قالت دراسة بحثية جديدة، الخميس، إن سياسة الأمم المتحدة تجاه أزمة خزان “صافر” النفطي غربي اليمن، اتسمت بالمبالغة من خلال كلفة مالية عالية بدت وكأنها ابتزاز للمجتمع الدُّولي في مقابل التداعيات الكارثية.
وأوضحت الدراسة التي أعدها الأكاديمي والباحث اليمني، ناصر الطويل وصدرت مركز المخا للدراسات، عن خزَّان “صافر”، تحت عنوان “الترحيل المُكلِف.. سياسة الأمم المتحدة تجاه أزمة خزان النفط صافر”، أن الأمم المتحدة تمكنت فقط من نزع فتيل الأزمة وترحيلها إلى الأمام دون أن توجد حلاً جذرياً لها.
ورأت الدراسة، أن الأمم المتحدة؛ تبنت مجموعة من السياسات التي أوجدت اهتمامًا دوليًّا بهذه الأزمة، وحشدت لها الإمكانات السياسية والمالية، لكنه شاب سياسات الأمم المتحدة تجاه هذه الأزمة عدد من الجوانب السلبية.
وبحسب الدراسة، فقد كان بإمكان الأمم المتحدة الضغط باتجاه البديل الأقل كلفة، والمتمثل في نقل النفط إلى شاحنة وبيعه، إلا أن سياسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كانت أكثر ليونة، لا سيما في المرحلة الأولى التي ظهرت فيها أزمة “صافر”.
وأشارت الدراسة، أن الأمم المتحدة ركزت على نزع فتيل القنبلة المؤقتة التي كان يمثلها خزان “صافر” المتهالك، والحيلولة دون حدوث السيناريو الأسوأ المتمثل في تسرب النفط أو حدوث انفجار في الخزان، وقد تحقق هذا جزئيا من خلال نقل النفط إلى الخزان العائم الجديد “اليمن”، إلا أن هذا لا يعني أن المشكلة قد انتهت، مضيفة إلى أن بقاء الناقلة الجديدة بكميات النفط التي عليها يمثل قنبلة موقوتة جديدة.
وحذرت الدراسة، من أن بقاء الناقلة في ساحة حرب يجعلها عرضة لمقذوف ناري، سواء بطريق الخطأ أو بشكل متعمد، وهذا السيناريو الأخير وارد خصوصًا في حال حدوث تحول عسكري كبير لصالح الحكومة الشرعية؛ فقد أشارت تقارير إلى أن الحوثيين هددوا باستهداف الناقلة عند اقتراب القوات الحكومة الشرعية، المسنودة من قبل “التحالف العربي”، من مدينة الحديدة، عام 2018م.
وقالت الدراسة، إن الأمم المتحدة افتقرت لنهج الحل جذري والدائم مع خزان “صافر”، فمن المتوقع أن يتعرض الخزان الجديد “نوتيكا” لتهالك أسرع من خزان “صافر”، في ظل معلومات عن أنه لم يتبق من عمرها الافتراضي سوى خمس سنوات، وفي ظل ارتفاع الملوحة والأحوال المناخية في منطقة رسوه بشكل دائم.
وكشفت الدراسة، أن تكلفة نقل النفط من على خزان “صافر” تطلب مبلغًا يقترب من (148) مليون دولار، وهو لا شك مبلغ لا يقارن بحجم الضرر الذي كان سينجم عن سيناريو تسرب النفط أو انفجار الخزان، لكن هذه التكلفة تنطوي على مبالغة كبيرة، ويعود جزء من هذه المبالغة إلى نهج الأمم المتحدة في التعامل مع مثل هذه القضايا، وإلى تعدد المنظمات الفرعية المشاركة في العملية، وإلى مستوى الإجراءات التحوطية المبالغ فيها لإمكانية تسرب النفط، وكيفية التعامل معه إذا ما حدث.
وأوضحت أن الميزانية كانت في حدود ما يعادل (144) مليون دولار، و”لكن سرعان ما ازدادت المبالغ المستحقة مع ارتفاع تكاليف ناقلات النفط العملاقة، وجراء عوامل أخرى، لتصل ميزانية مرحلة الطوارئ الحالية إلى (129) مليون دولار، فيما تتطلب المرحلة الثانية (19) مليون دولار، وبذلك يبلغ إجمالي التكلفة (148) مليون دولار.
وانتهت الدراسة الى خلاصة دعت الأمم المتحدة والوسطاء الدوليين الى مواصلة العمل على مسار عاجل تقود فيه الأمم المتحدة الجهود الدولية للضغط على الأطراف اليمنية للتوافق على صيغة ما تضمن بيع النفط المتواجد على الخزان الجديد “اليمن”، وصرف عائداته لصالح الشعب اليمني المتضرر من الحرب.
كما أوصت الدراسة، على المدى المتوسط توظيف النجاح في التعامل مع أزمة “صافر” لتكون محفزًا للتفاوض حول مسار إعادة تصدير النفط، في إطار تسوية سياسية أوسع، يلمس اليمنيون فوائدها، وتحدث انفراجه في الأزمة الإنسانية التي يعانون منها.