رياضة

تراشق واتهامات بالفساد والاستغلال.. فوز منتخب الناشئين ببطولة غرب آسيا يشعل معركة إعلامية بين الحكومة واتحاد الكرة

المصدر
بهاء علي

على قاعدة "الهزيمة لا أب لها، وللفوز ألف أب" ومنذ فوز المنتخب الوطني للناشئين ببطولة غرب آسيا الأربعاء الماضي، اشتعلت معركة إعلامية على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، تضمنت وتراشقات واتهامات بين الحكومة والاتحاد اليمني لكرة القدم، وصل السجال إلى مجلس القيادة الرئاسي (أعلى سلطة في البلاد).

فبعد فوز المنتخب الوطني للناشئين سارع رئيس مجلس القيادة بتهنئة المنتخب الوطني بتحقيقهم بطولة غرب آسيا، حيث أجرى اتصالا هاتفيا ببعثة المنتخب الوطني، مخاطبا إياهم بالقول: "إن فوزكم الكبير صنع فرحاً شعبياً عارماً، ووحد اليمنيين حول أهمية الابداع، وإطلاق الحريات للطاقات الشبابية في مختلف المنافسات كسبيل أمثل لتعزيز حضور اليمن الخلاق في محيطه الإقليمي والدولي"، موجها بالتكريم اللائق لأبطال غرب اسيا، وتقديم الدعم والرعاية اللازمة لمواصلة إنجازات الفريق الناشئ كنواة لمنتخب كروي واعد في مختلف المحافل الرياضية.

مصادر رياضية مطلعة أفادت بأن الرئيس العليمي طلب من اتحاد كرة القدم، إيصال بعثة المنتخب الوطني للناشئين إلى العاصمة السعودية الرياض ليلتقي بهم وتكريمهم مادياً ومعنوياً، غير أن طلب العليمي قوبل بالرفض من قبل قيادة اتحاد كرة القدم التي أصرت على الرفض والسفر عبر منفذ شحن والعودة للبلاد، وبررت قيادة الاتحاد موقفها برفض الحكومة والرئاسي صرف ميزانية اتحاد كرة القدم.

الرفض من قبل قيادة اتحاد كرة القدم دفعها للترحيب بتفاعل القطاعين الخاص والمختلط ورجال المال والأعمال والشخصيات الاجتماعية والمبادرة بالإعلان عن تكريم المنتخب الوطني للناشئين المتوج ببطولة غرب آسيا العاشرة بصلالة، في الوقت الذي اشترط الاتحاد على الجهات الراغبة بتكريم المنتخب غير المشروط بالتواصل مباشرة عبر قيادة اتحاد الكرة، محذراً من أي محاولات لاستغلال الإنجاز أو التعامل مع أفراد أو جهات لا تمثل الاتحاد وكذلك انتهاك الحقوق الحصرية للاتحاد اليمني لكرة القدم، في إشارة لمدى الخلافات التي تستعر في الكواليس والتي خرج بعض منها للعلن.

وعقب نجاح اتحاد كرة القدم بتحقيق أهدافه ورفضه للضغوط التي مورست عليه، غادرت بعثة المنتخب الوطني عمان ووصلت، يوم الإثنين، منفذ "شحن" الحدودي بين عمان واليمن حيث كان في استقبالهم الجماهير التي رافقتهم إلى مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة وتم تكريمهم هناك ومن ثم انطلقت البعثة لمحافظة حضرموت ليتم تكريمهم فيها مرة أخرى من قبل السلطات المحلية، في الوقت الذي لا تزال بقية المحافظات تتجهز لتكريم بعثة المنتخب، بما فيها حكومة مليشيا الحوثي (غير المعترف بها)، خصوصا بعد غياب التكريم الحكومي حتى اللحظة، نتيجة الخلافات الحادة بين اتحاد الكرة والحكومة والرئاسة ووزارة الشباب والرياضة.

الخلافات التي كانت بين اتحاد الكرة ووزارة الشباب والرياضة ليست وليدة اللحظة، فهي ممتدة لسنوات، غير أنها نار تحت الرماد لتأتي رياح بطولة غرب آسيا العاشرة للناشئين وتكشف تلك الخلافات بين الطرفين، وهو ما تجلى في بيان صادر عن وزارة الشباب والرياضة اتهمت فيه اتحاد كرة القدم اليمني بالفساد وقلب الحقائق ومحاولات التكسب والإساءة لقيادات الدولة العليا والحكومة ووزارة الشباب والمنظومة الرياضية في اليمن بشكل عام، عقب أيام قليلة من تحقيق المنتخب الوطني للناشئين بطولة غرب آسيا للمرة الثانية في تاريخه.

وقال البيان إن وزارة الشباب والرياضة تابعت "الحملة الجائرة التي أطلقها الاتحاد العام لكرة القدم عبر موقعه الرسمي وتصريحات شخصياته الاعتبارية، والتي تضمنت اتهامات باطلة وأكاذيب تُخالف الواقع، وافتراءات ليس لها أساس من الصحة، بشكل غير مسؤول أو عقلاني، ولا يعبر عن مؤسسة رسمية يفترض أن تتحلى إدارتها بالحكمة والمسؤولية والموضوعية والاتزان".

وأضاف أن "حملة الاتهامات الجائرة هذه تأتي ضمن سلسلة متلاحقة من حملات التشويه التي اعتادت عليها قيادة الاتحاد، وهي التي كان من المفترض أن تنأى بنفسها عن مثل هذه الأمور، باعتبارها مؤسسة رياضية رسمية".

وقال البيان إن الوزارة حرصت على التجاوز المستمر لـ "كل الإساءات التي طالتها من قبل الاتحاد ومسؤوليه، والتي تفتقر إلى المصداقية والواقعية، وتحاول من خلالها قيادة الاتحاد تغطية فشلها المتكرر وصراعاتها المستمرة وحالة السخط العام التي طالتها".

وأوضحت الوزارة في بيانها إنها ن "دعمت ورعت غالبية معسكرات المنتخبات الوطنية لكرة القدم التي أقيمت في المحافظات المحررة، من ميزانية الوزارة وأموال صندوق رعاية النشء والشباب".

رفض إخلاء العهد

بيان وزارة الشباب والرياضة قال إن "اتحاد كرة القدم "يتحصل بشكل دوري على مبالغ كـ (عُهد) مالية توضحها وثائق وبيانات وزارتي الشباب والرياضة والمالية، وتؤكدها السندات البنكية الرسمية، إضافة إلى مبالغ أخرى من صندوق النشء والشباب".

واتهمت الوزارة، قيادة الاتحاد برفضها منذ العام ٢٠١٩ حتى ٢٠٢٣ - بحسب الوثائق – "تصفية العهد المالية، والكشف عن كيفية إنفاق تلك المبالغ، فضلاً عن الدعم الرسمي الذي يتلقاه الاتحاد بملايين الدولارات من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ سنوات طويلة، ولا يعرف عنه أحد شيئا باستثناء رأس الاتحاد ومن بجانبه" وفقا للبيان.

مهاجمة الحكومة والعليمي

الإتحاد العام لكرة القدم كان قد نشر مقالا للكاتب خالد السوادي رئيس اللجنة الإعلامية بالاتحاد، هاجم فيه رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي والحكومة ووزارة الشباب والرياضة، فيما نشرت صفحة الإتحاد في وقت سابق مقالاً اخر اتهم فيه الحكومة بإيقاف الدعم الحكومي للاتحاد.

مقال الكاتب السوداي هاجم الحكومة والرئيس العليمي، وجرى حذف المقال بعد يوم من نشره في صفحة اتحاد كرة القدم النافذة الإعلامية الوحيدة المعبرة عن الإتحاد، حيث قال فيه: "تعرف يا فخامة الرئيس أن رئيس حكومتك (الفاسد) وثلاثة أرباع وزراء حكومتك ووزير شبابك وصندوق السفريات والنشل.. لا يفرقون بين ضربة الجزاء وضربة "الشمس" وحين يلمع بارق الانتصارات من فوهات منطقة الـ 18 يربطون الأحزمة وربطات العنق من دور (زلي) وبريوني وستيفانو رتشي صوب الكاميرا: صورني مع الأبطال".

وأردف السوادي بالقول: "وأنت على يقين تام.. يا فخامة الرئيس أن ما كتبه البعض من المغرر بهم - او مِن مَن دس رأسه في مقلى (الحِلبة) على حد تعبير الإعلامي السعودي وليد الفراج في برنامجه الشهير: " أكشن مع وليد " - حول 2 او حتى 3 ملايين دولار تلقاها اتحاد العيسي كدعم دولي خلال سبع سنوات عجاف لا تكفي لدوري شامل واحد.. أو تكاليف مشاركة 4 منتخبات (ناشئين، شباب، أولمبي، ووطني) مع معسكرات الإعداد في عامِ واحد وهو ذات المبلغ الذي بالكاد يكفي لشراء أحذية "كريستيانو" يوم عيد الأضحى. يا فخامة الرئيس.. كان يمكن أن يتركوا لك "نافذة" التواصل مع العالم نظيفاً لكن ولغ (..) في الإناء في عهد رياض ياسين وعبدالملك المخلافي.. ولم يعد لك من وسيلة غير منتخب السعادة… وكرة القدم‼️".

الإتحاد في محاولة امتصاص رد وزارة الشباب

هجوم الكاتب السوادي، دفع نائب رئيس اتحاد الكرة حسن باشنفر، للرد في صفحة اتحاد كرة القدم محاولا امتصاص ردة الفعل التي خرجت بها وزارة الشباب تجاه الإتحاد والتهديد بمقاضاة الإتحاد وفتح ملفات الفساد فيه.

النائب الأول لرئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم المهندس حسن باشنفر قال بأن ما تم نشره في صفحه الاتحاد اليمني لكرة القدم (القديمة) ـ حيث لدى الإتحاد صفحة قديمة بذات الاسم الذي تحمله الصفحة الجديدة وكلا الصفحتين يديرها اتحاد الكرة ـ بعنوان يا "فخامة الرئيس بقلم رئيس اللجنة الإعلامية خالد السودي لا تعبر عن رأي الاتحاد وليس صادر عن الاتحاد، وانما هو رأي شخصي يعبر عن رأي الكاتب وقناعاته مشيرا إلى أن الكاتب خالد السودي "صحفي مخضرم وله آرائه وقناعاته الشخصية ونشر تلك المقالة على صفحته الخاصة بالفيسبوك لنتفاجأ بنشرها في صفحة الاتحاد القديمة".

وأكد "باشنفر" أن المقالة "لا تعبر عن رأي مجلس إدارة الاتحاد الذي يحرص كل الحرص على النأي بالدخول في مهاترات تسبب تصدع وتفكك الأسرة الرياضية التي ظلت موحده طوال الفترة الماضية رغم محاوله البعض من ضعفاء النفوس تعكير صفو الأسرة الرياضية وزرع الخلافات بينها"، مشيرا إلى أن "من مصلحة الرياضة اليمنية والمنتخبات الوطنية والأندية عدم الانجرار وراء أي بيانات والرد والتعقيب كوننا نسير في مركب واحد، وعملنا تكاملي".

تساؤلات عن مصير دعم الفيفا

وفي وقت سابق، كشف تقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عن تلقي اتحاد كرة القدم اليمني دعماً بملايين الدولارات خلال السنوات الأخيرة، في الوقت الذي أكد رئيس اتحاد الكرة الشيخ صالح العيسي خلال تصريحات له في مؤتمر صحفي لاجتماع استثنائي للجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم عقد في سبتمبر الماضي بالقاهرة، أكد خلاله توقف الدعم الدولي للاتحاد منذ عام 2015م، مشيرا إلى أن كل ما تسلمه الاتحاد من الدولة منذ 2015م هو مبلغ 600 مليون ريال فقط، بالإضافة إلى مبلغ 500 ألف دولار فقط من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وعلى دفعات.

وأصدر الفيفا، الأسبوع الماضي، تقريراً نهائياً حول مشروع دعم وتطوير كرة القدم في العالم FIFA Forward عبر دعم الاتحادات الوطنية في دول العالم خلال الفترة من 2016-2022م.

ويكشف التقرير الذي تحدث عنه الصحفي الرياضي بشير سنان عن تخصيص دعم مالي خلال هذه الفترة لاتحاد كرة القدم اليمني بمبلغ 11,4 مليون دولار، تسلم الاتحاد منها 7,2 مليون دولار، مشيرا إلى أن ما تم صرفه من قبل الاتحاد من مبلغ الدعم نحو مليوني دولار فقط توزع بين 1,3 مليون دولار لصالح المنتخبات الوطنية، 0,4 مليون دولار أمريكي للمعدات الرياضية، 0,3 مليون دولار أمريكي مصاريف تشغيل كرة القدم، دون الكشف عن مصير باقي المبلغ والذي يتجاوز الـ5 ملايين دولار.

وتساءل الصحفي "سنان" بالقول: "أين ذهبت كل هذه الأموال؟ طالما اتحاد الكرة يدعي انه لا يستلم فلسا واحدا وأن النشاط يسير من قبل رئيس الاتحاد فقط!".

الدعم الذي يتلقاه اتحاد كرة القدم، وتنكره قيادة الإتحاد أشار إليه بيان وزارة الشباب والرياضة، متهما قيادة الإتحاد برفضها إخلاء العهد المالية والكشف عن كيفية إنفاق تلك المبالغ، فضلاً عن الدعم الرسمي الذي يتلقاه الاتحاد بملايين الدولارات من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

تكريم الإتحاد المنتظر

الشيخ احمد صالح العيسى رئيس مجلس إدارة الإتحاد اليمني العام لكرة القدم أكد في تصريحات نشرها إعلام الإتحاد، أن هناك مفاجأة كبيرة تنتظر منتخب أسود سبأ أبطال بطولة كأس غرب آسيا العاشرة بسلطنة عمان 2023 أفضل مما سبق بعد إنجازهم التاريخي.

وقال الشيخ العيسي: أنه وجه بتشكيل لجنة عليا لإعداد الاحتفالات الخاصة بالمنتخب في كل ربوع الوطن برئاسته وعضوية أعضاء مجلس الإدارة من أجل الترتيبات والعمل على آلية التنظيم بما يليق بالانجاز الذي نشر الفرح في اوساط الشعب اليمني في داخل الوطن وخارجه، بعيداً عن الفردية والإرتجال والعشوائية.

ولم تعلن المكافآت المالية للاعبي وأعضاء بعثة المنتخب من قبل اتحاد كرة القدم، كما عرف عن رئيس الإتحاد في مرات سابقة مع البعثات الوطنية بمختلف فئاتها العمرية.

تصرفات وتصريحات أثارت سخطا واسعا

الجدل المثار، حول أداء اتحاد كرة القدم، وصل لممارسات رئيس بعثة المنتخب الوطني للناشئين عبدالوهاب الزرقة والذي ظهر بجوار لاعبي المنتخب الوطني أثناء تكريمهم بكأس غرب آسيا وكان واضحا مزاحمته للاعبين ومحاولته أخذ كأس البطولة من بين أيدي اللاعبين والتصوير معهم بأسلوب أثار سخطا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي.

رئيس بعثة المنتخب الوطني وعضو اتحاد كرة القدم عبدالوهاب الزرقة، ظهر هو الآخر بتصريحات إعلامية مثيرة وبدت غريبة أكثر من تصرفاته التي كانت غريبة نوعا ما، بيد أنها كانت في لحظات فرح قد يتم تقبلها لدى البعض، غير أن قوله أنا من قام بإعداد المنتخب وأنا من سافر وأنا من أكّل اللاعبين وأنا من شربهم وأنا من عالجهم وأنا من فرحت 35 مليون يمني، من حقي أن أفرح كيمني.."، مشيرا إلى أن الإتحاد لم يتلقَ دعما من أحد فمن حقه أخذ الكأس والتصوير كما يريد...)، حيث قوبلت تلك التصريحات برود قاسية في وسائل التواصل الاجتماعي.

وتكشف هذه المعركة عن الحال الذي وصلت له مؤسسات الشرعية من خلافات لم تنجُ منها كرة القدم، والتي كان فوز منتخب الناشئين سبباً لإظهارها إلى السطح.