذا أردت تبرير هذا القدر من الخسائر المدنية، فيجب أن تخرج بنتيجة تقلب الموازين وتُحدث تأثيراً حاسماً على مسار الحرب".
"رائحة الدماء في كل مكان" وهزّت الانفجارات الأرض وكأنها زلزال لتطيح بالبنايات الخرسانية، وتغمر المنطقة المستهدفة بسحابة ضاربة من الحطام المتطاير والدخان الأسود والغبار، وتجعل نطاق الأضرار غير واضح المعالم لفترةٍ جاوزت الخمس دقائق، بحسب الناجين.
وقال طبق، الناجي الذي فقد إحدى عينيه في القصف: "رأيت جثثاً، بعضها في صورة أشلاء، وعدداً مهولاً لا يمكن تصوُّره من المصابين. وقد ملأ الغبار الجو وانتشرت رائحة الدماء في كل مكان".
وأسفر القصف الإسرائيلي عن مقتل ما يتراوح بين 126 و136 مدنياً، بينهم 69 طفلاً، بحسب منظمة Airwars.
واعتمد إحصاء المنظمة للوفيات على منشورات الشبكات الاجتماعية، والنعي، والمقابلات الإعلامية، وغيرها من المصادر العامة. وتعرّفت المنظمة على 10 حالات شهدت مصرع أكثر من فردٍ واحد في العائلة نفسها. بينما توفي جميع أفراد الأسرة المباشرين في ثلاث حالات، وهي نتيجة أكدها عدة ناجين التقتهم الصحيفة الأمريكية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى اليوم الخميس، 21 ألفاً و320 شهيداً و55 ألفاً و603 جرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.