سيناريوهات الصراع على النفوذ

النفوذ في اليمن سيحسم في النهاية لصالح السعودية، لكن ما يحصل بين الرياض وأبوظبي حاليا في اليمن غامض جدا، ولا نستطيع توصيفه بأنه صراع على النفوذ في اليمن، رغم حسم الإمارات للخلاف السابق في عدن وسقطرى وشبوة لصالحها ظاهرا، وإذا تتبعنا ما يحصل في حضرموت سيضعنا أمام سيناريوهات مختلفة.

سنستبعد هنا سيناريو تفوق الإمارات على السعودية في حسم الصراع على النفوذ في اليمن، كونه سيناريو يضع السعودية في حالة ضعف، بينما الواقع يقول أنها الدولة الوحيدة المتغلغلة في بنية الشعب اليمني وتفهم تعقيدات الأرض والإنسان هناك، ولديها الإمكانيات ما يجعلها تغير الموقف على الأرض كما تريد، لكن في الأخير نضعه هنا كسيناريو وإن استبعدنا حصوله.

يأتي السيناريو الثاني وهو افتراض وجود التنسيق العالي جدا بين الدولتين الشريكتين في التحالف، في كل الأحداث السابقة، وهذا السيناريو قد يكون لإرباك المجتمع الدولي وإيران الداعمين لبقاء الحوثي قوة مهدد لنفط الخليج، لكن هذا السيناريو يضع اليمن على حافة التقسيم، ويغير الوضع الداخلي لصالح قوى جديدة يتم تصعيدها وكسب ولاءاتها على حساب القوى التقليدية، ما يديم الصراع في اليمن وينقل الحروب إلى داخل دول الخليج.

أما السيناريو الثالث والذي أعتبره ضعيف، هو أن التنسيق بين السعودية والإمارات غير موجود على مستوى المؤسسات فيما يتعلق بقضايا الصراع في جنوب اليمن، لكن موجود في نطاق غرفة عمليات عليا وبإطار ضيق جدا، ربما على مستوى أميرين فقط، لكن ما هدف هذا التنسيق الضيق إذا هو فعلا موجود؟

فإذا افترضنا هذا السيناريو الضعيف صحيحا، سيكون الهدف مزدوجا، وهو إزاحة إيران من مناطق النفط والساحل الجنوبي، ومنع عودة المال والنفط لأيدي مكونات مهددة للسعودية والخليج، حسب اعتباراتهم، وترتيب وضع قانوني جديد لدويلات مناطق النفط والساحل والحدود ذات حكم ذاتي تحت هيمنة خليجية، تسهل من التواجد في مياه المحيط، دون تهديدات في مضيق هرمز أو باب المندب.

هذا السيناريو الضعيف قد يضع السعودية في مكان الخصومة التأريخية لليمنين ، وهي لا تريد ذلك مطلقا ، لكن لو تحقق فعلا فيعني أن بقية مناطق الشمال غير الحدود ومناطق النفط والساحل ،  سيرتب له تقاسم مختلف بين مكونات متصارعة ، وخلق تحالفات جديدة بعيدة عن إيران في سلطة متركزة في مناطق الكثافة السكانية والفقيرة بالثروات، وأقرب المكونات هم الهاشميين والمؤتمر ، وربما يبقى الإصلاح معهما كصديق سابق مخلص فقط، وسنشهد حراكا تهاميا يملأ فراغ الساحل الغربي.

ورغم ذلك إلا أن اليمنيين يشعرون أن بلادهم أضحت بين سيناريوهين لا ثالث لهما، إما أن يحصل تغيير مفاجيء وعودة لدولة قوية من بين ركام الحرب، أو بقاء الوضع كما هو حتى التمزق والذهاب لدويلات متصارعة تتسابق في خدمة الجوار الغني والدول الكبرى.